تونس محمد القرماسي"الفجرنيوز"كانت بداية القضية ذات سنة من بداية عقد التسعينات لما تسرب إلى المواطنين في مدينة الحامة خبر مفاده أن الدولة التونسية قد عقدت صفقة مع الولاياتالمتحدة لقبول دفن النفايات النووية في منطقة بنغبلوف من معتمدية الحامة حيث المخزون الكبير من المياه الحارة التي تستعمل في الري وللشرب في كافة أنحاء الولاية. فما كان من مواطني الحامة وتلاميذها وطلبتها إلا الخروج في هبة واحدة في مسيرات حاشدة تواصلت ساعات وأيام حتى كذبت الجهات الرسمية الخبر وأكدت خلوه من الحقيقة فهدا الوضع واقتنع الجميع بان الإشاعة مغرضة ولا مجال لتصديقها وفي أحسن الأحوال نسب المتظاهرون لأنفسهم انجازا معتبرين الدولة قد تخلت عن الصفقة بعد احتجاجهم. ولما طال الأمر بالنظام السابق ونال الحامة ما نال غيرها ولعله أكثر من الظلم والقهر والسجون وتراجعت الثقة وتلاشت من النظام والدولة أعيد فتح الموضوع من قبل نادي البحوث والدراسات بالحامة وهو من التنظيمات القليلة التي احتفظت بشيء من الحياة زمن المخلوع بالتعاون مع بعض الشخصيات والمختصين من قابس وعادت الظنون والشكوك إلى أن الدولة قد قامت فعلا بدفن النفايات في غفلة من القوم وبكتمان من المتحكمين وقتها من مسؤولين وتدجمعيين. وقد تغذت هذه الآراء بانطباعات الناس وانعدام ثقتهم في كافة المؤسسات الرسمية وتصريحاتها ثم لم يحسن اهل الحامة انفسهم استقصاء الموضوع وإعادة فتح الملف إما خوفا او طمعا. بعد الثورة عاد نادي البحوث والدراسات إلى فتح الملف ومباشرة التحقيق متكتما مرة أخرى على الموضوع وعلى ما قد يتوصل غليه من معلومات وقد حاولت الإعلان عن الامر في الصحافة لدى تغطية بعض من أنشطة النادي قبل الانتخابات ولكنهم طلبوا مني التمهل حتى تتوفر المعلومات !!!!! فمن الذي يحرك اليوم الموضوع ضمن موجة من التحريض تنتشر في الجنوب الشرقي من قبلي إلى قابس ويستغل التناقضات الخفية والمعلنة بين الجهات والمدن ويثير النعرات ويبتز مشاعر المهمشين والفقراء؟؟؟ الطرف الأول المدان هو كافة الجهات الرسمية من هياكل الوزارات ذات العلاقة بالموضوع فلا احد يمكنه تصديق أنهم لا علم لهم بهذا الموضوع ونحن اليوم نقترب من إنهاء السنة الثانية من الثورة فلماذا لم يفتح الملف وتكشف الحقيقة كاملة؟ الإعلاميين ومؤسسات الإعلام العمومي عودتنا منذ الانتخابات على نبش المواضيع الحساسة والمثيرة للشكوك والتوترات باعتبارها قد تحررت من الخوف والموالاة فلماذا لم تنتبه طواقمها الإذاعية والتلفزية لهذا الموضوع فتكشف لنا الأسرار والمسؤوليات قبل أن يستثمر الموضوع اليوم للمزايدة السياسية التي وصلت إلى أروقة المجلس التأسيسي؟ بينما يكثر الحديث عن صحفي إيطالي أو تونسي يقيم في إيطاليا وتحركاته المريبة في تونس والجنوب التونسي والذي يبدو انه وراء إعادة إثارة الموضوع. ثم ما الذي جعل السيد الوالي يتحرك اليوم فقط لزيارة المنطقة والبحث في الموضوع أليست المصالح الإدارية في ولاية قابس على علم بهذا الموضوع منذ زمن ؟؟؟ ختاما تبدو الصورة اليوم أكثر خطورة إذا دققنا النظر في ما تحمله بعض الدعوات إلى الإضراب في قابس والتحريض الذي يطال المواطنين في الحامة وغيرها من المدن وكان المطلوب هو تأبيد الوضع المتردد المضطرب في الجهات الداخلية وإلا ما الذي يفسر خروج اهل قبلي مضربين والميزانية التكميلية تناقش في المجلس التأسيسي؟