تطورات دراماتيكية في قضية هروب "الذبابة" بطريقة هوليوودية    الخارجية السعودية تدين تصريحات نتنياهو حول "رؤية إسرائيل الكبرى"    دعوة الى إصلاحات تعزّز المساواة    50 شركة أهلية تدخل طور الانتاج    من تجارب الأوّلين: منظومة المكايل: أقدم طريقة لري الزراعات والواحات بمنطقة القطار    منصة بخصوص حصص الاستمرار للصيادلة    مع الشروق : حين تتحوّل المجاعة إلى سلاح حرب    مونديال الوسطيات للكرة الطائرة: هزيمة موجعة لمنتخبنا    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار غزيرة بعدد من المناطق    تاريخ الخيانات السياسية (45): مقتل صاحب الشامة القرمطي    رابطة حقوق الإنسان تدعو إلى الإفراج عن السجينات السياسيات وسجينات الرأي..    مأساة في المتوسط: مقتل وفقدان العشرات إثر غرق قارب قبالة سواحل لامبيدوزا    رئيس الجمهورية يؤدي زيارة إلى معتمدية سجنان    لأول مرة عالميًا: زراعة أنسجة بشرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد    بطولة الرابطة المحترفة الأولى: تعيينات حكام الجولة الثانية    بيكين وتونس يمكنهما مزيد تطوير علاقاتهما في مجالي التجارة والسياحة - مسؤول دبلوماسي صيني سابق-    وزير الإقتصاد في إفتتاح اليوم الوطني لتونس في التظاهرة الكونية " اوساكا اكسبو 2025"    أوركسترا قرطاج السيمفوني بقيادة المايسترو حافظ مقني تتألق وتمتع جمهور المسرح الروماني بالجم    تفاصيل حالة ليلى علوي الصحية بعد تعرضها لحادث سير    الرابطة المحترفة الثانية: مستقبل القصرين يتعاقد مع اللاعب غيث الصالحي    التونسي راضي الجعايدي مدربا لنادي النجمة اللبناني    عاجل/ الجيش الصهيوني يصادق على خطة احتلال غزة..    وفاة صنع الله إبراهيم... قامة السرد العربي تفقد أحد أعمدتها    السجن لكهل أنهى حياة بائع متجول..وهذه التفاصيل..    ترامب: قادة أوروبا "أشخاص رائعون"    تونس تشارك في بطولة افريقيا للتايكواندو ب10 عناصر    بلاغ هام للترجي الرياضي التونسي..#خبر_عاجل    المرأة التونسية في قلب العمل: فريق نسائي للديوانة يسهل حركة المسافرين بميناء حلق الوادي    هام/ الديوانة التونسية تنتدب..    تفشي عدوى بكتيرية بفرنسا ...تفاصيل    هذه هي المرأة التونسية الوحيدة التي تستحق التكريم في عيدهن ...!!.    جنجون يختتم اليوم مهرجان سيدي عطاء الله بنبر    الكاف: حجز كميات من السجائر المحلية والمجهولة المصدر    مجلس نواب الشعب يدعو إلى تعزيز حقوق المرأة وصون كرامتها بمناسبة عيدها الوطني    قرار قضائي بسجن محامٍ بتهم إرهابية وغسيل أموال    محرز الغنوشي للتوانسة :'' السباحة ممكنة بكافة الشواطئ واللي يحب يبحر يقصد ربي''    ثنائي تونسي يتوج بالدوري الليبي مع نادي الأهلي طرابلس    "أصول" لياسين بولعراس على ركح الحمامات: عرض موسيقي يعزز حوار الثقافات ويدعو إلى الانفتاح وقبول الآخر    عاجل : دراسة طبية تحذّر من مسكن آلام يستعمله الملايين    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    المنتخب الوطني يستهل اليوم مشاركته في أفروباسكات أنغولا 2025    ترامب وبوتين في ألاسكا: من أرض روسية سابقة إلى مسرح لمباحثات السلام المحتملة    إيقاف مراقب جوي فرنسي عن العمل لقوله "فلسطين حرة" لطاقم طائرة إسرائيلية    اليوم.