أقل من خمسين يوما، تفصل رجال الدفاع عن تجديد هياكلهم الرسمية مجلس الهيئة الوطنية ومجالس الفروع الجهوية الثلاثة. وليس هناك ما يشير إلى الحدث غير بعض اللقاءات الجانبية لتبادل الآراء خلافا لما ميّز كل الحملات الانتخابية الماضية. الأماكن المخصصة للتعليق في بهو المحامين بقصر العدالة بتونس فارغة إلا من بعض بيانات الهياكل وبلاغات متفرقة، قاعة مكتبة رجال الدفاع لفها الصمت والسكون، مقر الجمعية خلا من الوجوه المعتادة في مثل هذه المناسبات. جل الذين عبروا عن رغبتهم في خوض سباق الانتخابات مازالوا في انتظار بعضهم البعض، ومازالت المبادرة غائبة. آخر من أعلن رسميا رغبته في الترشح للعمادة الأستاذ رضا الأجهوري عضو مجلس الهيئة حاليا. لينضاف إلى قائمة من أعلنوا ذلك وهم الأساتذة عبد الستار بن موسى والعميد البشير الصيد وابراهيم بودربالة وبديع جراد وعبد الرؤوف العيادي، فيما لايزال الأساتذة الياس القرقوري وعبد الجليل بوراوي وجمال الدين بيدة ومحمد المكشر، مواضيع جدل واحتمال، والغالب أن يعدل العميد السابق عبد الجليل بوراوي عن الترشح حسب بعض المراقبين، لفشل مبادرة الاجماع التي قدمت أخيرا، ولدعوة بعض زملائه عدم المغامرة والبقاء خارج السباق للمحافظة على الصورة الايجابية التي خلفها في أذهان من عايشوه. لكن الاشكال الذي أصبح يتردد خلال الأيام القليلة الماضية، ليس في من سيترشح ولماذا، بل في سبب العزوف الظاهر بوضوح من عموم المحامين عن الانتخابات والدعاية وتفاصيلهما.. حتى ان محاميا ممّن «أدمنوا» الترشح قال «سوف لن أتقدم هذه المرة لكي لا أحصل على عشرين صوتا» في إشارة منه إلى حالة الغزوف التي أصبحت عليها القاعدة الانتخابية لعموم المحامين وأضاف: «لم أعد أهتمّ بمسألة تجديد الهياكل والانتخابات، بقدر ما أصبح اهتمامي بلقمة العيش ومورد مكتبي». ولا يختلف المراقبون والمعنيون والمترشحون والمتابعون... عن «برودة» الحملة الانتخابية لهذه الدورة، ويرجح البعض ذلك إلى استفحال الأزمة المادية في صفوف المحامين وإلى احتكار بعض هياكل المهنة لكل تفاصيل النشاط والموقف ولم يعد رجال الدفاع شركاء لهياكلهم في هموم ومشاغل المحامي. غير ان هذه المعاينة العامة، قد لا تعكس حقيقة ما يمكن أن يحدث، إذ من المحتمل أيضا أن «تشتعل» الحملة في موفى شهر ماي، ولكن ذلك لا يمنع من القول بأن العزوف عن نشاط الهياكل أصبح ميزة ظاهرة وجلية، وهو ما يشرّع للتساؤل عن المستفيد من حالة الصمت الراهنة، فالصمت في أحيان كثيرة لا يبقى على الحياد.