شددنا الرحال أول أمس في اتجاه ملعب رادس بالعاصمة منذ الساعة السابعة مساء علنا نظفر بمكان بالصفوف الأولى لمتابعة الفنان سامي يوسف إيراني الأصل وانقليزي الجنسية، متوقعين أن نجد طوابير طويلة من الجماهير تنتظر فتح الأبواب. المفاجأة !! إلى حدود الساعة السابعة و45 دقيقة بدا المكان خاليا، بدون مبالغة، فلم ينتشر بالساحة الأمامية للقاعة المغطاة برادس سوى أعوان الأمن والتنظيم وبعض العشرات من المواطنين الوافدين لمتابعة الحفلة. دخلنا القاعة.. بدت كذلك خالية.. إلا من التقنين والفنيين والموسيقيين الذين سيؤمنون الحفل ومعهم سامي يوسف من وراء ستار أبيض شفاف بصدد المتابعة والتحقق من «أموره التقنية».. المفاجأة !! بدأت عقارب الساعة تتحرك رويدا رويدا ولكن بقيت كراسي القاعة فارغة..شاغرة..إلى حدود الساعة الثامنة والنصف.. مرت الدقائق وبدأ التغيير بدخول الجماهير دفعة واحدة لتمتلئ الكراسي بالمئات منهم.. فبضعة آلاف..من الجماهير الذين كانوا بدورهم مفاجأة...فلم يكونوا من المنتمين لتيارات سياسية أو إيديولوجية بعينها بل كان الجمهور متنوعا يتكون من نساء وشباب وكهول ومسنّين أيضا دون أن ننسى الأطفال صحبة العائلة. وفي الأثناء كان التوتر واضحا على المنظمين في ظل «فشل» على مستوى التعبئة الجماهرية. المقاعد وباستثناء ما يقرب الخمسة تقريبا بقيت شاغرة. الحضور بدت عليهم بدورهم علامات المفاجأة من الإقبال الضعيف ولكن بمجرد أن بدأ العرض في حدود الساعة التاسعة والنصف عوضا عن الساعة التاسعة بعد أن لملمت القاعة «جراحها» بتقدم الجمهور الحاضر في الجهة الخلفية إلى المقاعد الأمامية حتى يستقيم الإخراج التلفزيوني باعتبار أن القناة الوطنية الثانية تكفلت بتسجيل الحفل حتى بدأ الجمهور ينسى هموم الإقبال الجماهيري لينساقوا مع الحفل. يمكن الجزم قطعا أن العرض نجح فنيا وتقنيا سواء على مستوى أداء الفنان سامي يوسف أو على مستوى انسجام الجماهير الحاضرة الذين جاؤوا لمتابعة «فن راق ومغاير لما تعودوا عليه» على حد تعبير البعض منهم ومن بينهم مهدي مبروك وزير الثقافة قائلا «حضوري اليوم كمواطن تونسي فقد جئت لأستمتع بفن راق» فاختار لنفسه مكانا بين الجماهير في مدارج القاعة تجاوره سهام بادي وزير المرأة وشؤون الأسرة والطفولة. الصوت والأداء المؤثر هدأت الخواطر بمجرد انطلاق العرض.. فتناسى الكل الكراسي الشاغرة في الجهة الخلفية لأرضية القاعة وبمدارجها.. وانطلقت الموسيقى.. وشُغلت المؤثرات الصوتية ومؤثرات الصورة على الستار الأبيض الشفاف. لتنعكس الوانها عليه في مشهد فني مؤثر.. ليظهر سامي يوسف تصاحبه الصيحات والتصفيق وأصوات الحضور الناشد لأغانيه. تحرك سامي يوسف على الركح.. حراكا هادئا لطيفا.. بين آلاته.. البيانو.. آلة الإيقاع.. والقانون.. فكان العرض متراوحا بين موسيقى وترية...وبين موسيقى ايقاعية صاخبة تفاعل معها الجمهور أيما تفاعل خاصة وأن الفنان يحسن العزف على أكثر من آلة. غنى وأطرب بالرغم من أن جل كلمات أغانيه باللغة الإنقليزية.. تفاعل الجميع مع موسيقاه ومع روح الأغاني التي تنادي بالسمو الروحي وتتغنى بالإنسان وبقيم الخير فيه مهما اختلفت الأديان والعقائد. على مدى قرابة الثلاث ساعات كان سامي يوسف سخيا في ادائه ينصت لقلوب محبيه ويشدو لهم بصوت عذب حتى أن البعض بكى تأثرا...لينتهي الحفل وسط تصفيق مطوّل تخللته من حين إلى آخر كلمات شكر بعربية بسيطة وبخجل كبير من الفنان سامي يوسف فغادر الجمهور الحاضر القاعة وعلامات الرضا على العرض بادية عليه. كثيرون رددوا قائلين «الحفل من طراز عالمي».