بقلم : عبد الرحمان مجيد الربيعي لأنهم لا يقرؤون ولا يفقهون ولا علم لهم بالسياسة الذكية لدى دهاقنتها في الغرب والشرق جيشوا الجيوش وأتوا بأحدث أسلحة فناء البشر وهجموا. بات من المؤكد أن كل ضابط أو جندي في جيش الغزاة يجد نفسه ممثلا في فيلم ما دامت الكاميرات مصوبة إليه. هذا الممثل يمثل فقط ودوره يتركز على القتل. وهي مهمة بسيطة ما دام يمتلك كل أسلحة الفتك وله أن يستعمل ما شاء منها إذ لا قانون يحده ولا أخلاق تمنعه. هل كانت البداية هكذا؟ نعم، انها كذلك، ودخلوا، فإذا المشهد ينقلب عليهم، لم يجدوا ما حدثوهم عنه. لم يصفق لهم أحد وان كان هناك من شيء قد رمي عليهم فهي القنابل والمتفجرات الأمر الذي جعلهم ينحشرون في دباباتهم وأحيانا يختنقون فيها. لقد بدأت مقاومة العراقيين لهم منذ اليوم الأول، وعندما أعلن بوش الابن نهاية العمليات العسكرية في العراق لم يدر أن المقاومين قلبوا معادلته وبدلا من (نهاية) خطوا بالدم الطاهر (بداية). كبرياء الغزاة خدشت وعليهم أن يردوا. ظنوا أن المقاومة ستكون في مناطق معينة سموها بالمثلث، وأطلقوا عليها صفة طائفية، كأنها تفرز بين العراقيين الذين لم يعرفوا هكذا لغة من قبل. فاذا بها تندلع في مناطق أخرى، وإذا بشبان ماردين يجرعونهم الموت والذل في مدن أخرى. انه الحريق العمراني. وانها مقاومة شعب أنهكت أكبر جيش وأعتى قوة ورسخ اسم «الفلوجة» في قاموس الشعوب المغلوبة التي ذاقت ما ذاقته على يد اليانكي المتهور الخارج على القانون. كما قفزت «النجف» و»الكوفة» و»الكوت» و»الناصرية» و»العمارة» و»كربلاء» ومدن أخرى. من ينظر الى وجود مروجي الحرب ودعاتهم اليوم سيراها على الضد مما كانت عليه في البداية انها وجوه ممتقعة، مندحرة، شاحبة. انها وجوه تصطلي بالعقاب الذي لم تتوقعه وبالضرباب التي جعلتها غطرستها العمياء لا تفكر فيها وكأنها لا تأتي لتنسكب على رؤوسهم كالقدر. هذه المقاومة ماضية، تقوى، وتترسخ انها طريق وبدونها سيظل العراق أسيرا. كل العيون مصوبة لها، العيون البعيدة تصلي وتدعو والقريبة ليس لها إلا أن تكون فيها. من المؤسف جدا ووسط هذا التأجج الدافق وبعد صمت الأتباع وخرسهم أن نجدهم يتحركون فالنار وصلتهم ولم يبق لهم إلا أن يهربوا أو ينطلقوا بكلمات الفزع الأخير قبل نهايتهم. أقول وسط هذا كله تبدأ الأصوات الناشزة بالظهور. ناطق باسم عضو مجلس بريمر يقول : على قادة جيش المهدي أن يحلوه فهو غير شرعي! والسؤال : من هو الشرعي اذن؟ جيش الاحتلال؟ الأتباع الذين لا يخجلوا من الاعتراف حتى بالمبالغ التي يتقاضونها لقاء عمالتهم؟ وأقول : صدقوني، ان هذه الوجوه لا نعرفها، لم نسمع بها، لم نرها وجدناها أمامنا كأن الاحتلال لم يأت إلا ومعه هذه العدة المغشوشة المباعة بثمن بخس مهما كان. وامرأة ذكر أنها ناشطة في حقوق المرأة، وهي الأخرى لم نعرفها، أين كانت؟ وماذا تمثل؟ هذه المرأة استكثرت على امرأة عربية بكاءها، استكثرت عليها دموعها من أجل الأطفال والأمهات والشيوخ الذين مزقتهم القنابل في الفلوجة عندما كانت تتصل باحدى الفضائيات العربية. هي وقاحة العملاء الصغار الذين ظنوا أو يظنون انهم بمنأى عن العقاب، ولعل الأفظع في كل هذا ما سمعته من اذاعة تسمى اذاعة العراق الحر تبث من براغ بتمويل من المخابرات الأمريكية على لسان من سمته رئيس برلمان كردستان إقليم أربيل (جماعة البرزاني وخاله هوشيار) عندما سئل عن المقاومة العراقية فاحتج وقال : هؤلاء خارجون عن القانون وقتلة ومجرمون وليسوا مقاومة : لقد قدم قائمة بهذه الأوصاف الهابطة الوسخة التي نطق بها لسانه، ولعل السائل يسأله : أي قانون هذا الذي خرجوا عليه، ومن هو المجرم القادم من وراء البحار هو ورهط من عملائه؟ أم المواطنون الشرفاء الذين يحسون بالاهانة لما لحق بوطنهم ان لم يجتثوا منه الاحتلال وعملاءه؟ ثم ألم تكن عصابات «البشمرغة» خارجة دوما على قانون الدولة المركزي؟ وحوّلها زعماؤها العشائريون الى بنادق للايجار يقلقون بها النظام المركزي في بغداد في كل مراحل الدولة العراقية الحديثة... الملكية والجمهورية. ربما كان هذا الشخص الذي لم أذكر من اسمه إلا (روج) في حالة انهيار وهو يرى ما يحصل لأسياده الأمريكان الذين جعل فتية وفتيان الأكراد يرقصن لغارنر أول مندوب للاحتلال ظنا منه ومن زعمائه وبيشمرغته أن عهدا آخرا سيكون لهم. ان العراق لمن يحرص عليه لمن يذود عن حماه فيموت شهيدا، من جعل بوش الابن يقف مشدوها ويعد بأن يرسل المزيد من قواته للعراق وهو الذي أعلن من قبل نهاية العمليات وامتثال العراق له.