" لا نعبأ بهذه التهديدات ولا تخيفنا وهي صادرة عن شيطان يريد الإساءة لهذا البلد الذي نحبه جميعا، بلدنا تونس". كان هذا رد روجي بوسميت رئيس الطائفة اليهودية في تونس على التهديدات التي وجهها لليهود سلفيون تونسيون خلال مسيرة يوم أمس المؤيدة لتطبيق الشريعة والتي ضمت ما يقرب عن 10000 شخص. وتشهد الشوارع التونسية منذ عدة أسابيع مظاهرات يومية من مؤيدين أو معارضين لتطبيق الشريعة. وكانت مسيرة حاشدة قد جابت يوم أمس العاصمة التونسية رافعة شعارات: " الشعب يريد تطبيق الشريعة" والشعب مسلم ولن يستسلم" وطغى عليها التكبير والتهليل، كما رفعت خلالها أعلام الخلافة السوداء وهو ما اعتبر رد فعل على مسيرة يوم الثلاثاء الماضي التي نظمها علمانيون تونسيون للمناداة بدولة مدنية. خلال المسيرة نادى احد السلفيين بقتال اليهود قائلا:هيئوا أنفسكم…تدربوا…القتال القتال…اليهود اليهود…القتال القتال…يا شباب يا شباب…القتال في سبيل الله.. الجنة .. الجنة.. الجنة..الجنة”." وهو ما اعتبره روجي بوسميت، رئيس الطائفة اليهودية في تونس تهديدا مباشرا ومستفزا للجالية اليهودية التونسية التي تعتبر نفسها جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع وقال " انها شعارات خاوية لم يسبق لنا ان سمعنا مثلها" وأضاف" هؤلاء أشخاص دخلاء على تونس يفسدون أفكار شبابها ويملئونهم حقدا وكراهية". دعوة "إسرائيلية" وتطمينات بعد اندلاع الثورة في تونس وجه نائب رئيس الحكومة "الإسرائيلية" سيلفان شالوم دعوة الى يهود تونس لمغادرتها الى "إسرائيل" في أسرع وقت ممكن واعدا إياهم بالكثير من الحوافز والامتيازات، الا ان الجالية اليهودية استنكرت هذه الدعوة واعتبرتها مغرضة ومشبوهة. يقول روجي بوسميت" نحن تونسيون أبا عن جد، مضى على وجودنا في هذا البلد أكثر من 3 ألاف سنة ، أي اننا نسكن هذه الأرض قبل مجيء الإسلام إليها فكيف نغادر بلدنا؟ ...لا نشعر بأي فرق بيننا وبين باقي التونسيين ولن نسمح لأحد بالنيل منا لان ديانتنا مختلفة". و أضاف " لن نترك ثورة شاركنا فيها لهؤلاء". و أبدى رئيس الطائفة اليهودية امتعاضه من تكرار الأسئلة التي توجه له عن إمكانية مغادرته مع بقية الجالية الى إسرائيل وقال " متى يدرك الناس ان هذا البلد بلدنا أيضا". وكان الرئيس المؤقت منصف المرزوقي قد دعا يهود تونس الذين غادروها الى إسرائيل للمعدودة الى تونس والتقى بعدد من ممثلي الجالية اليهودية لمطمئنتهم على وضعهم بعد صعود التيار الإسلامي ومشاركة النهضة في الائتلاف الحكومي المؤقت. واتخذ زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي الخطوة نفسها والتقى بمجموعة من اليهود في لقاء اعتبروه تاريخيا. ورغم هذه التطمينات الحكومية التي جاءت كرد فعل على العرض الإسرائيلي الا ان روجي بوسميت يرى ان الدولة مطالبة ببذل المزيد من الجهد لحماية اليهود من أي تهديدات توجه إليهم اليوم عشوائيا ودون سبب واستغرب من موقف رجال الأمن الذين تابعوا ما حدث خلال مسيرة يوم أمس دون أن يحركوا ساكنا وقال " كانوا يكتفون بالنظر ولا يتدخلون". قضية عدلية صرح السيد روجي لاذعة هولندا العالمية أنه ينوي تقديم قضية عدلية ضد الأشخاص الذي رفعوا هذه الشعرات وهددوا الجالية اليهودية على مرأى ومسمع من الجميع وقال " سأقابل الوزير الأول حول هذا الموضوع ثم ارفع قضية أمام القضاء فان ما نراه اليوم في شوارع تونس لا يمكن ان يكون الثمن الذي دفع من أجله أبناؤنا دمهم" و أضاف " هؤلاء الأشخاص يسيئون الى بلدي ولن أتقبل منهم ذلك وانا لا استبعد ان يكرروا هذا العمل ما داموا متروكين أحرارا هكذا كالكلاب السائبة". وقد اتصلت إذاعة هولندا العالمية بخالد طروش، الناطق الرسمي لوزير الداخلية للتعقيب على الموضوع. وقال طروش واصفا ما حدث "هذا تصرف فردي لا يمثل أي جهة أو حركة معينة...من حق كل شخص وجه له تهديد أن يرفع قضية أمام القضاء، هذا حق يكفله القانون للجميع من دون تفرقة". واكد طروش على ان الجالية اليهودية جزء لا يتجزا من المجتمع التونسي ولذا وجب احترامهما وصيانة حقوقها كاملة. يشار إلى أن عدد اليهود الذين يعيشون في تونس يُقدر حاليا بنحو ألفي يهودي، يعيش معظمهم في جزيرة "جربة" الواقعة على بعد نحو 500 كلم جنوب شرق تونس العاصمة.