مرة أخرى أثارت تصريحات المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية جدلا تناولته وسائل الإعلام وسجل حضوره على مواقع الصفحات الاجتماعية. ويتعلق الأمر هذه المرة بمبادرة الباجي قائد السبسي الأخيرة التي علق عليها المرزوقي من موريتانيا، قائلا إن الرجل "سكت دهرا ونطق كفرا" مضيفا أن التونسيين قبلوا بالباجي قائد السبسي رغم انتمائه للنظام البائد لكن هذا الأخير يعارض اليوم الحكومة المنتخبة شعبيا. وجاءت ردود الأفعال حول تصريحات المرزوقي متباينة بين من اعتبر أن من حقه التعبير عن موقفه مما يجرى في الساحة السياسية ولو من خارج البلاد لأن المقام وهو ندوة صحفية كان يقتضى الإجابة عن أسئلة تعلقت بالشأن الداخلي للبلاد، وبين من استنكر هذه التصريحات من منطلق أن المرزوقي من موقعه كرئيس لكل التونسيين كان عليه التحفظ عن ابداء موقفه من خلافات سياسية داخلية، ووصل الأمر بالبعض حد تأويل تعليق المرزوقي وفهمه على أساس انه تكفير للباجي قائد السبسي؟؟؟ شأن داخلي مناصرو مبادرة الباجي والأطراف التي تفاعلت إيجابيا معها واصطفت في جبهة لتأييد ما تضمنته المبادرة وصاحبها، لم تستسغ كثيرا تصريحات المرزوقي الأخيرة. فقد أعرب أحمد نجيب الشابي(رئيس الحزب الديمقراطي التقدمي)عن أسفه بأن يتناول رئيس الدولة التونسية موضوعا أو جدلا سياسيا يهم الشأن الداخلي ، من خارج البلاد. ويضيف في تصريح أنه كان من المفترض أن ينأى بنفسه عن النزاعات السياسية ويكون رئيس التونسين جميعا. ويعتبر الشابي أن الباجي قائد السبسي لم يتطرق لرئيس الجمهورية لا في شخصه ولا في خطته بل عبر عن رأي سياسي محترم يمكن للفرقاء السياسيين تناوله بالنقاش الجاد" لكن ليس لرئيس الجمهورية أن يكون طرفا في هذا الصراع".. ويرى الشابي أن المرزوقي أثبت مرة أخرى من خلال تصريحاته حول مبادرة الباجي أنه يتصرف "كرئيس فريق وليس كرئيس دولة". شرعية ابداء الرأي في المقابل لا يجد معارضو عودة الباجي قائد السبسي للساحة السياسية، في تصريحات المرزوقي خروجا عن دائرة عرف رجل الدولة بالمفهوم "البورقيبي" من منطلق أن صفة المؤقت التي يحملها رئيس الجمهورية ويصر عليها كثيرون، تخول للمرزوقي التعبير عن موقفه بكل وضوح. ويشير سالم لبيض الباحث في عالم الاجتماع السياسي، ومن أكثر المعارضين لمبادرة الباجي قائد السبسي - وقد عبر عن ذلك بوضوح شديد في أكثر من مناسبة- إلى أن ما جاء على لسان رئيس الجمهورية كان في سياق ندوة صحفية ومن الطبيعي أن جزءا من تداعيات الموقف يقتضى شرح الوضع السياسي الداخلي. ويعتبر محدثنا أن للمرزوقي موقفا من المبادرة ومن تدخل الباجي في الحياة السياسية الذي يعتبره جزءا من النظام السابق وبأن الظروف خولت له التواجد في مرحلة معينة من المفترض أنها انتهت، "لكن طالما أن الباجي قائد السبسي كشخصية عامة مازالت تفعل فعلها في المشهد السياسي وتحاول التأثير على ملامحه المستقبلية، فالمرزوقي يمتلك بدوره الشرعية لتقييم المبادرة وهو كرئيس "مؤقت" فقد سمح لنفسه بأخذ مكانه في المشهد السياسي المقبل" على حد تعبير سالم لبيض..