جامعة النقل تعلن تأجيل إضراب المطارات    الملح: القَتَالْ الصامت اللي يضرب صحتك...كيفاش؟    الكاف: تجمع نقابي بدار الاتحاد الجهوي للشغل بالكاف    الماريخوانا ما عادش خطيرة؟ ترامب يراجع القوانين    إيقاعات الراي تلهب مسرح الحمامات مع النجم الشاب مامي    وزيرة الثقافة تدعو إلى اعتماد رؤية إبداعية مُتجددة خلال أيّام قرطاج السينمائية والمسرحية    عاجل/ اتحاد الشغل يعقد هيئة إدارية وطنية    القصرين: اختيار 60 مشاركاً لتمثيل الجهة في التصفيات النهائية للبطولة الوطنية للمطالعة    افتتاح فعاليات الدورة 38 للمهرجان الصيفي بزغوان بفضاء معبد المياه    الترجي يفرض عقوبات مالية وتأديبية على المتأخرين عن بداية التحضيرات    ساقك فيها القلب الثاني... إهماله يسبب جلطات ومضاعفات خطيرة كيفاش؟    عاجل/ مقتل كهل داخل شقته في العوينة: هذا ما تقرّر ضد المشتبه بهم    الرابطة الأولى: تشكيلة نجم المتلوي في مواجهة النادي البنزرتي    مونديال الكرة الطائرة للفتيات دون 21 عاما - المنتخب التونسي ينقاد الى خسارة ثالثة أمام نظيره الياباني صفر-3    إصابة 3 أشخاص بإطلاق نار في نيويورك    عاجل/ قتلى وجرحى في حادث مرور مروّع بهذه الجهة    الشابة: القبض على مروج مخدرات    عاجل/ الأجهزة الأمنية الاسرائيلية ترفض احتلال غزة    عاجل/ صفاقس: حريق في عمارة يودي بحياة طفل    عاجل - للتوانسة : إحذروا من فخ الجوائز الوهمية على الفايسبوك والإنستغرام!    كأس الاتحاد الإفريقي .. النجم الساحلي يواجه الأهلي مدني السوداني والملعب التونسي يصطدم بسنيم نواذيبو الموريتاني    قبل بداية البطولة: تغييرات كبيرة في القوانين... وتنقيح جديد في مجلة العقوبات...شنيا صاير؟    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    غوارديولا يستبعد مشاركة رودري بقوة في المباريات الافتتاحية للبطولة الانقليزية    قابس : استكمال ربط محطة النقل البري الجديدة بمختلف الشبكات في وقت قريب    3 وفيات و4 إصابات في انقلاب شاحنة محمّلة بالفحم الحجري بأوتيك    غدا الأحد: غلق هذه الطريق بالعاصمة..#خبر_عاجل    عاجل/ بالأرقام: موسم الحصاد لهذا العام هو الأفضل منذ 5 سنوات    طقس اليوم: الحرارة تصل 40 درجة والبحر مضطرب بهذه الجهة    خزندار: الإطاحة بمتحيّل خطير محل 26 منشور تفتيش وأحكام تفوق 100 سنة سجناً    وزير صهيوني يدعو إلى تهجير سكان غزة إلى ليبيا    زيلينسكي: ''الأوكرانيون لن يتركوا أرضهم للمحتل''    إيران تعلن اعتقال 20 جاسوسا للموساد في طهران ومحافظات أخرى    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الإفتتاحية    بلدية تونس .. مواصلة مقاومة ظاهرة استغلال الطريق العام    تنفيذ برنامج تنظيف الشواطئ بنسبة 80%.. #خبر_عاجل    المناخ يأثر على النفسية: تحذيرات وهؤلاء هم الأكثر تضرّرًا    الحكومة السورية تندد بمخرجات مؤتمر الحسكة وتعلن انسحابها من مفاوضات باريس    مصيف الكتاب بالقلعة الصغرى.. احتفاء بالإصدار الأدبي «هدير الأمواج» للكاتبة نسرين قلص    إلى شتات أهل وسلات    الفنان مرتضى ... حضور ركحي متميز وطاقة فنية خلاقة أمام جمهور غفير للموسم الثالث على التوالي بمهرجان صفاقس الدولي    تاريخ الخيانات السياسية (40): قتل الخليفة المهتدي    استراحة صيفية    أماكن تزورها...