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    سمكة الأرنب السامة غزت شاطئ نابل.. خطر على صحة التوانسة!    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    ارتفاع درجات الحرارة يرجع بداية مالتاريخ هذا    إحباط محاولة تهريب 36 كلغ من مخدّر "الزطلة" بميناء حلق الوادي الشمالي    قابس: العثور على جثة شاب مفقود منذ أسبوع داخل بئر عميقة    عاجل: دخول مجاني للمواقع الأثرية والمتاحف يوم 13 أوت    تنبيه/ بحر مضطرب اليوم.. والحذر مطلوب عند السباحة..!    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    تاريخ الخيانات السياسية (43) القرامطة يغزون دمشق    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجل حسن العيادي (صباط الظلام): والدي لم يعدم بل عذب في سجنه حتى الموت
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 04 - 2012

طالب زهير السميري نجل الشيخ العيادي السلطات المعنية والرئاسات الثلاث بمساعدته على الكشف عن مكان رفات والده، وتبيان حقيقة ما تعرض إليه والده، من تعذيب وتنكيل، ورد اعتباره بما أنه كان مناضلا ضدّ الاستعمار قبل كل شي قبل أن تلصق به التهمة الشهيرة في ما بات يعرف ب«صباط الظلام». ودعا نجل العيادي بكل لطف كل من لديه معلومات عن مكان دفن والده -على غرار السيد الباجي قائد السبسي الذي كان خلال تلك الفترة مديرا للأمن- أن يكشف عنها حتى يستطيع -مثل غيره وخاصة عائلات من أعدموا سنة 1963- التعرف على مكان رفات والده..
وقال إنه يرغب فقط ونيابة عن أبناء العيادي (ستة أفراد) في معرفة الحقيقة الواقعية والإنصاف ثم المصالحة، ورد الاعتبار لوالدهم، وهم لا يرغبون في إجراء تتبع عدلي ضدّ أيّ كان قد تورط في عملية تعذيب أو إعدام والدهم.
وذكر زهير السميري أن اللجنة العسكرية بوزارة الدفاع أخذت على عاتقها وقبل أربعة أشهر مهمة الكشف عن مكان رفات والده، على غرار ما حصل لعائلات من أعدموا في قضية مؤامرة الانقلاب سنة 1962، لكن اللجنة المعنية أبلغته مؤخرا بعدم توصلها لمعلومات تدل عل مكان رفات والده..
وأوضح أن ملف العيادي الذي عثر عليه يتضمن فقط وثيقة الحكم بالإعدام، موثقة بتاريخ 16 ماي 1963 وشهادة طبية تفيد بوفاة المعني بالأمر، وشهادة رفض الإعفاء من قبل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة..
لكنه لاحظ أن ملف الشيخ حسن العيادي لا يتضمن شهادة تنفيذ حكم الإعدام، وهو أمر مستغرب خاصة أن من أعدموا في قضية انقلاب 1962 كانت ملفات إعدامهم تتضمن شهادات تنفيذ حكم الإعدام، التي تتضمن بالضرورة مكان وساعة دفن من تمّ إعدامهم.
تعذيب.. وطمس الحقيقة
واعتبر أن غياب تلك الشهادة في ملف والده قد يكون متعمدا من قبل السلطات المعنية آنذاك وخاصة وزير الداخلية الطيب المهيري ومحجوب بن علي آمر الحرس الوطني آنذاك، لإخفاء آثار التعذيب التي تعرض لها العيادي..على حدّ قوله.
علما أن عدّة شهادات تاريخية موثقة تؤكد تعرض الشيخ العيادي إلى التعذيب قبل إعدامه، ويقول نجله في هذا الصدد: «لقد ذاق والدي لمدة فاقت الخمسة الأشهر كافة أنواع التعذيب المعروفة».
