رئيس الوزراء ،حمادي الجبالي،ابنا من صميم أبنائكم،فكريا ،سياسيا و ثقافيا.نشأ بينكم ،ترعرع في أحضان مشروعكم ،أكل من نفس المائدة التي نصبت بينكم،شرب من حليب الفكر الذي نهلتم منه،قضى جزءا كبيرا من سنه بين جدران السجن ،تألم و عذب مثل اغلب أبنائكم ،صمد ولم يتنازل ،صبر ولم يلن ، وعض على النواجذ. بعد الثورة،كان مهندسا في مخابركم ،كما كان من قبل،ساهم من جهته فيما وصلتم إليه في الانتخابات ،اتفق معكم في الرؤية و المنهج و السياق نحو التأسيسية ،قام بقيادة حكومة ذات القاعدة الثلاثية و المتقايسة الضلعين ،وحلت علينا بثمانين ونيف من الوزراء ومشتقاتهم، وأطلت و باشرت تفرعات الدولة العميقة و إخطبوطها ،حاول العمل أو بموازاتها مع إدارة تربت في أحضان المقيم العام أولا وثانيا مع النهج البورقيبي ،وثالثا مع فساد الرأس وعائلته،طيلة العقود الماضية،حاول ثم حاول ،كرر وأعاد الكرة عله يجد مدخلا لإدارة تحصنت خوفا ورعبا من تجربة جديدة،ترفق و كظم الغيظ لعله يبعد الفشل عن حكومة وقعت بين سندان الأتباع ومطرقة المخاصمة و المناكفة السياسية،وبذل كل الوسع كي لا يقوم الفشل و الفاشلين من اصطياد حكومته،التي رأت من المتربصين والمعرقلين و قوى الجذب إلى الوراء مع المتحمسين و الغاضبين والاكستراثوريين العنت والعسف والضرب تحت الحزام،داس على الألغام المناوئة والصديقة على حد سواء،ولم يجد من يمد له يد العون إلا استثمارا أو توظيفا ،و مع كل خصومة أو مناكفة سياسية أو منازلات على محاريب الإعلام تُشد أنفاسنا خوفا من تخريب وطن بحاله،ضرب الأخماس بالأسداس ،فكر وقدر،و لم يجد بعد تجربة السنة أفضل من أن يحميكم من تحمل عبء تجربة ناشئة،مشاكلها وعقباتها تنوء من حملها الجبال،بحث عن حل خلاق كي لا تستثمروا فشلا لحكومة محسوبة عليكم،فارتضى أن يفتدي مستقبل حزبكم بمستقبله السياسي،فارتضى أن يقدم رؤية لحكومة غير حزبية،تتشكل من شخصيات لم يمسها شك في مسارها أو منتجها،و لم يعرف عنها زحفا أو طاطاة أو تزلفا،تدير ما تبقى من عمر التأسيسي و تشرف على انتخابات يلمع كل سياسي لها شفرته. بربكم،أليس هذا في مصلحة حزبكم و من مصلحتكم،أليس في ذلك إبعادا لكم عن تحمل وزر فشل الحكومة التي لم يراها قريبة و ترونها بعيدة،لعدة اعتبارات ذاتية و موضوعية. و باستطاعتكم ،هنا،العمل مع قاعدتكم الشعبية الكبيرة،التي ملت الوعود مع التردد والارتعاش و الخوف المبالغ فيه من عدم الاستقرار،أليس هذا في رصيدكم عندما تهتمون أكثر بالتواصل الميداني مع الناس دون أن يكلفكم واجبات المسؤولية في الشأن العام ودون تحميلكم ما لا طاقة لكم به،وهو يقيلكم تحمل عبء الباقي من مرحلة التأسيس،و يمنحكم الوقت كي تهتموا أكثر ببنيتكم و بنائكم و منهجيتكم،بأبنائكم و أتباعكم ،بحزبكم و حركتكم،الذين أهملتموهم جميعا،وبعد أن وضعتم، كل بيضكم لسد الثغور المتعددة والمختلفة، وكل مائكم ودمكم لإطفاء الحرائق التي يخلفها وراءه ذيل السياسي العقيم،و كل أشجاركم لتثبيت تربة الأرض و حمايتها من الانجرافات و الانزلاقات التي يحدثها طوفان الفساد السياسي والمالي القائم حاليا على هياكل إخطبوط الدولة العميقة المقطوع الرأس. أليس أفضل لكم،انتخابيا،الدخول للمعارك السياسية و الإعلامية والانتخابية دون أن تتحملوا المحاسبة الشعبية على كل هنات المرحلة الانتقالية التي نظّرتم طويلا من اجل سموها و إذا بمغنطيس الإدارة القديمة تجذبها إلى مربعها عنوة،و تدخلكم مخاتلة زواريبها في غياب الحكمة والفاعلية والخبرة. الم يجنبكم بطرحه الأخير و خياره المستحدث، مخاطر تحمل أعباء مرحلة وأخطاء أبناء وشركاء و معارضين،تمنيتم أن يحملوها معكم و إذا اغلبهم يشتهي لعق عسلها مع وضع كريات الحنظل في سلتكم. ويجنب الوطن من أن تتقاسم أحلامه ورؤاه و انتظاراته، القبائل السياسية الجائعة ،القديمة والمستجدة،و يجنب أبناء وطنه التناحر و التنازع على ميراث الثورة التي لم يصلب عودها بعد. من جهتي ،وبصفتي الناهل من نفس الإناء،فاني أرى أن تمدوا أخاكم التأييد و النصح و أن لا تحولوا بينه وبين أن يقدم رؤيته بعد أن خبر التجربة و حاول معها فلم تستجب،فذلك أفضل للوطن و لحزبكم،و تكونوا له عونا و تباركوا تمشيه عل الوطن يخرج من النفق بأفضل حال و عله يتعافى من أثار التناحر السياسي و خناجر بعض أبنائه،المغتبطين بالسعي حفاة عراة بين قصر قرطاج و قصر الحكومة بالقصبة. اللهم فاشهد أني قد بلغت. ودمتم سالمين، ودام الوطن سالما و معافى، والى لقاء. باحث وسجين سياسي سابق