الشبيكة (توزر) روعة الطبيعة وسحر الواحات    صيف المبدعين: الكاتبة سعاد الخرّاط: عشت في الحقول الشاسعة والأبراج المُسوّرة وبيتنا كان مزارا    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    وزيرا السياحة والتجارة يفتتحان الدورة 18 لمعرض الصناعات التقليدية بنابل الذي يتواصل من 8 الى    حجز كميات كبيرة من الأجبان والبيض والمثلجات في 3 ولايات: تفاصيل المحجوز    رسمي: منحة غذائية لمرضى داء الأبطن من العائلات الفقيرة ومحدودة الدخل    الليلة: طقس قليل السحب والحرارة تصل إلى 33 درجة    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    مناسك الحج 2026: فتح باب التسجيل من 11 أوت إلى 8 سبتمبر    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    صندوق النقد العربي يتوقع نمو اقتصاد تونس بنسبة 2ر3 بالمائة خلال سنة 2025    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جماليَّات الأدب الإلكتروني التفاعلي!- أ.د/عبدالله بن أحمد الفَيْفي
نشر في الفجر نيوز يوم 24 - 04 - 2013


أ.د/عبدالله بن أحمد الفَيْفي
1 أصدر ميشيل جويس Michael Joyce أول «رواية تفاعليَّة» في العالم، بعنوان «الظهيرة، قصة» Afternoon, a story، 1986، مستخدمًا برنامج المسرد Story space، وهو برنامج لكتابة هذا النوع من النصوص المتفرِّعة. ثم نَجَمَت برامج أخرى، كبرنامج اسمه: «الروائي الجديد».
وهناك تجارب منذ مستهلّ هذا القرن للروائي الأردني محمد سناجلة، من خلال رواية بعنوان «ظلال الواحد»، 2001، و«شات»، 2005، ورواية أخرى بعنوان «صقيع». وكان موقعُ (اتِّحاد كُتاب الإنترنت العرب) قد أطلق رواية «شات»، وغيرها.(1) وهي توظِّف خصائص البرمجيَّات الإلكترونيَّة لإنتاج نصٍّ سرديٍّ متفرِّع، يسمح بالربط بين النصوص، والأعمال الفنِّيَّة، عبر وصلات وإيقونات، ترتبط بنصوص، أو بصور ثابتة أو متحرّكة، أو بأصوات حيَّة، أو بموسيقى، أو بأنماط جرافيكيَّة، أو بخرائط، أو برسوم إيضاحيَّة، إلى غير ذلك. في غابةٍ متداخلة بين المتون والحواشي، وما يرتبط بالموضوع، أو يضيئه.
أمَّا على المستوى النقدي العربي، فيُعدّ كتاب (سعيد يقطين)، تحت عنوان «من النص إلى النص المترابط، مدخل إلى جماليَّات الإبداع التفاعلي»(2)، الكتاب العربي الأوّل، فيما نعلم، في هذا الموضوع.
2
إن التركيب المعقَّد للنصوص التفاعليَّة، بتفصيلاته المختلفة: كالأشرطة المتحرّكة، واللوحات الفنِّيَّة، والموسيقى المصاحبة، والأبعاد الإخراجيَّة، هو ميدان اختصاصات فنِّيَّة متعدِّدة، لا تدخل في مجال الناقد الأدبي. غير أنها تُعدّ مكمِّلات نصِّيَّة، تعبيريَّة وتأثيريَّة. وإنما ينحصر هدف الناقد الأدبي في استقراء الأدب، من حيث هو أدب، مع وصف مجمل التجربة وتقييمها، دون التحليل الشامل لتفريعاتها الكثيرة. ومن هذا يتضح قيام تكامل عضويّ وترابط بين صفحات النصّ ومكوِّناته المختلفة، من حيث ذلك كلّه معبِّر عن مضمون عنوانه وموضوع طرحه.
