مساندة متواصلة للفئات الضعيفة.. قريبا انطلاق معالجة مطالب التمويل    وفد من الحماية المدنية في الجزائر لمتابعة نتائج اجتماع اللجنة المشتركة التقنية المنعقد في جانفي الماضي    عاجل : انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز أكساد    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. قصّر يخربون مدرسة..وهذه التفاصيل..    الحكم الشرعي لشراء أضحية العيد بالتداين..!    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقّعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    الرابطة الأولى: جولة القطع مع الرتابة في مواجهات مرحلة التتويج    قرعة كأس تونس 2024.    جندوبة: الحكم بالسجن وخطيّة ماليّة ضدّ ممثّل قانوني لجمعيّة تنمويّة    مفزع/ حوادث: 15 قتيل و500 جريح خلال يوم فقط..!!    الكاف..سيارة تنهي حياة كهل..    مدنين: القبض على مُتحيّل ينشط عبر''الفايسبوك''    المدير العام لبيداغوجيا التربية:الوزارة قامت بتكوين لجان لتقييم النتائج المدرسية بداية من السنة الدراسية القادمة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    بدرة قعلول : مخيمات ''مهاجرين غير شرعيين''تحولت الى كوارث بيئية    عمال المناولة بمطار تونس قرطاج يحتجون    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    عاجل/ يرأسها تيك توكور مشهور: الاطاحة بعصابة تستدرج الأطفال عبر "التيكتوك" وتغتصبهم..    البحيرة: إخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين من المهاجرين الأفارقة    حفاظا على توازناته : بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة يرفع رأس ماله الى 69 مليون دينار    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    خليل الجندوبي يتوّج بجائزة أفضل رياضي عربي    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    البطولة الوطنية : تعيينات حُكّام مباريات الجولة الثانية إياب من مرحلة تفادي النزول    وسط أجواء مشحونة: نقابة الصحفيين تقدم تقريرها السنوي حول الحريات الصحفية    معهد الصحافة يقرر ايقاف التعاون نهائيا مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانية بسبب دعمها للكيان الصهيوني    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    نبيل عمار يستقبل البروفيسور عبد الرزاق بن عبد الله، عميد كلية علوم الكمبيوتر والهندسة بجامعة آيزو اليابانية    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    تشيلسي يفوز 2-صفر على توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    أبناء مارادونا يطلبون نقل رفاته إلى ضريح في بوينس آيرس    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    بنزيما يغادر إلى مدريد    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    يهم التونسيين : حيل منزلية فعالة للتخلص من الناموس    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرطة ستكون في خدمة الناس ولن تكون في خدمة الحاكم
نشر في الحوار نت يوم 27 - 11 - 2011

أكد زعيم حركة النهضة الإسلامية في تونس الشيخ راشد الغنوشي ان حزبه الذي فاز في الانتخابات الاخيرة سيسعى إلى تغيير صورة الإسلام التي اساء اليها البعض بالتطرف والإرهاب، وقال انه ليس خائفا من الحكم، مع انه اقر بان «الخبرة تنقصنا» لأن ليس هناك تجارب اسلامية معاصرة ناجحة في الحكم.
واوضح الغنوشي في مقابلة خص بها «الراي» الكويتية نيته القيام بزيارة قريبة إلى الولايات المتحدة بعد ان رفعت حظرا على سفره، وذلك بدعوة من مجلة «Foreign Affairs» التي اختارته واحدا من اكثر المفكرين تأثيرا في العام 2011.
وتطرق إلى العلاقة مع الكويت ودول الخليج، معلنا نية بلاده الغاء التأشيرات على الخليجيين، وتعزيز العلاقات مع دول المنطقة. وأشار إلى ان علاقات قوية «تربطنا بالكويت التي زرتها مرتين العام الماضي»، قائلا إن الكويت فيها حراك سياسي قوي وديموقراطية فعلية وإعلام حر ومتنوع.
