اعلنت محامية مدير تلفزيون "التونسية" ان موكلها سامي الفهري توجه الخميس الى النائب العام ليتم حبسه، ممتثلا بذلك لمذكرة توقيف صدرت الاسبوع الماضي. وقالت سنية الدهماني ان "سامي سلم نفسه للنائب العام"، بدون ان تضيف اي تفاصيل. واصدرت السلطات التونسية الأسبوع الماضي مذكرة توقيف بحق سامي الفهري مدير قناة خاصة اشتهرت ببث برنامج سياسي ساخر ينتقد رموزا من حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في البلاد. وقالت المحامية سنية الدهماني لوكالة فرانس برس إن القضاء أصدر في ساعة متأخرة من يوم الجمعة الماضي بطاقة ايداع بالسجن بحق موكلها "من دون استدعاء المتهم أو محامييه ما يمثل خرقا للقانون" التونسي. وأضافت أن القاضي خرج في عطلة مباشرة بعد إصدار بطاقة الإيداع ما حال دون اتصال المحامين به. وقالت وكالة الأنباء التونسية ان الفهري يلاحق من أجل قضية تتعلق ب"ابتزاز" مالي للتلفزيون العمومي في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. لكن سامي الفهري (40 عاما) صرح السبت لإذاعة اكسبرس إف إم الخاصة ان تحرك القضاء ضده في هذا الوقت جاء على خلفية بث قناته برنامج "اللوجيك السياسي" الساخر لافتا إلى انه الوحيد الذي تم استصدار بطاقة توقيف ضده من بين المتورطين في قضية التلفزيون العمومي. ويتضمن البرنامج فقرة "القلابس" وهي دمى متحركة ترقص وتغني وتجسم شخصيات حكومية وسياسية تونسية شهيرة مثل راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة وحمادي الجبالي أمين عام الحركة ورئيس الحكومة، ومنصف المرزوقي رئيس الجمهورية. وحظي البرنامج الذي انطلق بثه بداية شهر رمضان بشعبية كبيرة في تونس مثلما أظهرت ذلك استطلاعات رأي. وقال سامي الفهري إن البرنامج أثار "جنونهم" (حركة النهضة) وأن لطفي زيتون عضو حركة النهضة والمستشار السياسي لرئيس الحكومة اتصل به شخصيا وطلب وقف البرنامج. وأضاف أنه اضطر تحت وطأة "الضغوط (الحكومية) الشديدة" إلى إيقاف بث البرنامج قبل اربعة ايام من عيد الفطر. وتابع ان زيتون عاود الاتصال به بعد تسرب أخبار حول تعرض القناة لضغوط حكومية وطلب منه التصريح لوسائل إعلام بان تلفزيون التونسية لم يتعرض لأي ضغوط وأنه أوقف بث البرنامج من تلقاء نفسه. ويعتبر صحافيون تونسيون أن لطفي زيتون يقوم اليوم بدور مماثل لدور عبد الوهاب عبد الله المستشار السياسي السابق الذي كان مكلفا مراقبة و"تركيع" الاعلام في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والذي تم سجنه غداة الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع. وهدد زيتون مؤخرا بإصدار "قائمة سوداء" بأسماء الصحافيين التونسيين الذين خدموا نظام بن علي إثر احتجاج صحافيين على تعيين حركة النهضة موالين لها على رأس التلفزيون العمومي ووسائل إعلام أخرى. وعبر صحافيون معارضون لحركة النهضة عن خشيتهم من زج الحركة بأسمائهم في القائمة السوداء "كتدبير انتقامي". والخميس الماضي، أعلنت بثينة قويعة الصحافية في الاذاعة العمومية أن الحكومة أمرت باقالتها إثر بثها برنامجا انتقدت فيها التعيينات الأخيرة في قطاع الاعلام. وفي سياق متصل، افاد سامي الفهري إلى أن وزير الداخلية علي العريض منع مؤخرا بناء على "تعليمات" الممثل الكوميدي عربي المازني الذي يتعامل مع قناة "التونسية" من تقديم عرض مسرحي. وكان الفهري ينتج برامج ومنوعات خاصة للتلفزيون العمومي عبر شركة الانتاج الخاص "كاكتوس" التي أسسها العام 2002. ويقول الفهري إن صهر الرئيس المخلوع بلحسن الطرابلسي (شقيق ليلى الطرابلسي زوجة بن علي) "انتزع" منه في وقت لاحق 51% من رأسمال الشركة بدون تسديد ثمن هذه الاسهم. وبعد الإطاحة بنظام بن علي صادرت الدولة حصة الطرابلسي في الشركة وعينت عليها متصرفا قضائيا فيما أقامت الإدارة العامة للتلفزيون العمومي ونقابته دعاوى قضائية ضد "كاكتوس" من أجل انتفاعها دون وجه حق بأموال كان من المفروض أن تعود إلى التلفزيون، واستعمالها معداته التقنية لانتاج برامج خاصة بها. وتصل العقوبة القصوى لهذه الجرائم في القانون التونسية إلى السجن 10 سنوات نافذة. ويلاحق الفهري في هذه القضية مع بن علي اللاجىء في السعودية وبلحسن الطرابلسي الهارب في كندا، وعبد الوهاب عبد الله وعدد من مسؤولي التلفزيون العمومي. وقال الفهري لوكالة الانباء التونسية ان "المتورطين" معه في قضية شركة "كاكتوس" لم تصدر بحقهم مذكرات توقيف مشيرا إلى الطابع "السياسي" لمحاكمته. وحذر من أن "ماكينة سياسية قوية تشتغل (في تونس) لتعطيل مسار حرية الاعلام واستقلاليته" في إشارة إلى حركة النهضة الحاكمة.