من ذلك شهادة الأزهر القروي الشابي في منبر مؤسسة التميمي بتاريخ 7 جانفي 2003 حين قال متحدثا عن العيّادي: لما تمّ استدعاؤه ذات مرّة إلى مركز الحرس الوطني في القرجاني وأنزلوه إلى قبو وعرف أنه حضر ليشهد في قضية حسن العيادي وسألوه إن كان حسن أخذه ل»صباط الظلام» أم لا فأجاب بالنفي.. ولاحظ أن العيادي أصبح في أبشع صورة ورأسه محلوق»..
كما ذكر أحمد التليسي في شهادته بمنبر التميمي أيضا ونشرت في جريدة «الصباح» بتاريخ 12 جويلية 2009 أنه شاهد العيادي في السجن قبل إعدامه وهو في حالة يرثى لها وقد بدت عليه آثار التعذيب».
كما ذكر المؤرخ خالد عبيد في مقال له نشره في إحدى الصحف قوله: «الشيخ العيادي حشر حشرا في تتبعات المؤامرة الانقلابية، واتهم بأنه كان على علم بها وحوكم في محكمة على جناح السرعة وصدر عليه حكم بالإعدام نفذ على عجل، رغم خدماته الجليلة التي قدمها للنظام البورقيبي الناشئ بدءا بمآسي «صباط الظلام» الدامية وغيرها».
وأضاف أن العيادي بدا محرجا للغاية للبعض وكانت مناسبة المؤامرة أفضل مناسبة للإجهاز عليه كي يذهب هو وما يعرفه من أسرار..»
.. ودفن سرّه معه؟
ويعتقد نجل العيادي أن الطيب المهيري كان وراء حكم الإعدام الصادر ضدّ والده، وتعذيبه، وذلك لأن الشيخ العيادي اكتشف معلومات خطيرة عمّا يسمى بمؤامرة 1962 وأبلغ عن تورّط مجموعة كبيرة من الضباط والمدنيين فيها..
واستشهد كذلك بشهادة قدور بن يشرط نشرت في مجلة Réalité بتاريخ 29 جوان 2006 يفيد فيها أنه الطيب المهيري كان علم بالمؤامرة نقلا عن معلومات أدلى له بها لزهر الشرايطي.. ويعتقد زهير السميري -نجل الشيخ العيادي (تمّ تغيير اللقب العائلي لعائلة «العيادي» عنوة مباشرة بعد إعدام والدهم)- أن هذا هو السبب الحقيقي الذي كان وراء القبض على والده في جانفي 1963 وتعذيبه شرّ تعذيب لمدة تفوق ال4 أشهر..
وعّبر نجل العيادي عن يقينه بأن والده توفي جراء التعذيب وليس بسبب الإعدام، بل كان حكم الإعدام الذي تمّ إصداره بسرعة يوم 11 ماي وتنفيذه يوم 16 من نفس الشهر، مطيّة لإخفاء جريمة القتل تحت التعذيب، وما يدل على صدق كلامه عدم وجود وثيقة تنفيذ الإعدام ومكان دفنه.. أو وثائق استنطاق والده أو شهادة محاميه، كما لم يواكب الإعلام تلك المحاكمة المزعومة التي بات يشك أصلا في انعقادها نظرا لانعدام أي دليل يفيد ذلك.
علما أن سفير فرنسا بتونس «Sauvagnargue» عبر في برقية إلى حكومة الفرنسية بباريس صادرة بتاريخ 16 ماي 1963 عن استغرابه من حالة التعتيم التي رافقت عملية اعتقال الشيخ العيادي واتهمامه بتهم خطيرة ثم علمية إعدامه في ظروف مسترابة..
علما أن الشيخ العيادي لم يترك لعائلته أيّ شيء يذكر بل أكثر من ذلك ترك زمن وفاته ديونا ضخمة وهو ما تؤكده عدّة وثائق مثل كشوف أرصدة بنكية ما زال يحتفظ بها نجله تفيد أن العيادي كان مدينا لفائدة الشركة التونسية للبنك.. وهو ما يفند حسب قوله التهم الباطلة التي نسبت إليه مثل ابتزاز مال المواطنين، وما روّجه البعض ضدّ والده..
