أحيانا يدوّخنا أمر المتنقلين بين قنوات الفن والثقافة والإعلام... وتتساءل على الفور هل هم عباقرة زمانهم ؟ أم هم أعداء الاختصاص الذين يدّعون أنهم يفهمون في كل شيء؟ هؤلاء تفتح الجريدة فتطّلع على إمضاءاتهم وتفتح الراديو فتستمع إلىبرامجهم وتفتح التلفزة فتراهم ينشطون أو يقلدون أو يمثلون؟ إلى درجة أنك لو تفتح «الثلاجة» ذات مرّة لطلع أحدهم منها... وسنقصر في الحديث عن هذه الظاهرة وعن أصحاب «الصنائع السبع» من خلال أمثلة قليلة.. حيرة في التصنيف من بين هؤلاء المعنيين بالصنائع السبع سوسن معالج التي تحتار في تصنيفها فهل هي ممثلة وقد شاركت في مسلسلات وأفلام منها «رباعية خطى فوق السحاب» و»ولد الناس» و»دروب المواجهة» وهل هي منشطة تلفزية وقد شاهدناه في قناة الأفق وقناة تونس 7 وقناة 21 وربما قنوات أخرى... وهل هي مذيعة باعتبارها تنشط براديو موزاييك والمثال الثاني على تعدد الاختصاص يجسّده لطفي بندقة فهو صحافي بإحدى الجرائد الأسبوعية ومنشط في إذاعة «موزاييك» وممثل مسرحي وإذاعي وتلفزي وفي «القلابس» وفي «الكلامجية»... وهو أيضا كاتب مسرحي وربما أيضا كاتب مسلسلات وأغاني... زيادة على القلابس والكلامجية وكلام آخر... طبعا دون أن ننسى أنه «ميكانيكي» طائرات... ولا يمكن أن نغفل أيضا عن ذكر أنور العياشي في هذا الإطار فهو مساعد مخرج تلفزي وممثل ومخرج في فرقة الإذاعة وممثل وكاتب مسرحي وممثل في التلفزة.. وكان في ما مضى صحفي في الصحافة المكتوبة. فريد زمانو وعندما تطلع على هذه الحرف والمهن التي يجمعها أحد هؤلاء لوحده تحتار في أمرك؟ ويحضر بذهنك ألف سؤال منها كيف يجد هؤلاء الوقت لإعطاء كل اختصاص من هذه الاختصاصات التي يمارسونها حقها من الاهتمام والعمل الجدي... ألهذا الحد يمكن أن يدعي الواحد أنه قادر على الكتابة والتمثيل والتنشيط والصحافة.. وكل مصطلح من هذه المصطلحات هو في حدّ ذاته اختصاص قائم الذات إذ داخل الاختصاص الواحد يمكن أن نخصص أكثر من الصحافة مثلا هناك اختصاصات في الثقافة وفي السياسة وفي القضايا الاجتماعية والوطنية... ألهذه الدرجة هؤلاء هم عباقرة وموهوبون وفريدو زمانهم... الثابت أن ما لاحظناه هو العكس والمقابل لهذا الادعاء والمثل القائل «سبع صنائع والبخث ضائع» لا يصحّ في هؤلاء لأن صنعتهم قليلة وبختهم كثير... وعندنا المسألة مسألة أخلاقية أكثر منها محاسبة لهؤلاء أو تعداد وظائفهم الزائدة «للفيسك»... صحيح أن هؤلاء هم المتهمون الأوائل عن هذه الاختصاصات الكثيرة لكن وحدهم لن يتحملوا تهميش الثقافة والفن والصحافة لأن من يفسح لهم المجال ويتجاهل أصحاب الاختصاص هو الأولى بالاهتمام ويتحمل المسؤولية وعاش من عرف اختصاصه؟!