لم يعد يفصل رجال الدفاع عن أهم موعد لأحداث مهنتهم وهو تجديد الهياكل غير تسعة أيام، فالرهان موضوعه العمادة وسنده مجلس الهيئة الوطنية يتسابق فيه محاميا منهم عشرة على منصب العميد فقط. المترشحون رسميا للبحث عن أصوات زملائهم من أجل التتويج عميدا هم الاساتذة عبد الستار بن موسى الرئيس الحالي لفرع تونس والبشير الصيد العميد الحالي وعبد الجليل بوراوي العميد السابق ومحمد المكشر رئيس فرع تونس سابقا وابراهيم بودربالة رئيس فرع تونس الاسبق ومحمد رضا الاجهوري عضو مجلس الهيئة الوطنية والياس القرقوري رئيس فرع صفاقس وجمال الدين بيدة عضو مجلس الهيئة سابقا، وعبد الرؤوف العيادي عضو مجلس الهيئة الوطنية وبديع جراد الذي لم يسبق له تحمل اي مسؤولية في هياكل مهنته، فيما بلغ عدد المترشحين لعضوية مجلس الهيئة محاميا، في انتظار ان يلتحق بمن سيفوز منهم رؤساء الفرع الثلاثة وكتابها العامون. **الاستقطاب الانتخابي يلاحظ المتابع للمشهد الانتخابي في مهنة المحاماة ان الاستقطاب يتم مبدئيا على خمس واجهات أفقية وهي الجغرافي الجهوي والسياسي ثم الثقافي والمهني وأخيرا الذاتي، وعلى واجهة عمودية وهي المتعلقة بالانضباط الانتخابي. بالنسبة الى الاستقطاب على الأساسي الافقي فإن لكل مترشح قاعدته الانتخابية الموزعة على الأساس الجغرافي، ومثل ذلك استئثار الاستاذ عبد الستار بن موسى بعدد هام من الأصوات الوافدة من الشمال الغربي، واستئثار العميد البشير الصيد بأهم نسبة من أصوات الجنوب باستثناء جزء كبير من جهة صفاقس الذين قد يختارون مرشحهم الاستاذ الياس القرقوري، كما يتمتع العميد السابق عبد الجليل بوراوي بنسبة هامة من أصوات فرع سوسة وما تبعه. أما الواجهة السياسية فإن مكوّنات المهنة التقليدية وهي التجمعيون واليساريون والقوميون، سيسعى كل طرف الى الاستقطاب على أساس التعبئة الايديولوجية رغم الانقسامات الواضحة داخل كل مجموعة، فيما يعتبر العامل الثقافي عنصرا جديدا ينضاف الى المشهد الانتخابي، اذ تشكلت مجموعة محدثة يمثلها ما يمكن وصفهم بالفرنكفونيين ويمثلهم أساسا الدارسون بفرنسا والمتشبعون بثقافة روسو، ويبدو ان أصواتهم التي تقارب محاميا، موزعة بين عبد الجليل بوراوي وعبد الستار بن موسى. ثم العامل المهني اذ تتمسك نسبة هامة من رجال الدفاع بالتصويت على الأساس المهني والعلمي وهي تصب جلها لفائدة رضا الاجهوري الاستاذ الجامعي والباحث المعروف داخل الفضاءات الاكاديمية والمهنية. كما يبقى العنصر الذاتي محددا في العملية الانتخابية اذ يحتفظ جل المترشحين بعلاقات شخصية مع عدد من زملائهم فضلا عن معطى الاعجاب ومثل ذلك شبكة العلاقات الواسعة التي ربطها الاستاذ ابراهيم بودربالة مع المحامين الذين يصنّفون أنفسهم ضمن التيار المهني. **هل تقع المفاجأة؟ أما ما يمكن وصفه بالاستقطاب العمودي فهو مستند أساسا الى «الانضباط» في التصويت سواء بالاستناد الى الاطار السياسي او الى الارتباط ضمن شبكة مصالح مركزها هياكل المهنة، اذ تحققت خلال المدة النيابية المتخلية روابط بين هيكل العمادة وعدد من المحامين الذين تحققت مصالحهم بالبقاء في فلكها. ورغم هذه العوامل ذات التأثير المتعدد فإن ما يمكن ان يعرف «بالعدول الانعراجي» في مجال بعض الابستيميات العلمية، قد يكون الطفرة التي تحول الوجهة الانتخابية جذريا، وهي أساسا مسألة التصويت الاحتجاجي (vote de sanction) لذلك فإنه بالارتكاز الى كل هذه العوامل والمعطيات فإن جل المترشحين تبقى حظوظهم وافرة، الا انه يمكن قراءة تفاصيل وجهة الأصوات المفترضة التي قد تشير مبدئيا وضمن دائرة الاحتمال لا غير الى احتمال تمتع خمسة مترشحين بأغلب الأصوات مع توقع انسحاب مرشح او اثنين لفائدة احد زملائهم مثلما هي الحالة في الانتخابات الفائتة عندما تخلى الاستاذ جمال الدين بيدة لفائدة العميد منصور الشفي لذلك لا يستبعد المتابعون عنصر المفاجأة.