في الوقت الذي تشكو فيه السينما التونسية هذه الأيام وتحديدا فيلم «دار الناس» الذي يعرض حاليا في القاعات، من استقالة الجمهور ونفوره منها، تلاقي السينما الأوروبية منذ انطلاق أيامها أو تظاهرتها يوم الأربعاء قبل الماضي في قاعة «المونديال هاني جوهرية» بالعاصمة اقبالا جماهيريا مذهلا، فاجأ أصحاب القاعة ذاتهم. ولعل ما يلفت الانتباه في هذه التظاهرة، الى جانب كثافة الاقبال، تواجد فئة أو نوعية خاصة من الجمهور من السلك الديبلوماسي الأوروبي.. ففي عرض الافتتاح كان من بين الحاضرينالذين تابعوا فيلم «الشقيقتان التوأم»، سفير فرنسابتونس. وخلال عرض فيلم «الحب المعاصر» في سهرة السبت 24 أفريل، حضر سفير انقلترا. وفي سهرة الاثنين 26 أفريل «شوهد سفير ايطاليا يقتطع تذكرته بنفسه لمشاهدة شريط «القلب بعيدا». سفراء في السينما وتستقطب قاعة المونديال منذ انطلاق التظاهرة، وخصوصا في الحصص الليلية التي لم تكن تجلب سوى نفر قليل، أعدادا غفيرة من المتفرجين الأوروبيين والتونسيين كذلك.. ويؤكد مدير القاعة أنه لم يشهد مثل هذا الاقبال، وخصوصا في الحصص الليلية، إلا في أيام قرطاج السينمائية.. ويضيف: «ان هناك نوعية مختلفة من الجمهور، بدأت تتوافد على القاعة منذ انطلاق أيام السينما الأوروبية، وأغلبها من الجالية الأوروبية المقيمة في تونس، وأعضاء السلك الديبلوماسي الأوروبي.. ويؤكد أنه لمح في أكثر من مرة سفراء أوروبيين يقتطعون تذاكر الدخول الى القاعة، ويجلسون الى جانب المتفرجين بلا «بروتوكولات».. ويعترف مدير القاعة، أن الايرادات التي سجلها منذ بدء التظاهرة ولم يبلغها حتى في عروض أفلام عادل إمام، رغم أن سعر التذكرة بالنسبة للأفلام الأوروبية هو دينار واحد. اتحاد الثقافات الأوروبية وتكشف هذه التظاهرة، أن جمهور السينما في تونس لم يختف، وإنما الأفلام الجديدة والجيدة فنيا، هي التي اختفت من القاعات، وعوضتها الأفلام التجارية التي لم تعد بدورها تستقطب جمهورا ورغم أن جمهور هذه التظاهرة يبقى استثنائيا، أغلبه من الأوروبيين والديبلوماسيين الغربيين المتعطشين لأفلام بلدانهم، يمكن للموزعين وأصحاب القاعات أن يحافظوا عليه بجلب الأفلام القادرة على شده وإطفاء عطشه.. كما يمكن تنظيم تظاهرات سينمائية مشابهة، للسينما العربية الجادة، لعل السلك الديبلوماسي العربي يسير هو الآخر، على خطى السلك الديبلوماسي الأوروبي، ويساهم في تنشيط القاعات والحياة الثقافية عموما. ويبدو من خلال هذه التظاهرة، أن فكرة الاتحاد الأوروبي، ليست مفهوما سياسيا واقتصاديا فحسب يحرص الأوروبيون على تجسيمها في حدود أوروبا فقط، وإنما هي نظرية ثقافية تعمل كل الدول في الاتحاد، على تطبيقها، سواء داخل أوروبا أو خارجها، والدليل اجتماع كل الديبلوماسيين والجاليات من مختلف دول الاتحاد، من أجل تنشيط وانجاح أيام السينما الأوروبية في تونس، ونشر ثقافة دول الاتحاد.