بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسي العراقي صلاح المختار يكشف: عام 2001 أطلق صدام مقولته...«أمريكا ستغزو العراق وحربنا ستبدأ بعد ذلك»
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

لماذا غزت أمريكا العراق؟ وماذا حدث في معركة المطار الشهيرة؟ وما هي خسائر المارينز في تلك المعركة الحاسمة؟ ومن الذي ساهم في سقوط بغداد بتلك السرعة الرهيبة؟
في الواقع أسئلة عديدة مازالت تخامر المواطن العربي دون أن يظفر باجابات شافية أو ضافية لها من شأنها أن تعرّي الحقائق أمامه، وتجعله يعرف الأسباب الحقيقية وراء تلك الحرب القذرة التي خاضتها أمريكا دون أي وجه حق ودمرت من ورائها حضارة عربية وإنسانية وتسببت في خراب بلد آمن ومستقل هو العراق الصامد ولفهم ما حدث وما سيحدث تنشر «الشروق» هذا الحديث العميق للسياسي العراقي المعروف صلاح المختار الذي يجيب من خلاله بحكم موقعه ومركزه سابقا في حكومة صدام عن الأسئلة الحائرة؟
والمعلوم ان الأستاذ صلاح المختار شغل منصب أمين عام مساعد للجامعة العربية في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات كما تقلد مناصب اعلامية ودبلوماسية خاصة من بينها خطة مدير صحيفة الجمهورية العراقية ومنصب سفير للعراق لدى الهند. وفي ما يلي نص الحديث:
* هل تقدمون لنا فكرة عن كيفية بدء المقاومة العراقية ؟
دعني أولا أوضح حقيقة غابت عن أذهان كل من تحدث عن المقاومة، سواء بالاعتماد على مراجع موثوقة أو بدون ذلك، وهي أن هؤلاء لم يلاحظوا أن استراتيجية (حرب الشعب) أو (حرب عصابات المدن ) قد تم تبنيها والاستعداد لخوضها أثناء أزمة الكويت في عامي 1990 و1991 فلقد كان واضحا للقيادة العراقية أن الحرب النظامية ستكون الغلبة فيها، في النهاية، للقوات الأمريكية والمتحالفة معها من (28) دولة، ليس فقط بسبب التفوق التكنولوجي والعسكري المطلق لذلك (التحالف الدولي) الكبير بل أيضاً لتفوقه حتى عدديا وماديا على العراق . ولهذا تم آنذاك تدريب منظمات شبه عسكرية، كانت موجودة منذ عقود وتضم ميليشيات البعث اضافة إلى منظمات متطوعين مستقلين، على خوض حرب عصابات المدن ووزعت أسلحة متوسطة وثقيلة على أفراد تلك التنظيمات، وقسمت المهام والمسؤوليات بين كوادر الحزب والدولة، (على أساس أن حزب البعث كان هو قائد الدولة)، بحيث تم تأمين قيام مقاومة شعبية مسلحة حيثما انهارت قطاعات الجيش. وفي إطار هذا الإعداد تمت أيضا تهيئة أقسام مهمة من الجيش العراقي بجميع صنوفه القتالية، لتمارس حرب عصابات حتى أثناء خوض الحرب النظامية، لكن إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) إيقاف إطلاق النار من جانب واحد يوم 28 2 1991 لم يتح الفرصة لحصول حرب عصابات مدن في العراق .
وفي هذا السياق يجب أن نذكر أن أول من اعترف بلجوء العراق إلى استراتيجية حرب عصابات المدن هو بوش (الأب)، إذ إنه تعرض لانتقادات كثيرة من قبل الديمقراطيين بعد خسارته الانتخابات واستلام بيل كلنتون الإدارة، وقال أثناء مقابلة مع قناة السي إن إن عام 1994 : لقد اوقفت اطلاق النار من جانب واحد، لأنني ادركت أن صدام حسين كان قد اعد لخوض حرب عصابات مدن ضد جيشنا في مدن العراق لو غزوناها.
