«حتى يكون فاعلا وقادرا على التأثير، يتعين على المجتمع المدني أيضا أن يتكتل ويتّحد ويعمل في إطار شبكات أو تنسيقيات أو ائتلافات».. هذا ما أكد عليه مشاركون في لقاء اخباري انتظم أمس بمدينة العلوم بالعاصمة لتسليط الأضواء على المنتدى التونسي الفرنسي للمجتمع المدني المنتظر عقده يومي 30 و31 مارس الجاري بالعاصمة بمشاركة نحو 700 جمعية..وبينوا ل «الصباح» أن جل الجمعيات الجديدة التي تأسست بعد الثورة تعاني من نقص الخبرة في التسيير وضعف الموارد المادية وهو ما يعوق أنشطتها.. وكانت العديد من الجمعيات بادرت بعد الثورة بتأسيس أرضية عمل مشتركة بينها، وظهرت تنسيقية المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات، وتنسيقية رصد مضامين وسائل الاعلام، والتنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية وتنسيقية المجتمع المدني للدفاع عن الحريات، وتنسيقية المجتمع المدني لمناهضة عقوبة الاعدام وغيرها.. لكن هذه الشبكات تتألف أساسا من الجمعيات والمنظمات المشعة والمعروفة برصيدها النضالي والتي تعودت منذ سنوات الجمر على العمل المشترك بهدف لفت الأنظار والتأثير والضغط وتأليب الرأي العام على النظام الدكتاتوري.. ونظرا لجدوى العمل المشترك فإن الجمعيات الجديدة مدعوة بدورها إلى العمل في إطار شبكات.. وفي هذا الصدد قال بوبكر حومان رئيس نادي اليونسكو الألكسو للمعرفة والتنمية المستديمة وعضو مؤسس شبكة جمعيات الطبيعة والبيئة إن الباب الرابع من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات نص لأول مرة على إمكانية تكوين شبكات. وبين أن المجتمع المدني أدرك الآن أنه لا يمكنه إيصال صوته للحكومة التونسية والمجلس الوطني التأسيسي ورئاسة الجمهورية إلا إذا اجتمع في شبكات. كما أنه لا يتمكن بسهولة من الوصول إلى مصادر التمويل الخارجي ولا يستطيع أن يحظى بتمويل قوي إلا إذا كان منظّما في شبكات. وفسّر أن تكوين الشبكة لا يحدّ من استقلالية الجمعية وأن هدفه ليس أن تذوب الجمعيات في بعضها البعض بل هو إرساء أرضية عمل مشتركة من اجل تنفيذ برامج محددة تغطي مناطق جغرافية مضبوطة في مدة زمنية معينة.. ضعف الموارد وفي نفس السياق قال مالك كفيف رئيس جمعية أمل للعائلة والطفل إن امكانيات الجمعيات الجديدة محدودة جدا، وهناك جمعيات لا تستطيع النشاط والقيام بالأعمال المطلوبة منها، ومن مصلحة هذه الجمعيات وتحديدا تلك التي لها نفس الأهداف والتي تعمل على نفس الملفات أن تتجمع وتوحد جهودها من أجل تحسين مواردها.. فعندما تتحسن الموارد تستطيع تحديد البرامج والتخطيط لكيفية استعمال تلك الموارد.. ويساعد العمل الشبكي الجمعيات على حسن ادارة هذه الموارد وجلب امكانيات مادية أكبر نظرا لأن الأطراف الممولة والداعمة خاصة المنظمات الدولية تطمئن أكثر على مواردها عندما يكون الطرف المقابل شبكة جمعيات قادرة على حسن الادارة والتصرف وضبط الاهداف ومتابعة البرامج وتحديد الجدوى.. فبقدر ما تتسم أعمال الجمعيات بالحرفية بقدر ما تستطيع احراز ثقة الممولين. وعن سؤال يتعلق بما إذا كانت للجمعيات التونسية المنتظمة في إطار شبكات نية تكوين لوبيات للضغط على السلطة بهدف تمرير أفكارها أجاب مالك كفيف أن هذه الفكرة موجودة وانه تم على سبيل المثال تنسيق اعمال عديد الجمعيات البيئية بهدف دسترة الحقوق البيئية.. وهناك العديد من الجمعيات التي تعمل على الضغط من أجل دسترة حقوق المرأة والطفل.. وهي أعمال مهمة يقوم بها المجتمع المدني في هذه المرحلة الانتقالية.. ولا يختلف عبد اللطيف الذوادي رئيس جمعية اسمعني للاحاطة بمرضى المستشفيات كثيرا على ما ذهب إليه مالك كفيف إذ يقر مبدئيا بأهمية تشبيك العمل الجمعياتي، وقال:» على الجمعيات أن تعرف بعضها البعض وان تتقارب وتنسق جهودها وتعمل معا، وسيكون المنتدى التونسي الفرنسي للمجتمع المدني الذي سيقام في مدينة العلوم يومي 30 و31 مارس الجاري فرصة لتلاقي مئات الجمعيات، إذ بلغ عدد المسجلين في المنتدى نحو سبعمائة مشارك يمثلون الجمعيات». ولاحظ ان تكوين ائتلافات الجمعيات يمكن أن يساعد على بعث مواطن شغل جديدة.. وبين لو أن كل جمعية شغلت شابين او ثلاث ستساهم جميعا في بعث آلاف مواطن الشغل الجديدة في تونس. ودعا الذوادي الجمعيات للاستفادة من الاطار التشريعي الجديد المنظم للجمعيات والذي يسمح بتكوين الشبكات. وبالعودة إلى المرسوم المنظم للجمعيات، تجدر الإشارة إلى انه يمكن لجمعيتين أو أكثر تأسيس شبكة جمعيات على أن يرسل من يمثل الشبكة إلى الكاتب العام للحكومة مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ يتضمّن :بيان التأسيس والنظام الأساسي للشبكة ونسخة من الإعلان بتكوين الجمعيات المؤسسة للشبكة وأن يتثبت عدل منفذ عند إرسال المكتوب أنه يتضمّن البيانات سالفة الذكر ويحرّر محضرا في نظيرين يسلمهما لممثل الشبكة.وعند تسلم بطاقة الإعلام بالبلوغ يتولّى من يمثل شبكة الجمعيات في أجل لا يتجاوز سبعة أيام إيداع إعلان بالمطبعة الرسمية للجمهورية التونسية ينصّ على اسم الجمعية وموضوعها وهدفها ومقرّها مرفقا بنظير من الحجّة الرسمية المذكورة أعلاه. وتنشر المطبعة الرسمية الإعلان وجوبا في الرائد الرسمي في أجل خمسة عشر يوما انطلاقا من يوم إيداعه.ويعتبر عدم رجوع بطاقة الإعلام بالبلوغ في اجل ثلاثين يوما من إرسال المكتوب بلوغا. وتكتسب الشبكة شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الجمعيات المكونة لها.