وأبدى تفاؤله بنجاح الثورة المصرية قائلا ان الاخوان المسلمين في مصر وسطيون معتدلون، ومنتقدا المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي قال إنه راغب في الحكم ويبدو انه متمسك بالسلطة.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية الشيخ راشد الغنوشي مناضل حقوقي اسلامي أرغمتم على ترك تونس طيلة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، كيف وجدتم البلاد بعد الثورة وفي أي إطار اندرجت عودتكم؟
- كما قلت مرات «تونس من دون بن علي جنة»، لا أعني بن علي في شخصه ولكن الديكتاتورية والبوليس السياسي الذي يرهب الناس ويزورهم فجأة في أوقات متأخرة من الليل ليقبض عليهم ومن ثم يختفي من يقع تحت قبضتهم.
تونس في الحقيقة تعيش عرساً بعد الثورة المباركة والاطاحة بالديكتاتور بأقل تكاليف وبثورة سلمية توجت بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لم يقص منها أحد ولم يطعن أحد في نتائجها، كما نجحت الثورة قبل يومين في عقد أول جلسة ناجحة للمجلس الوطني التأسيسي، الذي تشارك فيه كل الأطياف السياسية التي حظيت بثقة الشعب.
الثورة من وجهة نظري كانت في الحقيقة نتاجاً لنضالات امتدت لنصف قرن في الماضي، فقد خرج التونسيون عام 1938 يهتفون أمام فوهات رشاشات المحتل الفرنسي «برلمان... برلمان...» وقد تحقق هذا الحلم أمس فقط بانعقاد أول مجلس نيابي حر. في الماضي كانت هناك برلمانات لكنها كانت مشوبة بعمليات تزييف للنتائج.
واعتبر المجلس الوطني التأسيسي أول برلمان تونسي سيضع دستوراً يعبر عن ارادة الناس ويحقق تطلعاتهم، ويؤسس لنظام ديموقراطي حديث.
هذا النظام سينص على أهمية الفصل بين السلطات واحترام القانون وتأكيد ضمانات اجتماعية حقيقية للناس. التونسيون بلغت فرحتهم يوم انعقاد المجلس الوطني التأسيسي ان اختلطت الابتسامات بالدموع كما اختلطت مشاعر الفخر بالانتماء للبلاد بمشاعر الفرح بهذا الانجاز، الكل يشعر بأنه شارك ببلوغ هذا المكتب الديموقراطي.
لماذا اختاركم التونسيون في هذا الظرف العصيب والانتقالي؟
- ارى ان حلم التونسيين في اقامة دولة الحداثة والديموقراطية تجسد في اختيارهم لحركة النهضة بهدف تحقيق الحداثة السياسية التي فشلت الاحزاب الحاكمة السابقة في انجازها.
فقد فشل نظام الحبيب بورقيبة ونظام بن علي في الدخول بتونس إلى عصر الحداثة السياسية وانتهى نظامهما بانشاء دولة بوليسية واستحال الاصلاح في ظل هذا القمع السياسي فقامت الثورة.
اعتقد ان اعطاء التونسيين ثقتهم في حركة النهضة يمثل تعبيراً على املهم الكبير في إقامة دولة راشدة وديموقراطية. وعلقوا أمل تحقيق ذلك على حركة إسلامية، أي حركة النهضة.
التونسيون بلغوا في السابق قدراً كبيراً من اليأس وانعدام الثقة في النظام السياسي الذي نخرته مظاهر الفساد والرشوة والظلم. وتحولت الحياة السياسية إلى ازدواجية بين النفاق والنهب، كل ذلك كاد يؤدي إلى تفكك عام للمجتمع (الرشوة في كل مكان، قضاء الحاجات كان بالرشوة، النجاح السياسي كان بالتحايل على القانون).
