لكل ثورة أعداء يتربصون بها ويقودون بعدها ثورة مضادة وهؤلاء لا يكونون بالضرورة لون واحد وجماعة واحدة وإنما يجتمعون مؤقتا لما تتقاطع مصالحهم وتجتمع اهدافهم ... اعداء الثورة التونسية اليوم نوعان بقايا وفضلات العهد البائد من تجمعيين وشخصيات اعلامية وجامعيين ورجال أعمال وغيرهم اشتركوا جميعهم في أنهم الخاسرون بعد الثورة إما لسلطة او لمال او لمكاسب شخصية ونفوذ وهم في الغالب كانوا ذوي سلطة وحظوة ومال في عهد المخلوع وجلهم أيضا كانوا من الموالين له او المستفيدين من نظامه... أما النوع الثاني من أعداء الثورة فهم جزء من الأحزاب الخاسرة في الانتخابات وجزء من المثقفين والإعلاميين والنقابيين الذين افترقوا مع الحكومة الحالية بمكوناتها الثلاث وهؤلاء يعادون الثورة اصطفافا ايديولوجيا وتصفية لحسابات قديمة مع المكون الاكبر للائتلاف الحاكم وكأنهم يذكروننا دائما انهم خسروا المعركة بسقوط بن علي إذ انهم لم يكسبوها يوما منذ أواخر السبعينات إلا بمساعدة الدكتاتور هؤلاء الخاسرون لنفوذهم وسلطانهم بقيام الثورة وأولئك الخاسرون للاعتبار والمواقع الريادية بحكم تحالفهم مع الدكتاتور وغيرهم من الخاسرين للانتخابات بعد الثورة بحثوا كثيرا بعد 14 جانفي 2011 وبعد 23 اكتوبر 2011 عن اثبات ثوريتهم وإعلان توبتهم بكل الوسائل الاعلامية والاحتجاجية والشطحات الفكرية والسياسية لعلهم يتنصلون من الارث الذي ما يزال ملتصقا بهم فتراهم يتسابقون إلى المشاركة في الاحتجاجات وتبرير الاعتصامات والتدافع نحو برامج التلفزات مكثرين من الصخب والشتم والسب وتحريض الشباب والعائلات على تصعيد مطالبتهم والاستمرار في اعتصاماتهم مستفزين مشاعرهم ومتاجرين بمعاناتهم وقد بلغ الامر ذروته لديهم في معاناة سكان الشمال الغربي وفي ملف جرحى الثورة بوزارة حقوق الانسان. ولما لم تفلح توبهم التي يزعمون في زعزعة ايمان الشعب بمن انتخبهم ولم يفلحوا في كسب ود الجماهير التي خرجت تنادي بنصرة الحكومة بل وتطالب بما هو اكثر اكتشف الثوار الجدد أن قد سبق السيف العدل وان الشعب الذي خبرهم وعلم كذبهم وبهتانهم لا مجال لان يغفر لهم ما ارتكبوه بالأمس من مناصرة للتجمع والطرابلسية في قتل التونسيين وتعذيبهم وتهجيرهم هنا جاءت المرحلة الثانية التي كان عنوانها منذ اواخر شهر فيفري البحث عن ثورة جديدة وذلك بافتعال مصادمات وأعمال عنف مع الحكومة وأحزاب الحكومة والنهضة منها خاصة وقد بدا ذلك منذ اضراب البلدية ويوم عشرين مارس وحادثة وزارة حقوق الانسان وأخرها يوم 9 أفريل ...وكل ذلك تحت عنوان واحد التسول والتضرع بكل الوسائل لافتعال مصادمات مع البوليس او منخرطي النهضة حتى يقدموا صورة مشوهة ومسرحية مفبركة عن نضال وثورية جديدة يسترجعون بها المشهد الاول ويعيدون بها توزيع الاوراق في انتظار الانتخابات القادمة طبعا فوتت عليهم الحكومة ووزراءها فرصا عديدة ومنحهم السيد وزير الداخلية فرصة ليلتقطها السطحيون منهم والانفعاليون فتتعالى الأصوات بسرعة غريبة تندد باليوم الأسود وهي استعارة من القاموس الثوري الفرنسي لها دلالاتها العديدة ولكن لم يمر إلا يوم واحد وبدأت تتكشف عناصر المغالطة بمشاركة نفس الشخصيات بمن فيهم أعضاء من المجلس الوطني التأسيسي ولعل المشهد الاكثر انحطاطا ما بثته الوطنية الأولى للمدعو جوهر بن مبارك وهو يربط يده إلى صدره ما يذكرني بالمشهد الافتراضي لمن يتعلم قواعد الاسعافات الاولية ثم أيضا احتملت المسرحية تواجد القصاص يهرج ويدفع بالشاب إلى السقوط وادعاء الاصابة.... هذا ما ارتضاه اعداء الثورة ليزيدوا من الاستهزاء بالشعب التونسي مستعينين بإعلام عمومي يعمل جاهدا ضد عموم الشعب ومؤسساته ولا يبقى للحكومة، من جديد، إلا التعقيب والتبرير بينما تصلهم يوميا الاشارات المناصرة من الشعب ومؤسسات المجتمع.... ومع ذلك فإن موعدنا الانتخابات وليس موعدها منا ببعيد