الرباط تتردد في المغرب أنباء عن حوار يجري سرا بين السلطات المغربية ومعتقلين إسلاميين يحسبون على ما يسمى "تيار السلفية الجهادية". وفي حين تحجم السلطات المغربية عن الحديث في الموضوع، تباينت مواقف بعض الهيئات المدنية بين التفاؤل بهذه الأنباء والحذر منها. السلطات المغربية لم تنف أو تؤكد ما تم تداوله عن لقاءات عديدة عقدها مدير إدارة السجون حفيظ بنهاشم ومسؤولون أمنيون مع معتقلي "السلفية الجهادية" ومن يوصفون بأنهم "شيوخهم" بسجون كل من طنجة في شمال البلاد والقنيطرة والرباط بالغرب، وفاس في الوسط. ومن بين هؤلاء الذين تقول الأنباء إن الحوار جار معهم في السجون المغربية المعتقل محمد الفيزازي الذي يوصف بأنه من شيوخ هذا التيار، إضافة إلى كل من حسن الكتاني ومحمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبو حفص. وقد ألقي القبض على هؤلاء المعتقلين وحوكموا على خلفية التفجيرات التي ضربت مدينة الدارالبيضاء في 16 مايو/أيار 2003، وصدرت بحقهم أحكام متفاوتة بموجب "قانون مكافحة الإرهاب" الذي صادق عليه البرلمان المغربي مباشرة بعد التفجيرات المذكورة. وكان بعض الحقوقيين والقانونيين قد احتجوا على هذه الأحكام معتبرين إياها "غير عادلة"، ومنهم من طالب بإعادة محاكمة العديد من المعتقلين المذكورين الذين يطلقون على أنفسهم وصف "معتقلي الرأي والعقيدة". حوار جدي وصريح وأكد رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين عبد الرحيم مهتاد للجزيرة نت أن السلطات المغربية بدأت لقاءات مع معتقلي "السلفية الجهادية" منذ نحو ثلاثة أسابيع. وأضاف أن هذه اللقاءات جرت في "جو جدي وصريح"، وبحثت عدة قضايا مثل موقف هؤلاء المعتقلين من الملكية والأحزاب السياسية والبرلمان وموقفهم من بعض الفتاوى التي تكفر المجتمع. وقال مهتاد في حديث للجزيرة نت إن أهم ما في هذه اللقاءات هو البحث عن طريقة للعفو عن المعتقلين، مشيرا إلى أنها تناولت أيضا آفاق المعتقلين في حال الإفراج عنهم وسبل اندماجهم في الحياة السياسية والاجتماعية. يذكر أن عشرات المعتقلين السلفيين مختلفون إزاء التماس العفو من ملك المغرب محمد السادس، فمنهم من قبل ذلك ومنهم من رفضه بحجة أنه لم يرتكب ذنبا يطلب العفو عنه. وأوضح مهتاد أن معظم المعتقلين كتبوا طلبات بالعفو، وأن من لم يفعل ذلك نابت عنه أسرته، وأن جمعيته تبنت هذه الطلبات، ولم يخف أمله في "حدوث انفراج" قريب لملف المعتقلين السلفيين بحلول عيد الأضحى. توجس وحذر أما رئيس الجمعية الحقوقية "منتدى الكرامة" المحامي خليل الإدريسي الذي يدافع عن بعض هؤلاء المعتقلين، فقد أعرب عن توجس وحذر من الأخبار المتداولة بشأن هذه اللقاءات. وأكد في حديث للجزيرة نت أنه لم يصله أي شيء رسمي في الموضوع، داعيا السلطات المغربية إلى الجدية في "تصفية ملف عالق طال أمده وارتكبت فيه عدة أخطاء قضائية وأمنية وسياسية". ومن جهته أكد رئيس المجلس العلمي الأعلى (هيئة رسمية لعلماء الدين) الدكتور محمد يسف استعداد العلماء المغاربة لمحاورة المعتقلين السلفيين. وأشار إلى أن المؤسسة العلمية محتاجة إلى هؤلاء، وطلب منهم أن "يراجعوا أنفسهم"، مضيفا أنهم "إذا كانوا من أهل العلم فلا بد أن يكونوا قد عرفوا أن دينهم لا يرضى لهم أن يخرجوا عن الجماعة".