لولا عربدة "إسرائيل" وإجرامها وإرهاب أمريكا وعدوانها ودعمها لأنظمة الاستبداد والفساد ما وجد تنظيم القاعدة. ولولا التطرف العلماني والعربدة العلمانية ما وجد التطرف الإسلامي في تونس.. فلولا عربدة ابن علي وإذلاله للمتدينين، ولولا المطالبة بزواج المثليين، ولولا المطالبة بالمساواة في الميراث، ولولا نادية الفاني وفيلمها "لا ربي لا سيدي"، ولولا نسمة وتجسيدها الذات الإلهية، ولولا محاولات إلغاء الفصل الأول من الدستور التونسي، ومحاولات شطب عروبة تونس وإسلامها، ما وجدت "إمارة سجنان" ولا وجدت أحداث بير علي بن خليفة. التطرف يولد التطرف، والإرهاب الرمزي يصنع الإرهاب المادي.. هذه حقيقة قديمة يعرفها العقلاء من زمان. فتجريم التدين واعتقال المصلين الذين كانوا يؤدون صلاة الفجر في فترة التسعينيات، واضطرار الشباب لوضع قوارير الخمر في مكتباتهم حتى لا يعتقلوا، ولولا تفتيش الشاب المصلي عن دليل على أدائه الصلاة في جبينه وركبتيه (وهذه حدثت معي شخصيا) ولولا قهر من تلبس الحجاب وإذلال من يربي لحيته، ولولا محاولات إلغاء الإسلام في بلاد الزيتونة.. لولا كل ذلك ما وجد التطرف في الساحة التونسية. فقد أنجبت تونس نهاية السبعينيات وفي الثمانينيات حركة إسلامية غاية في الاعتدال والريادة في فهم العصر والقبول، بالمنجزات التي حققتها الإنسانية في العصر الحديث. لكن هذه الحركة المعتدلة التي أرادت أن تعيش تونس إسلامها في اعتزاز وثقة، وعصرها في ريادة وإبداع، واجهها الحبيب بورقيبة بالقمع والإرهاب والإعدامات، ثم جاء ابن علي فبالغ في القمع والإرهاب والقتل والتشريد وتشجيع عصابات التطرف العلماني، فأطل بسبب ذلك التطرف الإسلامي برأسه، وولد في تونس الإرهاب الإسلامي.. وتصادم الإرهاب العلماني بالإرهاب الإسلامي. قال شاعر تونس الأشهر أبو القاسم الشابي: لا عدل إلا إذا تعادلت القوى وتصادم الإرهاب بالإرهاب. ولا نجاة لتونس اليوم إلا بوقف التطرف العلماني حتى يمكن تطويق التطرف الإسلامي.. فلابد من معالجة السبب حتى تزول النتيجة. فالتطرف يولد التطرف والإرهاب الرمزي يولد الإرهاب المادي.