تونس بحري العرفاوي: أستغرب هجمة أطراف على جزء من أبناء شعبهم ممن اضطهدوا وأوذوا في أبدانهم وكراماتهم ومعاشهم وسلامتهم النفسية والذهنية والبدنية. أي معنى لثورة لا تنتصر للمظلومين ولا تستعيد حقوق الضحايا؟ أليس من العقوق الأخلاقي والوطني والتاريخي التنكر لتضحيات وعذابات جزء من أهلنا؟ في أجواء الثورات الحقيقة التعويضات تتم في أجواء من التصافي والتسامح والإيثار والإعتذار... ولكن من المؤلم والمحزن أن ترافق قرار التعويض في تونس هذه الحملة من الشتائم والسباب بما يُنغص على الونسيين فرحتهم بالثورة وينكد عليهم متعة استعادة الحقوق. التعويض راجع للأفراد بما هم مواطنون تونسيون فلماذا تشحنون تلك المبالغ بشحنة سياسية ايديولوجية فتنسبونها لحركة بكاملها... ولا أظن أن مثل تلك الحركة بجماهيريتها وامتداداتها في الداخل والخارج تنتظر تعويضات لمناضليها كي تقتطع منها نصيبا لخزينتها. لماذا ينخرط البعض من التونسيين في عداوة مجانية مع جزء من أبناء شعبهم ينازعونهم حقا مكفولا قانونا ؟ هل بدافع مالي حقيقة أم بدافع سياسي؟ وأما القول بأن الشعب التونسي هو الذي سيتحمل المبلغ فإن الشعب التونسي يعرف أن هؤلاء أبناءه وهو أول من يعرف كم عانوا وتعبوا وأوذوا وحرموا ويعرف أنه تخاذل في عمومه على نصرة الحرية بل إنه هو الذي كان البيئة الحاضنة للإستبداد بصمت عامته ونفاق نخبته وجبن أحزابه ونفاق أئمته وتيه شبابه طيلة عقدين كاملين . ستكون النخبة السياسية والفكرية أرقى مكانة وأعمق إنسانية وأصدق ثورية لو أنها هنأت بنات وأبناء الضحايا باعتراف الثورة إليهم بمظلوميتهم . أقسم لو كنت ابنا من أبناء هؤلاء الضحايا ورأيت والدي يُجرّ من رأسه وأمي تُعرى وأخواتي يبكين ورأيت صمت الجيران ونفاق الأحزاب والنخبة الشقية ولو عشت حصارا في الشارع وفي المدرسة وفي المعهد لأن الأولياء يوصون صغارهم بعدم الإقتراب من أبناء السجناء ... أقسم لو عشت تلك الظروف لعملت على تكوين كتائب انتقامية وليس حتى ثورية لتصفية كل الجواسيس والعملاء والقوادين والشامتين أولائك الذين كانوا زيوت محرك طاحونة عصير اللحم الحي ...وفيهم من يعارض الآن وبصفاقة في التعويض للضحايا.