وفي عام 2001، وبالتحديد بعد وصول جورج بوش الصغير للإدارة واعتماده على (المحافظين الجدد) توصلت القيادة العراقية إلى قناعة واضحة وتامة بأن غزو العراق قادم ولهذا أطلق الرئيس صدام حسين مقولته الشهيرة (ستغزو أمريكا العراق وستبدأ حربنا بعد ذلك)، وثمة أسباب وراء الوصول إلى هذه القناعة، فقد قدمت القيادة العراقية تنازلات مهمة وجوهرية من أجل توفير المناخات الضرورية لرفع الحصار، ومع ذلك اصرت الإدارة الأمريكية على ابقائه رغم آثاره الكارثية، والتي تمثلت، أسوؤها على الاطلاق، في موت 1.8 مليون عراقي نتيجة سوء التغذية ونقص الدواء والتلوث الناجم عن تدمير البنية التحتىة والخدمات أو عن استخدام اسلحة محرمة مثل اليورانيوم المنضب .
وكان الإصرار على حرمان العراق من شراء أي شيء خارج نطاق بعض الدواء والغذاء، مؤشرا خطيرا إلى نية كانت واضحة وهي استنزاف طاقات العراق المادية والعسكرية والمعنوية ثم الاجهاز علىه وتدميره بأقل الخسائر الأمريكية، بعد أن يفقد العراق مقومات الصمود الأساسية.
وحينما وقعت أحداث (11 سبتمبر 2001) تعززت قناعة القيادة العراقية بأن الغزو قادم لا محالة وجاءت الدراسة الاستراتيجية التي أعدتها المخابرات المركزية الأمريكية حول توقعاتها لربع القرن القادم لتؤكد أن الغزو حتمي، لأن الدراسة عبرت بوضوح تام عن وجود مشكلة خطيرة وهي أن حاجة أمريكا للطاقة ستتضاعف، في حين أن موارد الطاقة النفطية تنضب والآبار العملاقة تشيخ خصوصا في السعودية، وزاد القلق الأمريكي بملاحظة أن ربع القرن القادم بين(2002 -2025) سيشهد صعود الصين والهند المقترن بجوع نفطي هائل لهما لن تشبعة الا منطقة الخليج العربي، وهكذا أصبح موضوع النفط من بين أهم وأخطر تحديات الأمن القومي الأمريكي، وهنا برزت (عقدة العراق)، فمقابل تراجع قدرة السعودية الانتاجية (نتيجة وصولها الحد الاقصى) وشيخوخة آبارها العملاقة، وهي المصدر الأهم للنفط، برز العراق بصفته الحل الوحيد لهذه المشكلة المركبة والمعقدة، لأنه ليس مالك ثاني أكبر احتىاطي نفطي بعد السعودية، التي يبلغ احتىاطيها النفطي 220 مليار برميل، بل هو الأول طبقا لتنقيبات ومسوحات أجرتها وزارة النفط العراقية في النصف الأول من التسعينيات، حيث تبين أن احتىاطي العراق المقدر يتراوح بين 250-300 مليار برميل، وهناك مناطق لم تستكشف بعد مثل المناطق الغربية، لذلك أصبح حل أزمة الطاقة المدمرة والأقوى والأصعب مرهونا بالعراق وبمن يمسك بالعراق .
يضاف إلى ذلك أن ارتفاع تكلفة استخراج النفط في الدول المنتجة له، مقابل انخفاضها الهائل في العراق قد شجع أمريكا على حل مشكلة ارتفاع تكاليف الطاقة عبر غزو العراق، ففي العراق يكلف برميل النفط نصف دولار وفي السعودية دولارين، أما في باقي الدول الأخرى فيكلف ما بين 10 25 دولاراً للبرميل الواحد . وإذا بحثنا في الدوافع السياسية والايديولوجية الأمريكية لغزو العراق لا يمكن أبدا إغفال حقيقة أن مواقف العراق القومية تجاه فلسطين بقيت أصيلة وثابتة ورفضت القيادة العراقية مرارا عقد صفقة برفع الحصار بموجبها عن العراق مقابل تخليه عن معارضة ما يسمي ب (الحل السلمي) للصراع العربي الصهيوني واعترافه الرسمي، أو الواقعي على الأقل، بإسرائيل، وتخليه عن العمل من أجل الوحدة العربية، هذه المواقف العراقية والرفض الأمريكي المطلق لها وتشديد العداء بسببها للقيادة العراقية أدى إلى اقناع الأخيرة بان الغزو الأمريكي للعراق قادم لا محالة ، لذلك بدأت الاستعدادات الجدية لمواجهته منذ العام 2001 تتخذ طابع وضع استراتيجية عسكرية جديدة هي حرب عصابات المدن.
