تواجه الحكومة التونسية بعد مرور أكثر من شهر على تشكيلها عددا من التحديات والصعوبات، التي يرى البعض أنها نتاج تراكمات سنين سابقة وأنها لن تحل بسرعة، مؤكدين ضرورة منح هذه الحكومة بعض الوقت لتتمكن من العمل على حل ما تواجهه من مشكلات.لكن عددا من معارضي حكومة حمادي الجبالي، اعتبروا أنها لم تقدم أي برنامج واضح، أو حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي، بل قدمت مجرد وعود فقط. وعلى الرغم من الهدنة التي طلبها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي إثر توليه السلطة، فإن وتيرة الاحتجاجات لم تهدأ بسرعة، الأمر الذي جعل الحكومة تطلق صيحة فزع وتؤكد أن خسائر الاقتصاد كبيرة وتناهز 2.5 مليار دينار (1.65 مليار دولار)، وفقا لما أعلنه الجبالي. صعوبات ويقول الوزير المعتمد لدى الحكومة المكلف بالإصلاح الإداري محمد عبو للجزيرة نت "إن الحكومة باشرت عملها وهي على علم مسبق بعدد من الصعوبات، من بينها ارتفاع عدد العاطلين عن العمل والوضع الأمني المتأزم نسبيا، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المطروحة في هذه المرحلة". وقال عبو إن هذه الحكومة قبلت المسؤولية رغم كل المصاعب، وأكدت أنها لم تتسبب في كل هذه المآسي وإنما جاءت لتحمل المسؤولية لتقلص منها قدر المستطاع. إلا أن النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن الحزب الديمقراطي التقدمي محمد الحامدي لا يتفق مع عبو، موضحا أن "عمل الحكومة غير مطمئن، فقد تعطل تشكيلها في إطار محاصات وتقاسم حقائب ومغانم". ولم تول حكومة الجبالي -حسب الحامدي- "أي أهمية لصياغة برنامج واضح، بل إن "الحكومة عندما قدمت نفسها للمجلس التأسيسي لنيل الثقة لم يكن لها أي برنامج بل إعلان نوايا فقط يغلب عليها الطابع الإنشائي غابت فيه الأرقام والآجال لإنجاز أية مهمة". واعتبر الحامدي في حديث للجزيرة نت أنه وعلى إثر الاعتصامات والاحتجاجات التي شهدتها البلاد، كان الجميع ينتظر أن" تتوخى الحكومة مجموعة من الإجراءات والمعالجات العاجلة التي تقنع المواطن بمزيد من الصبر، وتفتح بابا للأمل لكن مع الأسف لم نسمع سوى خطاب إنشائي خرجنا منه بأمرين الأول تطبيق القانون والثاني انتظار الاستشارة الوطنية حول التشغيل". ويرى الصحفي نصر الدين بن حديد أنه لا يمكن الحديث عن برنامج للحكومة، بل الحديث عن مقاربة الحكومة للمشاكل القائمة، قائلا "إلى حد الآن لم نستمع سوى إلى نوايا وتطلعات وأهداف نعتبرها عامة". وأوضح بن حديد أن مهمة الحكومة "تتطلب جهودا خيالية إن لم نقل مستحيلة" فالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ترك "أطلالا ولم يترك دولة"، كما أن الثورة فتحت أبواب المطالب على مصراعيها. وأشار الصحفي خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن التحدي الأكبر للحكومة "ليس سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا، خلافا لم يعتقد الجميع، بل يتمثل في الخطاب، الذي يجب أن يكون مقنعا على مستوى الشكل والمضمون، فالتاريخ علمنا أن الشعوب قادرة على تجاوز المحن شريطة وجود الخطاب المقنع". الحلول وفي المقابل قال الوزير عبو للجزيرة نت إن الحكومة التي "تعمل منذ مدة قصيرة، وبنسق سريع تحاول البحث عن حلول لكل الإشكاليات"، معتبرا أن "الحكومة المرتبطة بأجل سنة لا يقتصر دورها على تسيير الأمور، بل على إحداث تغيرات جذرية". وأضاف أنه "لا يمكن لأي أحد أن يرى النتيجة في ظرف شهر أو أسبوع، ولكن خلال سنة ستثبت الحكومة أنها قامت بكثير من الإصلاحات الضرورية". وأعلن أنه سيتم توظيف 25 ألف شخص سيقع انتدابهم في القطاع العام، ولم ينف أن هذا العدد قليل جدا مقارنة بعدد العاطلين البالغ 800 ألف عاطل تقريبا، إلا أنه أشار إلى أن ذلك يفوق حتى إمكانات القطاع العام. وأوضح الوزير أن الحكومة ستفتح المجالات أكثر للاستثمارات الخاصة، وستستثمر في البنية التحتية، وستعمل على توفير فرص استثمار للحساب الخاص، وأنه فيما يخص المسألة الأمنية فإن الحكومة ستتدخل لتطبيق القوانين في حال وجود عرقلة للنشاط الاقتصادي وللأمن العام.