بل إنه أشار إلى أن أبناء العيادي همشوا وتعرضوا لشتى المضايقات في عهد بورقيبة وبن علي ولم تشفع لهم نضالات والدهم، ولم يجنوا سوى الفقر والمهانة وهم اليوم في أشدّ الخصاصة المادية..
وأكد أنه يتحدّى أيّ شخص بأن يقدّم معلومة تفيد أن العيادي ابتز مواطنين او تعدّى على ملك غيره أو امتلك عقارا أو أراضي دون وجه حق..
العيادي المناضل
قال نجل العيادي: «هناك حقيقة تاريخية يعرفها الجميع وخاصة المؤرخين والسياسيين في تلك الحقبة من تاريخ تونس مفادها أن الشيخ العيادي كان مناضلا ونجح في تنفيذ عدّة عمليات ضدّ الاستعمار الفرنسي ولعل أهمها اغتياله للكولونيل بنوا دي لابايون مدير الجيش الفرنسي في تونس وآمر سريّة اليد الحمراء بتاريخ 24 جويلية 1954».
وتأكيدا على اعتراف بورقيبة بنضالية العيادي وما قدّمه لتونس، قدّم وثيقة هي عبارة عن هدية قدمها الحبيب بورقيبة للعيادي تتمثل في صورة شخصية للزعيم كتبت بخط بورقبية نفسه بتاريخ 19 نوفمبر 1955 حين زار موطن العيادي بأولاد بو سمير وكتب فيها بالحرف الواحد: «هدية إلى المجاهد القائد السيد حسن بن الحاج العيادي اعترافا بصدقه وإخلاصه وكفاءاته في خدمة الوطنية.. مع عواطفي وأطيب تمنياتي».
جدير بالذكر أن المؤرخ محمد ضيف الله يورد في كتابه «الشيخ حسن العيادي ومذكراته من المقاومة المسلحة إلى صباط الظلام» بأن هذا الأخير «انخرط من موقع متقدم في مقاومة الاحتلال الفرنسي، بالتخطيط لبعض الأعمال المسلحة وتنفيذها بالعاصمة، من أهمها عملية اغتيال الكولونيل الفرنسي دي لابيون والمحامي الطاهر الصافي الجزائري الأصل».
ويورد ضيف الله أن العيادي ألقي عليه القبض في نهاية شهر ماي 1955، وبقي بالسجن المدني بتونس العاصمة بضعة أشهر بتهمة الضلوع في مقتل دولابيون. وعندما أطلق سراحه في أكتوبر من نفس السنة، بتدخل من بورقيبة كان الصراع اليوسفي البورقيبي قد انطلق وأصبح يتعقد، فوقع توظيفه في مقاومة الحركة اليوسفية مثله مثل مقاومين آخرين كبار.. وأكد على أن الدور الذي اضطلع به آنذاك تمثل في فتح مركز «صباط الظلام» للتحقيق مع اليوسفيين، يقع بنهج مواز متفرع عن شارع باب بنات بالمدينة العتيقة، غير بعيد عن قصر الحكومة بالقصبة. وقد كان سابقا مقرا لشعبة الدويرات الدستورية بالعاصمة.
وتابع ضيف الله قائلا: «عند الكشف عن المحاولة الانقلابية في ديسمبر 1962، والتي تورّط فيها عدد من قدامى المقاومين وعلى رأسهم الأزهر الشرايطي، وهو ما دفع بورقيبة إلى أن يتهجم آنذاك على الفلاقة بصفة عامة، واصفا إيّاهم بأقذع النعوت. وفي هذا الإطار تمّ إلقاء القبض على الشيخ حسن العيادي والتحقيق معه، وكان الهدف المسطر منذ البداية هو التخلص منه، ودفن بعض الأسرار معه».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.