شرف لي أن أدافع عن خيار الشعب.. وأنا مع الحكومة اليوم ضدها غدا إن أساءت يحاول البعض تصوير مواقفي ضد الإعلام المسيس والمعادي للديمقراطية، باعتباره موقفا منحازا للحكومة، التي يقولون إنها تريد تدجين الإعلام. ويحذرني بعض هؤلاء من أن أكون بوصفي صحفيا، ضحية غدا لمواقفي الحالية، المؤيدة للاستبداد، كما يزعمون. حتى وصل الأمر ببعض التافهين أن قالوا إن ما أكتب يذكرهم ببرهان بسيس. لهؤلاء وأولئك جميعا أقول: لا تفتعلوا صراعا دنكيشوتيا مع أشباح لا وجود لها في الواقع.. ولا تلبسوا الحق بالباطل. فنحن لسنا من دعاة أن يتولى الإعلام التطبيل للحزب الحاكم، مهما كان، ولو كان حزبا مشكلا من الملائكة.. نحن نطالب بإعلام مهني غير مسيس، يتعامل مع التونسيين جميعا بنفس المعايير المهنية، ينقل الأخبار بحياد وموضوعية. أنا أعارض إعلاما حاد عن دوره ومهمته، وتحول إلى خلية حزبية حمقاء لا مهنية لها، ولا شيء من الروح الصحافية فيه.. إعلام بات خلية تعارض الحكومة التي انتخبها التونسيون بطريقة تافهة.. خلية مسيسة وفاسدة تحرض الناس على حكومة اختارها الشعب لقيادته، خلية غير مهنية تهمش أخبار الحكومة، رغم أنها جزء أصيل من أخبار الوطن.. هذا المنطق الحزبي المسيس للإعلام هو ما نعترض عليه ونهاجمه الآن وغدا.. نحن نطالب بإعلام مهني موضوعي عادل ومنصف وشفاف، ينتقد الحكومة عندما تخطئ، ويكشف خطأها للناس، ويؤيدها إن أصابت، ولا نريد إعلاما مسيسا يتولى إثارة الإشاعات ونشر والشبهات في كل اتجاه، حتى يمنع من اختارهم الشعب لقيادته من العمل لصالح الوطن. نريد إعلاما حرا موضوعيا ديمقراطيا كما في فرنسا أو بريطانيا أو ألمانيا.. فهل رأيتم بي بي سي أو أي قناة فرنسية تهاجم الحكومة كما تفعل وسائل إعلامنا العتيدة؟ هل رأيتم وسيلة إعلام في بلد ديمقراطي تهاجم الشعب لأنه انتخب هؤلاء ولم ينتخب أولئك؟ هل رأيتم وسيلة إعلام في أي بلد ديمقراطي ترذل حكومة بلادها وتسعى لإفشالها وتعطيلها عن العمل وتألب الناس عليها؟ هل يعقل عندكم وفي مذهبكم أن يكون تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وأداؤها القسم هو الخبر الرابع في الوطنية، في حين هو الخبر الأول في فرانس 24.. هل هذا معقول مهنيا؟ وهل قناتنا قناة إسرائيلية غير مرتاحة لفوز الإسلاميين كما هو حال القنوات الإسرائيلية؟ هل هذه هي حرية الإعلام ومهنيته عندكم؟ هل يعقل أن تقول القناة الوطنية عن زيارة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي للقصرين بأنها زيارة مستهجنة؟ من هو هذا الصحفي الذي امتلك كل هذه الوقاحة "المهنية" حتى يقول عن زيارة طاقم منتخب إنها زيارة مستهجنة؟ وأين تراه تعلم هذه الوقاحة "المهنية"؟ وهل هذه هي حرية الإعلام عندكم أيها المسيسون للإعلام، الساعون لجعله اليوم خلية في خدمة المعارضة، وغدا خلية في خدمة أحزابكم عندما تفوز بالحكم؟.. إن كانت هذه هي الموضوعية عندكم فأنا ضدها على طول الخط. أنا مع إعلام مهني حر عادل غير منحاز، ولا يهمني كثيرا بعد ذلك أدافع هذا الإعلام عن الحكومة أم وقف في وجهها.. لكنني لست مستعدا لتأييد إعلام صار خلية حزبية.. ولست مستعدا لتأييد نقيبة صحفيين تدعو منظمات المجتمع المدني للوقوف معها في وجه الحكومة، وكأنها في حرب مقدسة.. وضد من؟ ضد من انتخبهم الشعب.. لمن قال إنني أذكره ببرهان بسيس أقول: شرف لي أن أدافع عن اختيار الشعب وأن أهاجم من يهاجم خيار الشعب..