التونسيون وسط هذا التفكك العام للأخلاق، عولوا على حركتنا لاستعادة الاخلاق الحميدة للمجتمع، أود أن أشير إلى ان اختيار التونسيين لنا يعود أيضاً إلى ان الإسلاميين كانوا الأكثر تضرراً من ظلم وطغيان النظام السابق. نحن ظلمنا كثيراً وعانينا سنوات عديدة. التونسيون اختاروا ايضاً لهدف اعادة الاخلاق لقطاعات عديدة من الحياة كالاقتصاد، السياسة، المجتمع.
أنتم كحركة اسلامية هل ستمارسون الدعوة لإعادة الاخلاق التي ترون بأنها مطلب رئيسي لمنتخبيكم؟
- ليس من مهمة الدولة أن تمارس «الدعوة» أو أن تفرض قوانين على المجتمع لأهداف ايديولوجية، مهمة الدولة توفير مناخ عام يضمن الامان والسلام الاجتماعي بالاضافة إلى توفير الخدمات الصحية والاجتماعية لكافة شرائح المجتمع، كما أن الدولة ستضمن حرية التعليم والصحافة، لكن الدولة لن تمارس الدعوة، فالدعوة يمكن أن تكون من خلال الصحافة والمدارس. الدولة حسب رأيي من مهامها توفير مناخ يشجع على الابداع والتضامن الاجتماعي وتترك المجتمع يبدع وسائل الدعوة. نحن نثق أن مناخ الحرية الذي نعيش فيه يمكن أن يُستغل سلباً من أعداء الإسلام ولكن نحن نثق أن الإسلام لا خشية عليه فهو دين الفطرة وليس سلعة نخشى أن تبور ولسنا خائفين من الحرية على الإسلام، الإسلام ينتعش في مناخات الحرية ويخمل في مناخ الاستبداد.
نحن لسنا متعجلين ولن نطبق من الإسلام إلا ما يختاره الناس، إلا ما هو ناضج، إلا ما يطالب به الناس، الناس يطلبون الإسلام وليس الإسلام من يأتي ليفرض نفسه على الناس. نحن نتألم عندما نرى بعض المسلمين يخافون من الحرية على الإسلام.
هل ستضمن حركة النهضة تمازج أطياف المجتمع التونسي من دون أي اقصاء لأي طرف؟
- النهضة أكثر الحركات التي تعرضت لاضطهاد، ولذلك لن تكون مضطهدة لغيرها، من عاش السجون والمنافي لا يليق به أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى جلاد، وخائن للحرية ولو فعلت النهضة ذلك ستخسر وستحكم على نفسها بالافلاس. والنهضة أعقل وأكثر مبدئية من أن تفعل ذلك.
كل ما سنفعله سيؤكد مبدأ الحرية. وستكون أول الاجراءات رفع القيود على أزياء النساء على اعتبار ان النظام السابق منع المسلمة من حقها في اختيار لباسها وسنعيد هذا الحق. وقد سألتني بعض الشرطيات والعاملات في الجمارك متى ستعيد لنا الحق في اللباس الإسلامي وقلت لهن قريبا إن شاء الله، ولن نفرض على الأخريات اللباس الإسلامي وسنترك لهن الحرية ولن نتدخل لصالح هذه الممارسة أو لأخرى، وقد قدمنا امرأة غير محجبة على رأس قوائمنا كدليل على أن النهضة دار واسعة تتسع لكل التونسيات المحجبات وغير المحجبات.
هل لديكم نية لتعديل بعض القوانين المرتبطة بحرية المرأة في تونس؟
- لا، لن ننتقص من الحقوق التي تتمتع بها المرأة التونسية اليوم بل سنعزز من تلك الحريات.
ما أهم المواد الدستورية التي تريدون تعديلها؟
- نحن نرغب في تغيير النظام السياسي من نظام رئاسي ابتلع السلطة في شخص واحد وهو الرئيس إلى نظام برلماني يدع السلطة للشعب، نحن نريد أن ننزل بالسلطة من الأعلى إلى أسفل أي إلى قاعدة الشعب ممثلة في البرلمان.