أين الجيش الكبير؟
* وماذا عن الحرب النظامية؟ كان لديكم جيش كبير هل تقرر عدم استخدامه؟
كلا كانت الخطة تقوم على إعداد الجيش بطريقة اخرى تتناسب مع التفوق الأمريكي المطلق، بجعله أداة استنزاف وعرقلة وزيادة التكلفة البشرية والمادية والمعنوية للحرب، فلربما تسبب هذه التكلفة الباهظة رد فعل أمريكي تتحكم فيه (عقدة فيتنام) فتضطر الإدارة الأمريكية لإيقاف الحرب. أما إذا لم يحصل ذلك وتواصلت محاولات غزو العراق فيجب إنهاك قوات الغزو بقدر الإمكان ثم تعريضها لعمليات حرب العصابات بعد تغيير الاستراتيجية القتالية. واعد الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص للقيام بالمهمات القتالية النظامية الأصعب والاخطر، أي مواجهة القوات الأمريكية وفق استراتيجية الحرب النظامية أي جيش ضد جيش، ولتجنب التفوق الأمريكي المطلق، خصوصا الجوي، تقرر عدم وضع قوات في الصحراء وتركيزها في مقتربات المدن ومداخلها لتكون مصدات قوية تستنزف القوات الأمريكية وتمتص زخمها القتالي ومعنويات جنودها .
ولكن بالإضافة لما تقدم، تمت إعادة تأهيل قسم من القوات المسلحة العراقية لأجل خوض حرب عصابات، عن طريق تقسيمها إلى وحدات صغيرة ( 10 15جندي) وتمركزهم عند مداخل المدن وداخلها وفي بعض القرى المهمة والتي يتحتم مرور قوات الغزو منها في طريقها إلى بغداد، وشن هجمات على العدو لارباكه واستنزافه بشريا وماديا .وجرت عمليات تكامل وإدماج المنظمات شبه العسكرية، مثل (فدائيو صدام)، مع عمل القوات المسلحة العراقية، وهذه المنظمة تعد الأفضل تدريبا على خوض حرب العصابات وشن هجمات استشهادية، سواء بتفجير النفس وسط أو قرب تجمعات العدو، أو بشن هجمات على قواته لا أمل في النجاة فيها، وتتشكل من نخبة من الشباب المتطوع الذين اختيروا بدقة. وهناك (جيش القدس) وهو عبارة عن إطار شبه عسكري لمتطوعين التحقوا به بعد الانتفاضة الفلسطينية الثانية وبلغ عدده ستة ملايين متطوع، خضعوا لتدريبات جيدة على حرب العصابات وزودوا بأسلحة خفيفة وثقيلة ومتوسطة و(مناضلو البعث)، وهم انصار وأعضاء حزب البعث المدربون والمسلحون، ومنظمات (الأمن القومي)، وهي منظمات عسكرية تضم نخبة من أجهزة الأمن العراقية وبالأخص المخابرات والأمن العام والاستخبارات العسكرية والامن الخاص، وأخيرا دربت القيادة العراقية العلىا على حرب المدن .
وفي إطار إعداد الشعب العراقي لتقبل حتمية الغزو مقترنة بحتمية التحرير كان الرئيس صدام حسين يقول في كلماته وخطبه التي بثت من التلفزيون (أن أمريكا إذا غزت العراق فسنقاتلها من بيت إلى بيت وبالمسدس الشخصي إذا اقتضي الحال).
