من قال ان الجنود الامريكيين يطلقون النار عشوائيا... من قال انهم يصيبون المدنيين خطأ.. من يصدق ان قتل الصحفيين هنا وهناك غير متعمد... الجيش الذي يفاخر بالدقة والقتل الالكتروني لا يخطئ الا متعمدا... عندما تقصف الطائرات حيا في الفلوجة وتخلط لحم الاطفال بالطوب فإنها في الواقع تهدف الى طرد العيون الجريئة... عيون الصحفيين حتى تتم المجازر بلا جمهور... بلا شهود... قوة الجيش الامريكي ليست في السيطرة الجوية فحسب ولا في القوة النارية الدقيقة لصواريخها... قوتها تبدأ اساسا بكتيبة الصحفيين «المجندين» وبفيلق السنمائيين.. لقد باعوا الحرب على العراق للعالم وفق سيناريوهات معدة سلفا وباخراج مسرحي سياسي واخراج سينمائي جماهيريا...و كان من اهم مستلزمات الحرب احتكار الصورة... حتى لا تعوداخطاء حرب فيتنام... لهذا ابتدعوا شعار الحرب النظيفة... لأنها بلا صور والحال ان الحرب دوما قذرة فما بالك اذا كانت ظالمة وحاقدة وجشعة... لهذا كله فإن الإدارة الامريكية الغارقة في الوحل العراقي وتتكبد الخسائر تلو الخسائر لم تشك في قدراتها العسكرية ولم تعترف بقدرات المقاومة بل وجهت التهم... الى الجزيرة والعربية... الى الصورة التي تنقل الواقع: فظاعة ووحشية المارينز وبسالة المقاومة... مشكلتها ليس في عدد صناديق قتلاها وانما في صور الصناديق.. مشكلتها ليست في حرق الابرياء وانما في صور كمهم المتناثر... خسرت امريكا حرب الصور... آخر ما ظهر سيزيد حتما من احباط بوش الذي اعلن نهاية الحرب قبل سنة انجزنا المهمة هكذا قال... ها هي المقاومة اعلنت حرب المائة سنة وهكذا فعلوا... آخر ما ظهر صور لما يتعرض له المساجين العراقيون على ايدي الجيش الذي جاء بالحرية والأمان... تعذيب بالكهرباء واغتصاب جماعي للمساجين كل هذا وسط ابتهاج ونشوة عسكر الحرية... عسكر بوش... حتى الجنديات اخذن صورا بجانب عراقيين عراة تماما معلقين من اطرافهم... صور العار هذه جالت العالم بأسره على الانترنات... وعرضتها اغلب التلفزات العالمية... من كان يتصوّر ان الدرس الاول في الديمقراطية على طريقة اليانكي يبدأ بالفاحشة... ارضا وعرضا.. ومازال العرب يستجدون شهادة «حسن السلوك» من هذا الذي يصنع من جلودهم نعالا لفرقة الخيالة.. انها صورة من أيات التنكيل... الديمقراطي.