هل تشاطركم الأحزاب هذا الرأي؟
- هناك من يشاطرنا هذا التوجه وهناك من يختلف معنا.
قيل أخيراً إنكم اعترفتم لدى زيارتكم الجزائر بأنكم خائفون من السلطة التي وصلت لكم فجأة وفي وقت لم تتوقعوه؟
- لا، لسنا خائفين لكننا نعترف بأنه تنقصنا الخبرة والتجربة، المسؤولون الجزائريون أسرّهم ائتلافنا مع بقية الأحزاب لإدارة شؤون الحكم ربما لانهم ايضا يحكمون بائتلاف ثلاثي. أود أن أقول ان ما يكتنفنا الآن هو شعور بالحذر اننا ليس لدينا أي تجارب اسلامية معاصرة للحكم، بل هناك بعض التجارب السلبية في مناطق أخرى أثرت سلبا على الحكم الإسلامي.
ما أقرب التجارب اليكم في الحكم الإسلامي؟
- نحن نعتبر أن تجربة الحكم الإسلامي في تركيا أقرب التجارب لنا، ربما لأن تطور التاريخ التركي السياسي شبيه بتطور المسار التاريخي للسياسة التونسية، فبورقيبة كان شبيها بأتاتورك من خلال اقامة تجربة اصلاحية في القرن 19 للجمع بين الحداثة والإسلام، كما ان هناك أوجه شبه كثيرة بين المجتمعين التركي والتونسي، ويبقى لكل بلد خصوصيته.
عودة للجزائر، لماذا اخترتموها المحطة الأولى لزيارتكم الرسمية بعد فوز حزب النهضة في الانتخابات؟ وهل وعدتم الجزائر بعدم تصدير الثورة التونسية إليها؟
- الجزائر كانت المحطة الأولى للهجرة من تونس وهي المحطة الأولى ايضا اليوم لبناء الدولة التونسية، ليس ذلك عجبا لانها الشقيقة الكبرى ولها تاريخ مجيد والتشابك بين البلدين على مستويات مختلفة تشابك كبير والخط الفاصل بين البلدين خط وهمي.
في منظوري ان تونس والجزائر وليبيا منطقة واحدة، وفي هذا الصدد زرنا الجزائر للتأكيد على ذلك ولتفعيل مشروع المغرب العربي المعطل الذي لا نرى عنه بديلا لتنمية حقيقية. كما ان علاقاتنا ممتدة في الجزائر.
إلام تعيد نجاح الثورة التونسية بخلاف الثورات الأخرى؟
- التوافق لم يأت بعد الثورة أو الانتخابات وإنمانضج على نار هادئة منذ أكثر من عشر سنوات، فقد كان هناك عمل مشترك مع هذه الأحزاب وأنجزنا العديد من الوثائق الفكرية في العلاقة بين الدين والدولة وقضايا حقوق الإنسان والديموقراطية، لقد جاءت الثورة كمشروع فكري مشترك بين الحركات الإسلامية والحركات الأخرى، كان نمط المجتمع قد نضج في الحقيقة. لقد وقعنا على وثائق مشتركة مع الأحزاب الكبيرة الآن، وقد مكنت هذه الوثائق من تأسيس روح الثورة التي تجسدت الآن.
الثورة لم تطرح موضوعات ومطالب أيديولوجية لأن هذه المسائل قد حسمت بين الأحزاب مسبقا، وكانت المطالب في أغلبها تنادي بمحاربة الظلم وخلق فرص العمل والحياة الكريمة ونبذ الفساد. فنحن بنينا الائتلاف الحزبي اليوم على سوابق فكرية ونضالية مشتركة، ربما لم يحدث مثل ذلك في بلاد إسلامية أخرى، فلما دهمتها الثورة لم يكن لديها مشروع فكري ناضج حول نمط المجتمع الذي يراد بناؤه فكان هناك على سبيل المثال في مصر تيار سلفي وتيار علماني وكلاهما على طرف نقيض ووسطهما التيار الإخواني.
