يقبل الاتحاد الأوروبي يوم السبت غرّة ماي المقبل على التوسعة الخامسة في تاريخه الذي يمتدّ على 54 سنة وذلك بانضمام 10 بلدان جديدة من أوروبا الوسطى والشرقية والتي كانت في معظمها منتمية الى المسعكر الشرقي السابق. وسيتيح هذا التوسع للهيكل الأوروبي الموحد واضافة الى الترفيع في عدد دوله الى 25 دولة التمتع بحدود جديدة والرفع من عدد سكانه الى 450 مليون نسمة، في انتظار التوسعة القادمة خلال السنوات القريبة المقبلة والتي ستشهد تباعا انضمام بلغاريا ورومانيا وربما تركيا بعد ذلك، وهو ما يرشح الاتحاد الأوروبي ليكون عملاقا اقتصاديا في محيطنا وفي العالم. التوسعة المرتقبة خلال الأيام القادمة ستشهد انضمام عشرة بلدان في معظمها أصغر من تونس حجما وسكانا وتفتقد في غالبيتها مثل تونس الى موارد طبيعية مهمة وهي قبرص وأستونيا والمجر وليتونيا وليتوانيا ومالطا وبولونيا وتشيكيا وسلوفاكيا وسلوفينيا. انعكاسات فما هي انعكاسات هذه التوسعة الجديدة للشريك الاقتصادي الأول لبلادنا على الاقتصاد الوطني وما هي القطاعات التي يمكن أن تستفيد من هذه التوسعة وما هي القطاعات التي قد تتضرّر؟ وقبل الاجابة عن هذا السؤال الهام وجب التأكيد على تفاوت هذه البلدان العشرة التي ستنضم للاتحاد من حيث مستوى النمو وارتباط تجارتها الخارجية (توريدا وتصديرا) معه ودرجة الانفتاح علي الاقتصاد العالمي. واجماليا تتراوح نسبة الارتباط التجاري والاقتصادي بالاتحاد الأوروبي لدى البلدان العشرة بين 52 و75 وهو ما يعني أن تونس الى حدّ الآن أقوى منها حضورا لدى الاتحاد باعتبار أن سوقه تمثل قرابة 80 من المعاملات التجارية التونسية. وفي المقابل فإن أغلب اقتصاديات هذه البلدان تقوم على الصناعات المعملية وخاصة في الأنشطة الكهربائية والالكترونية والميكانيكية والصناعات الكيمياوية والصيدلية والأخشاب والصناعات الغذائية وتجهيزات النقل والتجهيزات الكهرومنزلية. في مأمن وتبدو الصادرات الفلاحية في مأمن رغم وجود دول لها نشاط فلاحي قوي 60 من الأراضي و20 من السكان في بولونيا) وأكثر من 30 في سلوفاكيا باعتبار أن الصادرات الفلاحية التونسية غير موجودة بكثافة في هذه البلدان مثل القوارص والتمور وزيت الزيتون التي قد تستفيد من توسع السوق. وفي المقابل فإن قطاعات الصناعات الكهربائية والميكانيكية وخاصة مكونات السيارات التي تعتبر قطاعات واعدة وتتميز بدرجة نمو هامة تبدو مرشحة للتأثر مثلها مثل الالكترونيك والتكنولوجيا المتقدمة نظرا لأن الدول الأوروبية الجديدة تعوّل على هذه القطاعات التي تشهد نموا متزايدا اضافة الى توفر يد عاملة مدربة ومتكونة جدا بها وهو ما يجعل انتاجها أكثر تنافسية داخل بلدان الاتحاد اضافة الى اكتسابها أولوية في استقطاب المشاريع التي تغادر البلدان القديمة في الاتحاد والباحثة عن يد عاملة متكونة ورخيصة في محيط جغرافي قريب. وضعية صعبة هذه المنافسة قد تتأتّى من المجر وتشيكيا وسلوفاكيا التي أصبحت تمثل أقطابا في قطاع صناعة السيارات ومكوناتها وقطع غيارها وأصبح بعضها يحقق فائضا مع بلدان الاتحاد في عديد الأنشطة وخاصة بالنسبة لقطع الغيار. وفي المقابل قد يتضرّر قطاع النسيج (44 من الصادرات) ابتداء من السنة القادمة اذ اضافة الى تضرره المنتظر من تفكيك الاتفاقيات متعددة الألياف وإلغاء نظام الحصص عند التصدير وهو ما يجعل قرابة 70 من مؤسسات النسيج مهددة اذا لم تتدارك الوضعية فإنه قد يتضرر كذلك من المنافسة الأوروبية التي تتأتى حاليا من استونيا ولتوانيا وبولونيا وهي المرشحة للتطور بانضمام رومانيا وبلغاريا في أفق 2007. استفادة السياحة ويتوقع المراقبون أن تستفيد السياحة التونسية والقطاعات المرتبطة بها خلال السنوات القادمة بعد انضمام بلدان أوروبا الشرقية والوسطى التي أصبحت منذ سنوات قليلة أسواقا واعدة للسياحة التونسية تدعم الأسواق التقليدية لأوروبا الغربية. مصدر هذا التفاؤل يرتبط أساسا بالتحسّن المتوقع لمداخيل ومستوى عيش مواطني هذه البلدان الحديثة العهد بالانضمام واقترابها الى المعدل الأوروبي في السفر والسياحة بالخارج.