وهنا يتبادر السؤال: تُرى ماذا يمكن أن يضيفه النص الأدبي الإلِكترونيّ التفاعليّ إلى المشهد الأدبي العربي؟ إنه نصٌّ لا يشتغل على البنية الداخليّة للنص، بمقدار اشتغاله على طريقة عرضه. ويمكن القول، إذن: إنه وريث محاولات تفاعليَّة سابقة، كانت تسعى لإحداث ضروبٍ من الحواريَّات النصوصيَّة. وهناك غير اسمٍ خاضَ مثل هذه التجربة في العالم العربي. نشير، مثلًا، إلى: الشاعر علي الدميني- من السعوديّة- في مجموعته الشِّعريَّة بعنوان «رياح المواقع»، (1987)، التي أبدى فيها جرأة لافتة في التجريب، والإفادة من الأجناس الأدبيَّة والفنِّيَّة الأخرى، منتقلًا من (الاستعارة-القصيدة) إلى ما أسميته في مقاربة سابقة ب(الاستعارة-الديوان)(3). وكذا فعل الشاعر علاء عبدالهادي، من مصر، في مجموعته الشِّعريَّة «مهمل.. تَسْتَدِلُّونَ عَلَيْهِ بِظِلّ»، (2007)، وقبل ذلك في مجموعتيه: «الرغام: أوراد عاهرةٍ تصطفيني»، (2000)، و«شجن»، (2004). وقد تطرّقتُ إلى تجربته تلك في دراسة لي بعنوان «النصّ الغابة». وكذا يمكن الإشارة إلى النص الروائي الشِّعري الإشكالي للدميني أيضًا، بعنوان «الغيمة الرصاصيَّة»(4).
إلَّا أن تلك التجارب إنّما كانت تحاول ما تحاول على الوَرَق، في حين يخطو النص الإلكتروني التفاعلي إلى نوعٍ جديد، يتخاطب مع العين والأذن مباشرة، وعبر تقنية العصر الإلِكترونيّة. إنها محاولة تستهدف تقديم النصّ إلى جيلٍ ما عاد يتعامل مع الوَرَق، ناهيك عن أن يَفْرُغ لقراءة ديوانٍ شعريٍّ أو رواية. وفي هذا مسعًى لنَقْل الأدب بطريقةٍ مدهشةٍ، وطريفةٍ، تتواصل مع حساسيَّة إنسانيَّة راهنة في التعبير والتلقِّي، تمثَّلتْ منذ أكثر من عِقدٍ من الزمن انقلابًا تاريخيًّا في التراسل المعلوماتيّ، صاحبَ الثورة الكُبرى في الاتصالات وتقنية المعلومات، ولاسيما بعد بروز الشبكة العنكبيَّة، وسيلةً كونيَّة أُولى في بثّ المعلومة، ضمن منظومة تُؤْذِن بنهايات عصر المدوَّنات الورقيَّة، أو على الأقل بوضعها على الرفّ، مفسحةً الميدان واسعًا لنوافذ إبستمولوجيّة لا نهائيّة، بفضاء العالم أجمع.
وبذا فإن النص الإلِكترونيّ التفاعليّ يتَّكئ بالضرورة على شِعريَّات معاصرة شتَّى إلى جانب شِعريَّة الكلمة- وهي شِعريَّات غُفل من التناول النقديّ- ويُطَوِّعها للتعامل مع قارئٍ مختلفٍ تمامًا، من جيل متصفّحات الإنترنت، لا جيل الصحائف والدواوين والسرديّات. وعليه، فإن هذه التجارب تمثّل رافدًا للحركة الأدبيّة، الآنيّة والمستقبلة، في عصرنا الإلِكتروني هذا، الذي يُشاع أنه لم يَعُد عصر أدب. وإذا كان يمكن لجنس الشِّعر، تحديدًا، أن يفيد من التقنية التفاعليَّة الحديثة كثيرًا، بما في طبيعة الشِّعر من نزوع إلى الإيجاز والتكثيف، وإلى التناص والتثاقف، فإن نحو هذه من الجماليَّات، العائدة إلى طبيعة الجنس الأدبي، يمكن أن يكون للرواية التفاعليَّة كذلك؛ لما يحمله جنس الرواية بطبعه من طاقات أكثر مواتاة للتفرُّع، وإثراء النص بعوالم حيَّة، ما كان للرواية الورقيَّة بها قِبَل. إنها تحوِّل الرواية إلى فيلمٍ سينمائيٍّ، ولكن على نحوٍ جديد، يجعل المتلقِّي بطلًا من الأبطال، لا مجرّد مشاهد.