إذن كانت الاستراتيجية العسكرية العراقية تقوم أثناء الغزو على مزيج من الحرب النظامية وحرب العصابات، وإذا تحقق الغزو تنتقل جميع قطاعات القوات المسلحة والقوات شبه العسكرية إلى حرب عصابات .
ما حدث في المطار
* وهل نجحت هذه الاستراتيجية ؟ هل صحيح أن الخيانات قد أدت إلى حصول هزيمة عسكرية وعدم قيام الجيش والحرس الجمهوري بواجبهما ؟
لقد نجحت الاستراتيجية جزئيا قي شقها الأول، أي عند حصول الغزو ونجحت كليا بعد حصول الغزو .
انتم تذكرون القدرة القتالية الاستثنائية التي اظهرها الجيش العراقي والحرس الجمهوري في أم قصر والفاو والبصرة فلقد صدم الغزاة وهم يرون أن مدينة صغيرة جدا كام قصر تقاومهم بنجاح لمدة عشرين يوما رغم التفوق المطلق للغزاة، أما في البصرة فلقد أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية والبريطانية عن تدمير الفرقة (51) وأسر قائدها اللواء الركن خالد الهاشمي، لكنه ظهر في قناة الجزيرة أثناء القتال ليؤكد إنه وفرقته ما زالا يقاتلان دفاعا عن البصرة . ولم تتقدم قوات الغزو شمالا إلا بعد قتال شرس وباهظ التكاليف بالنسبة للغزاة، ففي العمارة والناصرية والديوانية والنجف وكربلاء والكوت وغيرها، كان الغزاة مصابين بالذعر كما أكد برنامج قدمته قناة العربية عن سير المعارك تحدث فيه قادة عسكريون أمريكيون وبريطانيون أشادوا بالروح القتالية للقوات المسلحة العراقية، وأكدوا أن العراقيين كانوا يهاجمون بلا أي خوف أو تردد .
أما معركة مطار صدام الدولي فانها أكدت وبلا أدنى شك أن الحرس الجمهوري والحرس الجمهوري الخاص وفدائيي صدام والمجاهدين العرب ومقاتلي البعث كانوا متفوقين قتاليا وقد تم تحرير المطار والقضاء على كل الضباط والجنود الأمريكيين الذين تمركزوا فيه، وبلغ عددهم ألفي عسكري، وقاد تلك المعركة الفريدة صدام حسين شخصيا، حيث دخل المطار، وهو يعتلي أول دبابة عراقية تدخله وسط نار أمريكية رهيبة، وخرج فدائيو صدام والمجاهدون العرب وهم يحملون رؤوس عشرات الضباط والجنود الامريكيين الذين ابيدوا تماما في المطار وتجولوا بسياراتهم في الاحياء القريبة من المطار كالعامرية واليرموك والمأمون وهم يهتفون (الله أكبر) ويلوحون للناس برؤوس الأمريكيين.
أن هذه المعارك كانت نموذجا رائعا للروح القتالية الفريدة لدى العراقيين، لكن التفوق التكنولوجي كان بالمرصاد للانتصار العراقي في معركة مطار صدام إذ استخدمت أمريكا قنبلة تحتوي على 9.5 طن من المتفجرات الشديدة التدمير، والتي تبيد في مساحة خمسة كيلومترات كل حي، لقد القيت قنبلتان من هذا النوع على المطار فأبيدت القوة العراقية التي حررت المطار ابادة تامة، وقتل معها مئات الجنود الأمريكيين الذين كانوا قريبين من القوات العراقية . وهذة القنبلة تعادل قنبلة نووية صغيرة بتدميرها البشع، حيث كانت تبخر الجنود الموجودين في نطاق الإبادة، أما خارج هذا النطاق فانها تفحم أجسادهم وتزيل اللحم عن العظم
كذلك استخدم الأمريكيون قنابل عنقودية جديدة لم تستخدم من قبل، وهي قنابل ذكية يزن كل منها كيلوجراما ونصف الكيلو وحالما تنفتح الحاضنة وتسقط عشرات القنابل منها، حتى تبدأ كل قنبلة بالبحث الذكي عن هدف، سواء كان دبابة أو مدفعا أو شخصا فتدمره تماما ولا تخطئه أبدا، لأنها مزودة بعقل الكتروني يجعلها تتصرف ذاتيا . وكان لهذا النوع من القنابل أثر حاسم في تدمير الدروع والقوات العراقية قبل تحقيق اشتباكات كبيرة . وهناك قنبلة أخرى غير مستخدمة سابقا أيضاً تستطيع صهر الدبابة فور إصابتها وقنبلة أخرى تستطيع نسف الدبابة وتحويلها إلى نثار حديدي !