هل تعتبر ان هناك تشابها بين ظروف الثورة في تونس وفي مصر؟
- اعتبر ان ظروف الثورة في تونس تختلف عن مصر، ففي مصر هناك أقلية مسيحية قوية، وتعقيدات أخرى منها رغبة الجيش في الاستمرار في الحكم، ويبدو انه متمسك بالسلطة.
كما ان وجود الكيان الاسرائيلي في المنطقة ومعاهدة كامب ديفيد ادخلت مصر في معادلة اكثر تعقيدا من تونس، فالشعب التونسي شعب موحد وليس منقسما بين طوائف، كما ان الجيش ليس له تجربة في الحكم ولا تطلعات للسلطة هذا يجعل المعادلة التونسية اقل تعقيدا من مصر.
هل تربطكم علاقات وثيقة مع الاخوان في مصر؟
- نحن والاخوان ننتمي إلى تيار اسلامي وسطي وكل ممثل في اقطار يعمل بها وله خصوصية حسب كل بلد.
هل ترى ان حظوظ نجاح الثورة المصرية كبيرة؟
- انا متفائل بمستقبل الثورة في مصر خصوصا ان التيار الإسلامي هناك تيار وسطي معتدل.
كيف تفكرون في التعامل مع ليبيا بعد الثورة؟
- اعتبر ان ليبيا والجزائر الساحة الاولى للتنمية في تونس الثورة الليبية حمت الثورة التونسية ولولا ان الله يسر واندلعت الثورة الليبية لهرب كل فلول نظام بن علي إلى ليبيا وتحصنوا هناك، لكن قيام الثورة في ليبيا حصرهم في تونس.
كما تمت معاملة اللاجئين الليبيين في تونس كأخوة وهذا الامر عمق العلاقة بين الشعبين.
نحن متفائلون حول مستقبل ليبيا، فهنك نخبة متنورة ومتعلمة خبرتهم بنفسي في المهجر ويمكن ان يقودوا ليبيا إلى الاستقرار ومزيد من الخير، والإسلاميون العاملون في ليبيا معتدلون دينيا وسيكون لهم شأن كبير في بناء ليبيا.
هل تبدون بعض التخوف من بعض الراديكاليين الإسلاميين اي السلفيين، هل ميكن ان تتصادم افكارهم مع توجهاتكم الوسطية؟
- تونس ليست قابلة للتطرف، نحن عندما نشأنا نشأنا على تشدد قليل في السبعينات كرد فعل على التشدد العلماني الذي انتهك حرمة الصيام مثلا والعقائد، [الغنوشي... الشرطة ستكون في خدمة الناس ولن تكون في خدمة الحاكم] فبورقيبة اول حاكم يرفع الكأس في شهر رمضان ويسخر من الكتاب والسنة، كما كان تشددنا في عهد بن علي مبررا عندما اقصى النظام السابق النهضة.
ولكن لم نواصل تشددنا واستعدنا سريعا توجهنا الوسطي وسرعان ما التقينا في منتصف الطريق مع عامة الشعب التونسي على اساس المذهب المالكي الوسطي المعتدل، نحن اقصينا بشكل واسع في 1989، كان يمكن للنهضة ان تحكم تونس من عام 1989 لاننا فزنا بشكل كبير في الانتخابات آنذاك لكن نظام بن علي ارتأى ابعادنا عن الحياة السياسية ونفى اغلب قيادات النهضة.
