هناك قناعة لدى الناشطين في مجال البيئة مفادها أن التغيرات المناخية القصوى تعد بحق أحد أعداء الثورة التونسية، وأن وضع إستراتيجية للتكيف مع هذا العدو ضرورة لفتح آفاق واعدة أمام ثورة الحرية والكرامة . ويرى كثير من المهتمين بالشأن البيئي في تونس أن إقدام الحكومة الحالية على فصل وزارة البيئة عن وزارة الزراعة خطوة إيجابية نظرا لأن القضايا البيئية تتجاوز بكثير الإشكاليات الزراعية. ومع ذلك فإنهم يذهبون إلى القول إن تخصيص وزارة كاملة للتغيرات المناخية وبخاصة الظواهر المناخية القصوى ضرورة، باعتبار أن هذه الظواهر من شأنها الانعكاس سلبا في المستقبل على أوضاع البلاد الاقتصادية إلى حدود المساهمة في إفشال الثورة. وقد انتهز عدد من خبراء البيئة وورش العمل التي نظمت مؤخرا في تونس بإشراف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة حول موضوع التغيرات المناخية، لتقديم أرقام دقيقة بشأن الخسائر الاقتصادية التي ستتسبب فيها الظواهر المناخية القصوى في هذا البلد على المدى المتوسط لاسيما فيما يتعلق بقطاعي الزراعة والسياحة. فإذا كانت الزراعة التونسية تستهلك اليوم الجزء الأكبر من المياه العذبة المتأتية أساسا من الأمطار، فإنه يتوقع أن يتقلص إنتاج زيت الزيتون بنسبة خمسين بالمائة في منتصف القرن الجاري بسبب فترات الجفاف التي ستطول أكثر من اللزوم، علما بأن تونس تحتل اليوم المرتبة الرابعة في إنتاج زيت الزيتون في العالم بعد إسبانيا وإيطاليا واليونان. وستكون هذه الظاهرة أيضا سببا في تقلص مساحات الأراضي التي تنتج الحبوب بنسبة عشرين بالمئة، بل إن نشاط تربية الماشية سينحسر هو الآخر بنسب تتراوح بين عشرين بالمئة في شمال البلاد وثمانين بالمئة في جنوبها. ومن مظاهر التغيرات المناخية القصوى التي تهدد تونس على المدى المتوسط ارتفاع منسوب البحر الأبيض المتوسط . وسيتسبب ذلك حسب توقعات الخبراء في غمر مناطق ساحلية هامة مأهولة بالسكان مما يساهم مثلا في تملح المياه الجوفية وفي إتلاف البنية التحتية التي أقيمت عليها الإستراتيجية السياحية في البلاد منذ ما يزيد عن نصف قرن. (FRANCE 24 - Monte Carlo Doualiya )