3
يبقى القول:
1- إن التقنية لا يمكن أن تكون مطيَّة لنصوص خداج. فلا يُغْني عن القصيدة ولا عن الرواية أن تصبحا تفاعليَّتين ما لم تكونا أوَّلًا على درجةٍ جيِّدةٍ، من حيث جنسهما الأدبي. لتضيف التقنية التفاعليَّة على جماليَّاتهما جماليَّات جديدة.
2- إن النصّ التفاعلي قد يغدو منزلَقًا إلى شتات النص وتلاشيه بين يدي متلقِّيه، ضائعًا بين النوافذ والإيقونات. قد يَحدث ذلك كثيرًا، ما لم يأخذ المنشئُ من تلك الوسائل التعبيريَّة بقدر ما يناسب عمله، دون إسراف. وإلَّا آل الأمر إلى ضربٍ من العبث الشكلاني، الذي عرفه الأدب العربي قديمًا، مثلًا، خلال عصور الانحطاط الأدبي، كتحميل النصوص بأغلال المحسِّنات، أو تحويل العمل الأدبي إلى ميدان لهوٍ وتلاعبٍ بالكلمات والأشكال، وإنْ على حساب المعنى، والرسالة، والقيمة الأدبيَّة.
3- إن مستقبل الأدب التفاعلي العربي مرهونٌ بحالة التقانة العربيَّة المتواضعة، والقلقة، والمهدَّدة بالتواري عن الأنظار بين حين وآخر، لسببٍ أو لآخر. وما لم تتأسَّس أنظمة شبكيَّة مأمونة، ولها صفة الثبات والاستمرار في عالمنا العربي، تحميها قوانين مفعَّلة، فسيظلّ النشاط في هذا الميدان، إبداعًا ونقدًا، في إطار التنظير، واستشراف المستقبل المنشود، وغير المتحقِّق هاهنا والآن. ذلك أن وجود نصٍّ أدبي تفاعلي خارج شبكة «الإنترنت»، أو باشتراطات تقنية خاصَّة، غير متوافرة لغالبيَّة المتلقِّين، لا معنى له (تفاعليًّا). ولاسيما أن من ضمن القنوات التفاعليَّة لتلك النصوص ارتباطها بخلايا الشبكة المعلوماتيَّة نفسها، وبروابطها، وإلَّا بات النص- الذي يسمَّى تفعاليًّا- مغلَقًا على نفسه، وغير تفاعليٍّ أصلًا، بما تعنيه هذه الكلمة من دلالة في هذا العصر.
(1) هذه الأعمال لم أستطع التوصّل إليها بالبحث على الشبكة، إعدادًا لمحاضرتي في (نادي جُدّة الأدبي الثقافي)، ليلة الثلاثاء 19 مارس 2013، بعنوان «جماليّات الأدب الإلكتروني التفاعلي». وكنتُ قد اطَّلعتُ عليها منذ حين. وهي على كلّ حال تتطلّب لقراءتها- كما هو معروف- وجود برنامج (الفلاش ميكروميديا).
(2) (الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 2005).
(3) انظر: الفَيْفي، عبدالله بن أحمد، (2005)، حداثة النصّ الشِّعري في المملكة العربيّة السعوديّة: قراءة نقديّة في تحوّلات المشهد الإبداعيّ، (الرياض: النادي الأدبي)، 97.
(4) للكاتب دراسة بعنوان «الغيمة الكتابية: (قراءة في تماهي الشعريّ بالسرديّ)»، قدّمها في مؤتمر النقد الأدبيّ الثاني عشر، حول "تداخل الأنواع الأدبيّة"، جامعة اليرموك، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، الأردن، 22 – 24 / 7 / 2008. -


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.