لقد تبين في النهاية ان التحولات الاجتماعية الكبرى لا يمكن وقفها بالعنف ولكن استطاع النظام السابق ان يؤخرها لعشرين سنة ثم انهار السد ورجع الماء إلى مجراه، خلال غياب التيار الإسلامي الوسطي في ظل غياب النهضة ايام بن علي نشأ تيار اسلامي متشدد تحكمه نفس الالية (عنف يرد عليه بتشدد).
الان ليس هناك اسباب للعنف ولذلك ستختفي ظاهرة التطرف لان الحرية متاحة للجميع وقد قلت لبعض المتشددين لا تفرضوا على المجتمع التونسي اراءكم بالقوة الان عندنا الحرية فلا نريد اكثر.
شيخ راشد هل تودون رؤية بن علي مرة اخرى؟
- لا اريد ان التقي به لا في الدينا ولا في الاخرة لا ارانا الله وجها مكروها.
قيل بأن حقيبة الداخلية اسندت لاحد اعضاء «النهضة» الذي تم تعذيبهم ايام بن علي فهل يمكن ان ينشأ قمع جديد لغاية الانتقام من اعوان بن علي؟
- لماذا لا نتوقع العكس، الذي ذاق الوان الذل والعذاب سيكون اكثر الناس رحمة بالناس واكثرهم ادراكا بما يعنيه التعذيب.
هل سيتم تطهير وزارة الداخلية والامن التونسي؟
- لن تكون العملية بمعنى «التطهير» ولكن بمعنى الاصلاح والانتصار للحق بعيدا عن العقاب الجماعي والثأر والانتقام، وعلى العدالة ان تأخذ مجراها.
ماذا تعنون بعملية الاصلاح لوزارة الداخلية؟
- أود ان أشير إلى ان الشرطة ستكون في خدمة الناس ولن تكون في خدمة الحاكم، لأن الناس بكل بساطة هم من يدفعون أجور رجال ونساء الشرطة.
ما شكل الإسلام الذي تريدونه في تونس؟
- نريد الإسلام الجميل، الإسلام العادل، إسلام العدل والاحسان ونريد تغيير مفهوم وصورة الإسلام التي أساء لها البعض من خلال الإرهاب والتطرف والعداء لكل ما هو جميل، وحقوق النساء والأقليات.
نريد ان نضع نموذجا عن رحمة الإسلام، أرى نفسي اني أقترب من الإسلام بأكبر طاقة متاحة لي.
كيف ستتعاملون مع بعض الدول التي منعتكم في السابق من دخول أراضيها كالسعودية والولايات المتحدة؟
- سنتعامل مع هذه الدول بإيجابية وصدور رحبة. نحن كنا نتفهم بعض الاجراءات الأمنية التي كانت تمارس علينا من بعض الدول، كما ان هذه البلدان لا يمكن لها في ذات الوقت ان تضحي بعلاقاتها مع تونس من اجل شخص.
هل تجدون دعما أميركيا؟
- لقد تغير خطاب الولايات المتحدة مع الإسلاميين، وتم رفع حظر دخولي لأميركا، وسأزورها بداية هذا الشهر بعد 20 سنة من المنع، وتأتي زيارتي بدعوة من مجلة «الشؤون الخارجية الأميركية» (Foreign Affairs)، واختارتني المجلة كأحد اكثر المفكرين تأثيرا في 2011.
كيف تنظرون لعلاقات مستقبلية مع الولايات المتحدة؟
- نحن نتطلع إلى تعزيز مستوى التعاون مع الولايات المتحدة.
هل تحافظون على روابط مع المملكة العربية السعودية؟
- لنا روابط عادية مع السعودية على الرغم من انني منعت من دخولها في 2007، ونحن نطالب ونحرص على تعاون السعودية بملاحقة بن علي عبر البوليس الدولي وهذا المطلب سيستمر.