هذه الاسلحة الفتاكة دمرت القوة الرئيسية للجيش والحرس، فمثلا الفرقة العسكرية تضم بين 10 12 ألف عسكري، وبسبب استخدام هذة الاسلحة أصبح عدد أغلب الفرق يتراوح بين 400 600 عسكري! أما بسبب استشهادهم أو تدمير دروعهم بالكامل .
لذلك وبعد حصول كل هذه الخسائر البشرية الهائلة وتدمير أغلب دروع ومدفعية العراق اتخذ قرار النزول تحت الأرض وخوض حرب عصابات المدن .
ويتضح من ذلك إنه لم تكن هناك خيانات ولا تخاذل على المستويين العسكري والسياسي، كما لم تكن هناك سوء إدارة للحرب، بل كان العامل الحاسم في تدمير القوة الرئيسية للعراق هو استخدام صنوف تدميرية من الأسلحة الجديدة والتي شلت قدرة العراق على مواصلة الحرب النظامية، فبدأت الصفحة الثانية من الحرب وهي حرب عصابات المدن، والتي أدت إلى فقدان أمريكا وحلفائها زمام المبادرة وانتقالها ليد المقاومة العراقية .
الجواسيس
* هل أفهم من كلامك أن الحرب لم تتوقف يوم 9/4/2003 وسقوط بغداد؟
كلا لم تتوقف الحرب، وإنما تغير شكلها فبدلا من الحرب النظامية أصبح العراق يشهد منذ يوم 9-4 معارك على قاعدة حرب العصابات، وفي ذلك اليوم بالذات وقعت معارك طاحنة غيبها الإعلام، بين المقاومة وجيوش الاحتلال ، مثل معارك الاعظمية والدورة وحي الشعب والكرخ وجامعة بغداد . لذلك ليس صحيحا القول إن بغداد سقطت، فبغداد بقيت تقاوم وما زالت، ولو أنها استسلمت لكان ممكنا القول أنها سقطت . نعم حصلت خيانة لكن الخونة هم أولئك العراقيون الذين كانوا خارج العراق منذ عقود وهم يعدون بالمئات ودربتهم المخابرات الأمريكية على أعمال التجسس والتخريب وقد استغل هؤلاء الدعوة للتعبئة الوطنية وصدور عفو عام فعاد قسم منهم بصورة رسمية قبل الحرب ببضعة أيام أو أسابيع، أما القسم الآخر فقد تسلل من تركيا وإيران إلى شمال العراق، ومن هناك تسللوا إلى بقية العراق، وحينما ابتدأ الغزو أخذ هؤلاء ينفذون خطة استخبارية هي تحديد الأماكن المهمة سواء كانت للجيش أو لمراكز القيادة والأمن والمنشآت الاقتصادية باستخدام تليفونات (الثريا) المرتبطة بالقمر الصناعي وفي هذه الهواتف خدمة تحديد دقيق لمكان مستخدمها، وكان هؤلاء يقفون قرب المنشآت المهمة ويخاطبون مركز تنسيق الاستخبارات الأمريكية وبسرعة هائلة يتم تحديد المكان وضربه بحدود العشر دقائق . أما الطريقة الأخرى فكانت قيام هؤلاء بالقاء قرص الكتروني قرب المكان المطلوب تدميره، ويملك ذلك القرص القدرة على إرشاد الطائرات الأمريكية إلى الهدف بدقة. ولقد ألقت الأجهزة الأمنية العراقية القبض على العشرات من هؤلاء أثناء الغزو واعترفوا بما قاموا به وتم إعدامهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.