صيادو الفرص لا يعنيهم إلا الكسب السريع ونفخ الارصدة ولو بالاحتكار واختلاق الازمات... والانكى من هذا السلوك الشاذ هو انقياد المواطن العادي للوقوع في الشرك ليصبح وقودا للازمة ويساهم بسلوكه الساذج في تغذية الازمة وفي إلهاب نار الاحتكار وانتفاخ أرصدة المحتكرين... هذه الظاهرة تتكرر في رمضان وفي مناسبات مثل المولد النبوي الشريف وتحديدا مع مادة الزوو... حيث كانت هذه المادة موجودة قبل فترة وبكميات هامة وقد امكن للكثير من التونسيين الذين تنبهوا الى ضرورة اقتنائها قبل فترة التزود بحاجتهم من هذه المادة... لكن «محترفي» الاحتكار دخلوا على الخط في الايام الماضية و»شفطو» هذه المادة من السوق ليتولوا ترويجها في المسالك الموازية وبالكميات التي تضمن لهم الابقاء على الندرة وبالتالي على الازمة وبالتالي تحقيق مكاسب غير مشروعة من خلال الترفيع في الاسعار... نتيجة هذا الصنيع بدا وأن الطلب يفوق العرض بكثير وهو ما دفع الدولة من خلال الدوائر المعنية الى السعي لتوريد كميات تكفي لتعديل السوق وسد الطريق على المحتكرين. وقد جرت مفاوضات مع بلدان مثل تركيا وسوريا وايران التي توجد بها شجرة الصنوبر في مساحات شاسعة... غير أن هذه المساعي اصطدمت بحقيقة ان هذه الدول الثلاث لا تجمع محاصيلها من مادة الزوو لتبقى الحبات إما في أشجارها أو تقع أرضا وتتلف... وذلك بحكم أن استهلاك هذه المادة لا يدخل في العادات الاستهلاكية لهذه الشعوب، حيث يبقى استعمال الزوو في صنع عصيدة المولد اختصاصا تونسيا بحتة وعادة تونسية صرفة... وأمام استحالة التوريد لسد الطريق أمام المحتكرين كما خططت لذلك الدولة قبل أن يتعذر توريد هذه المادة، تبقى الكرة عند المواطن... فلو كان أقلع عن اللهث وراء الزوو والانخراط في تلك الطوابير الطويلة والاقدام على شراء الزوو بأضعاف سعره الحقيقي، لكان سدّد ضربة قاضية للمحتكرين... ولكان دفعهم دفعا الى إعادة الكميات المسحوبة الى الاسواق وبأسعارها الاعتيادية... نقول هذا لان البدائل موجودة وتتمثل أولا في الفارينة والسميد والبوفريوة وحتى الفستق (لمن وجد له سبيلا)... كما تتمثل ثانيا في إحياء المولد النبوي الشريف بطريقة أخرى تركز على جوهر المناسبة وعلى معانيها العميقة وتترك القشور واللهث وراء الازمات.