كيف تنظرون إلى دول الخليج اليوم وما حاجتكم لها؟
- في اطار المتغيرات التي تعيشها تونس، سنعيد النظر في العلاقات الخارجية لتونس، فسنعمل على فتح بوابات جديدة للعلاقات الدولية بالإضافة لبوابة الاتحاد الأوروبي الذي كان المنفذ الوحيد في السابق للسياسة الخارجية التونسية، وسندعم فتح بوابة المغرب العربي ثم بوابة الخليج لدعم التنمية في تونس وسيمثل هذا السعي أهم تطور في علاقاتنا الخارجية.
كيف هي علاقتكم بالكويت؟
- تربطنا علاقات طيبة في الكويت وقد زرت الكويت مرتين في العام الماضي واستقبلت استقبالا طيبا.واتوقع ان مسار التعاون بين تونس والكويت سيشهد تطويراً كبيراً وانا اعرف بعض الشخصيات السياسية الكويتية كما ابلغنا مستشار الامير ومستشار رئيس الوزراء بتهانيهم لنا على الفوز في الانتخابات وأكبرنا منهم ذلك.
كيف تنوون تعزيز التقارب بين تونس والكويت؟
- نحن سنقوم بمبادرات مهمة اولها رفع التأشيرة على مواطني دول الخليج ومعاملتهم كالسياح الاوروبيين الذين يدخلون بلادنا بالهوية الشخصية فقط احياناً وسنشجع بذلك السياحة والاستثمار في بلادنا وسنقدم الضمانات الكافية للمستثمر الخليجي، وسندعم المصلحة المشتركة مع الكويت وبقية دول الخليج، كما سنعزز السياحة العائلية في تونس وكل العوائل الخليجية مرحب بهم في تونس.
وماذا عن علاقتكم مع المجتمع المدني الكويتي؟
- نحتاج إلى اقامة علاقات ليس فقط على المستوى الرسمي مع الكويت ولكن نحتاج إلى دعم علاقاتنا مع المجتمع المدني والقطاع الاقتصادي والثقافي والاعلامي، سنعمل كل ما في الوسع لصنع ارضية واسعة وصلبة لعلاقات متطورة.
كيف ترى الحياة السياسية في الكويت؟
- الحياة السياسية في الكويت نشطة وتعود إلى زمن بعيد، وهناك حراك سياسي قوي وممارسة فعلية للديموقراطية.
وكلما تعرضت الحياة السياسية إلى كبوة سرعان ما تعود إلى التفعيل مجدداً.
وارى ان الشعب الكويتي على درجة جيدة من الوعي السياسي كما الاحظ ان مجال الحريات السياسية كبير، والاعلام الكويتي قوي وحر ومتنوع، كما ان المجتمع المدني بأطيافه قوي، كما ان الحركات الإسلامية متنوعة، المجتمع ثري بثقافته وتجربته الديموقراطية ومن مصلحتنا دعم علاقة المجتمع التونسي مع المجتمع الكويتي.
ما اهم ملامح سياستكم الخارجية في الفترة المقبلة؟
- نحن جداً حريصون على استقلال قرار بلادنا وهناك رأي عام ساد ايام بن علي ان النظام السابق نال من استقلال البلد والكرامة الوطنية نريد استعادة استقلال البلاد من رأس المال الدولي والخضوع للوبيات دولية، وينبغي على سياسة تونس الخارجية ان تعزز هذه الاستقلالية، كما سنسعى من خلال السياسة الخارجية إلى تفعيل العلاقات الثنائية مع الخليج مع المحافظة على العلاقات مع اوروبا وافريقيا بالذات، وستكون هناك كتابات دولة خاصة بتنمية العلاقات مع آسيا، والعالم العربي - وافريقيا.
هل ترون ان السنة الواحدة التي منحت للمجلس التأسيسي وحكومتكم كفيلة بتحقيق الاصلاحات التي تصبون اليها؟
- سنة واحدة قليلة، لكن خلال هذه الفترة سيرى التونسيون المؤشر على صدق نوايانا في تنفيذ وعودنا.
أجرى الحوار عماد المرزوقي
(الرأي الكويتية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.