أكد الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي أنه لا ينتظر من خلال زيارته للكويت «ردا للجميل على موقفه القديم المعارض لغزو الكويت» والذي كلفه حسب قوله «أذى وشتائم وعزلة بين المثقفين»، مشيرا الى أن موقفه ازاء الكويت «على خلاف نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي كان موقفا مبدئيا ولا ينتظر منه جزاء أو شكورا». ولفت المرزوقي في حوار خاص مع «الراي» الى أنه يزور الكويت لبناء الروابط الشعبية بين الحكومتين والبلدين، كاشفا في الآن نفسه عن قرار تونسي «سيعفي الكويتيين ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي من تأشيرة الدخول إلى تونس اعتبارا من الشهر المقبل، وذلك في اطار دعم زيارة الخليجيين الى تونس خصوصا المستثمرين منهم». واشار إلى ان «تونس مجتمع ودولة ليس فيها فساد الآن، هناك عدالة مستقلة تفصل بين مختلف الأطراف، وأن الذي يقرر الاستثمار في تونس سيكون رابحا بالمعنيين ماديا ومعنويا». واعتبر المرزوقي ان «التجربة الديموقراطية في الكويت تعد سابقة في المنطقة، وأن مكاسب حقوق الانسان فيها تجربة رائدة في الخليج والقطر العربي»، مضيفا «نحن نراهن على اعادة اللحمة واعادة الروابط والثقة والجسور بين بلدينا ثم بعدها تأتي كل الأمور العملية». ورأى المرزوقي أن «تسليح المعارضة السورية يبقى خيارا غير صائب لأن ذلك سيتسبب في حرب أهلية، وهذا بالضبط ما يريده النظام». وفي ما يلي نص الحوار: • تزورون الكويت وفي زيارتكم دلالة تاريخية على موقف شخصي يذكر لكم من قضية تحرير الكويت أيام الغزو الغاشم، هل للكويت رمزية خاصة عندكم؟ - موقفي ازاء قضية غزو الكويت هو موقف مبدئي. أنا كمناضل في مجال حقوق الانسان، لم أكن أستطيع أن أساند ديكتاتورا. وكإنسان يؤمن بالعدالة الدولية والشرعية الدولية لم يكن مقبولا بالنسبة لي أن تستولي دولة على دولة. لكن أيضا كعروبي كنت خائفا من أن عملية الغزو على الكويت تؤدي الى تصدع العلاقات العربية وتدخل الأجانب. وبذلك كنت ضد عملية الغزو من الألف الى الياء. وهذا ما أدى الى عدم فهم الرأي العام التونسي لموقفي لأنه آنذاك كان يخلط بين القومية العربية وبين صدام حسين الذي صور نفسه على أنه قومي. أذكر آنذاك أني تعرضت للأذى والشتم وحتى العزلة بين المثقفين، لكني ثبت على هذا المبدأ، وفي النهاية اتضح أن هذا الرأي كان صائبا، وكل الذين أخطأوا آنذاك في حقي أو في حق الكويت لم يعتذروا أبدا وهذا ما أتأسف له إلى الآن. • فخامة الرئيس هل تراهنون على أن الكويتيين سيردون لك الجميل نظيرا لموقفك التاريخي بمعارضة غزو صدام حسين للكويت ووقوفكم في وجه سياسة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي التي ساندت في تلك الفترة النظام العراقي؟ - أولا موقفي كان موقفا مبدئيا لا أنتظر عليه لا جزاء ولا شكورا، وثانيا بالنسبة لي المهم الآن أن تفتح صفحة علاقات جديدة بين الكويت وتونس وبين الشعبين الشقيقين، وأن تكون هذه العلاقات في مصلحة الجميع وأن تطوى صفحة الماضي وان نواصل الطريق معا، هذا هو الأمر المهم بالنسبة لي في هذه الفترة، وأنا سأسعى ان شاء الله ببذل كل قواي لتحقيق هذه المساعي. • في السنوات الأخيرة، أيام نظام بن علي، لوحظ تقلص حجم الاستثمار الخليجي خصوصا الكويتي في تونس، الا تسعون الآن الى تقديم ضمانات لدعم دخول المستثمرين الكويتيين على سبيل المثال في تونس التي تشهد الآن حراكا ديموقراطيا واصلاحات كبيرة؟ -الضمانات التي سنقدمها للمستثمرين الخليجيين والكويتيين هي التي نقدمها لكل المستثمرين. تونس مجتمعا ودولة ليس فيها فساد الآن، هناك عدالة مستقلة تفصل بين مختلف الأطراف. من الضمانات الأخرى المتوافرة في تونس والداعمة لنجاح أي استثمار أجنبي نذكر وجود كفاءات شابة ومتعلمة وعمالة ماهرة ومتوافرة. هذه الضمانات تجعلنا نعتقد أن الذي يقرر الاستثمار في تونس سيكون رابحا بالمعنيين ماديا ومعنويا. • قيل أنكم بصدد اعطاء امتيازات اخرى للخليجيين، هل هذا صحيح؟ - نعم، نحن قررنا أنه بداية من أول مايو المقبل ستلغى التأشيرة على كل الكويتيين وبقية مواطني دول مجلس التعاون الخليجي. • كيف تقيمون التجربة الديموقراطية ومكاسب حقوق الانسان في الكويت؟ - التجربة الديموقراطية في الكويت تعد سابقة في المنطقة. نحن كنا ننظر لهذه التجربة بالكثير بالدهشة والاعجاب. نرى حكومة تسقط وحكومة تعود، انتخابات. نرى تيارات سياسية فاعلة في المشهد السياسي الكويتي. أعتقد أن مكاسب حقوق الانسان الديموقراطية في الكويت تجربة رائدة في الخليج والقطر العربي. ونحن نثمن هذه التجربة، وكوننا أصبحنا دولة نظامها ديموقراطي سيكون تعاملنا مع الدول الديموقراطية كالكويت أسهل وأبسط وأسرع. • فخامة الرئيس على ماذا تراهنون في زيارتكم الى الكويت؟ - نحن نراهن على اعادة اللحمة واعادة الروابط والثقة والجسور وبعدها تأتي كل الأمور العملية. • قطر وعدتكم بتوظيف 25 ألف تونسي، فهل تأملون ذلك مع الكويت؟ - نعم نأمل ذلك. نحن نأمل أن تأتي دول الخليج كي تستثمر في تونس، فلدينا كل الظروف المواتية، واستثمار دول المنطقة كالكويت في تونس سيصب في النهاية لمصلحة الشعبين. • أنتم صرحتم أخيرا بضرورة التدخل العسكري العربي لانهاء الأزمة في سورية، هل يعني ذلك أنكم مع عسكرة المعارضة والجيش الحر كحل أخير للأزمة السورية؟ - لا.. لم اطالب ابدا بعسكرة المعارضة أو الجيش الحر. أعتبر أن تسليح المعارضة يبقى خيارا غير صائب لأن ذلك سيتسبب في حرب أهلية. على العموم المعارضة تتسلح برخصتي او من دون رخصتي. لكن انا كنت منذ البداية مع سلمية الثورة وترك السلاح لأن هذا بالضبط ما يريده النظام. • بالنسبة للانتخابات الفرنسية، يرى بعض المراقبين أن احتمال فوز اليساريين قد يكون حاسما ومؤثرا في الانتخابات التونسية العام المقبل وفي العلاقات المشتركة؟ - تربطنا علاقات عريقة مع فرنسا. وبالنسبة لما ستفرزه الانتخابات الفرنسية سنتعامل مع الفائز سواء كان من اليسار أو من اليمين. تونس ستتعامل مع فرنسا مهما تغيرت الأنظمة. • في النهاية كيف تقيمون الوضع السياسي في تونس اليوم؟ - تونس تشهد حراكا سياسيا وديموقراطيا وهذا طبيعي في بلد يعيش ديموقراطية فعلية. كل ما يمكن قوله ان الأمور على ما يرام وهذا أمر مطمئن.