إن ما يحدث هذه الأيام على الساحة الوطنية والسياسية في تونس من تكتّل أحزاب المعارضة بعضهم مع بعض قصد التصدّي لهيمنة الترويكا ليدعونا جميعا للحيرة على مستقبل وأمن البلاد وذلك عندما نلاحظ أن هذه المعارضة تتوخى أساليب قذرة من أجل الإطاحة برئيس الجمهورية السيد المنصف المرزوقي وحكومة السيد حمادي الجبالي المنتخبين انتخابا حرا، وشفافا ونزيها. فعلى أحزاب المعارضة أن تعي أن تضلّعها في إشعال نار الفتنة واختلاق الاعتصامات بغية إرباك الحكومة وإفشالها اقتصاديا لأن هذه الأحزاب على يقين من أن الترويكا تستطيع أن تنهض باقتصاد البلاد وبذلك تُرسّخ دعائم حكمها في البلاد. وحتى يتبيّن للشعب التونسي أن هذه الاعتصامات مفتعلة وممنهجة، فالأمير القطري حين زار بلادنا فإن الهدف من هذه الزيارة كان بدرجة أولى إنعاش الاقتصاد الوطني بالاستثمارات القطرية وهو ما لم يرق للمعارضة (الزيارة ودعم الاقتصاد) معتبرة أن ذلك يوضع في خانة العمالة الأمريكية. فماذا بعد هذه المعارضة التي تقف وراء المصلحة العليا للبلاد التونسية؟ هل يأمل أصحابها في أن تأتي الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة والاقتصاد الوطني تحت الصفر، وبذلك يبرهنون للشعب التونسي أن الترويكا فشلت في قيادة السفينة التونسية نحو برّ الأمان ويتسنى لهم مجددا الحكم من جديد ولكن بديكتاتورية أقوى من التي كانت في عهد بن علي. فالظرف الحالي يستوجب من كل التونسيين ذكورا وإناثا اليقظة والالتفاف حول راية البلاد بعيدا عن أي شكل من أشكال الحسابات الضيقة والإيديولوجيات الفكرية والتشرذم والتباين في الأفكار داخل الأسرة التونسية. الشعب أراد التغيير فكان له ما أراد، وقد اختار من ينوبه من السياسيين عن قناعة وعن طيب خاطر وطواعية لا عن إكراه وكان ظنه في محله، فالجميع يعلم أن الدكتور المنصف المرزوقي هو كفاءة وطنية وقيمة ثابتة على الساحة السياسية ليس في تونس فقط بل على مستوى الدول العربية والدولية ويشهد القاصي والداني بذلك. زد على ذلك فإن للمرزوقي بُعد نظر، وقد شاهد التونسيون عبر قناة الجزيرة في برنامج الاتجاه المعاكس كيف أن هذا الرجل يتمتع برجاحة عقل ونباهة وفطنة إذ تكهن يومئذ لما سيحدث للشعوب العربية من ثورات بعد هذا الاستبداد من قبل حكامها الفاسدين. ومن مناقبه أنه أبقى على قصر قرطاج وقام ببيع بقية القصور الرئاسية ووضع عائداتها في الخزينة العامة للدولة حتى تعود الأموال بالنفع على الشعب التونسي وهذا عمل إيجابي يحسب له. ولا ننسى أن السيد المنصف المرزوقي رفض إعطاءه 30 ألف دولار كمرتب شهري لمنصب رئيس الجمهورية واكتفى بما قدره 2000 دولار. والكل يعلم كيف عالج اعتصام كلية منوبة حول النقاب واعتبر أن النقاب يدخل في خانة حرية اللباس. كما أنه أعاد الاعتبار للهوية العربية والإسلامية وذلك بلبسه البرنس التونسي ورفض أن يلبس ربطة العنق التي أصبحت رمزا للحداثة والعلمانية. إن ما قام به المرزوقي من قرارات صائبة تدعونا لأن نفخر به، فرسالة الإعلامي ليس التطبيل والإطراء ولا النقد اللاذع الذي يحبط عزائم السياسيين. إنما هو بين هذا وذاك. فيجب على رجل الإعلام أن يقول للمحسن من السياسيين أحسنت، وإذا أساء يقول له أسأت، بطريقة لا تخدش مشاعر ولا تمس من كرامة رجل السياسة. وما حدث ويحدث من جانب رجال الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة من تهكّم على رئيس الجمهورية السيد المنصف المرزوقي ونعته برئيس الجمهورية "المؤقت" يجعلنا نستاء كثيرا من كلمة "مؤقت" فهي كلمة حق أريد بها باطل، فرؤساء الدول في جميع العالم مع أنهم مؤقتين ولهم فترة أو فترتين على أقصى تقدير في الحكم لا يلقبون رئيس جمهوريتهم بالمؤقت. وما يحدث في بلادنا من قبل الصحفيين يمكن القول أنه نوع من التهكم على السيد المنصف المرزوقي، فالذي يتدبر في هذه الكلمة "مؤقت" يتبين له أن هؤلاء الصحفيين لا يرغبون في حكمه وينتظرون بفارغ الصبر الانتخابات الرئاسية المقبلة حتى يتم الاستغناء عنه. فيصل البوكاري تونس