باريس نفس الصورة و نفس المشهد المأساوي ، من أيلول الأسود إلى صبرا و شتيلا ، مرورا بحمام الشط ، إلى جنين و وصولا إلى غزّة ، صورة المأساة التّامة و نفس المشهد يتجدد : دم عربي مسلم يسفك و أبرياء يقتلون و يشردون و مساجد تدمر و نساء تدفن أحياء و خراب مادّي و نفسي و حالة صهيونية تضرب في أعماق أعماق الفرد العربي و المسلم و "قادة أذلة على عدونا عتاة علينا" قادة لا يهمهم سوى نهمهم الغريزي , لا يلقون لأحزاننا بالا , لا علاقة لهم لا بالكرامة و لا بالدين و لا بالحق و لا بالشرف و لا بالعدل نحن المأساة , نحن المصيبة و نحن القضية , نحن شعوب العالم العربي و الإسلامي نمثل عمق المأساة الكل يعرف معرفة تامة و الكل يقر بيقين تام أن لا خير لأمتنا يأتي أو سيأتي من حكامنا , لا عدل يأتي من حكامنا , لا كرامة تأتي من حكامنا ; و لكننا دائما ننتظر خيرا قد يأتي من حكامنا مصير غزة و مصير الأقصى و مصير فلسطين في "قلوبنا و عقولنا" نحن شعوب العالم العربي و الإسلامي. نحن نعيش وسط عمق , لقد سلمنا حريتنا و إرادتنا لمن باعونا سلمنا كل قيمنا العليا من حق التعبير و التفكير و الاختيار إلى جلادينا و فراعنتنا و عشقنا الرفاهية الدينية و الروحية بعيدا عن المظلومين و المساكين و المستضعفين في الأرض. يقتل الأطفال و الأبرياء و الشيوخ و النساء , تمزق الأجساد و تفتت و تهدم المساجد و أيمتنا و علمائنا صامتون أو منددون و للحكام راكعون و ساجدون أية شرعية دينية , أية مشيخة يدعون , عن أية قيم يدافعون و قد قطعوا وصالهم مع المعتصم و صلاح الدين و ابن زياد : يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب ماذا ينفع العالم المسلم إذا لم يهد دمه و روحه فداء لقيم الحرية و العدالة في ديننا لماذا لا يصنع علماء المسلمين بأجسادهم جسورا من مكة و المدينة و الأزهر و الزيتونة إلى غزة لحماية أطفالنا و نسائنا حتى وإن سجنوا حتى و إن قتلوا حتى و إن عذِّبوا يكفيهم فخرا أن يكونوا قد ساروا و لو مرة واحدة في طريق الشهداء الذين يتناغمون و يعيشون قيم دينهم بكل فخر و بكل إعتزاز العلماء وحدهم قادرين على تحريك الشعوب و الجماهير المقهورة العلماء وحدهم قادرين على رفع الذلة عن أمتنا العلماء وحدهم قادرين على أن يرفعوا عنا حكم الشذاذ والمارقين عن الدين و عن القانون كلمة حق يا علمائنا أمام سلطة و سلاطين لا يقيمون لله و لا للدين و لا للحرية و لا للكرامة قيمة يا علمائنا إمّا أن تكونوا حقا ورثة الأنبياء فعليكم أن تحملوا رسالة الأنبياء من تضحية و فداء و شهادة و إما أن تكونوا من متاع الحكام و السلاطين و من جواريهم و عبيدهم فانبطحوا أكثر و أكثر و لتدمر غزة و ليقتل الأطفال الأبرياء و ليرحل الشهداء و الشرفاء لينعم بالأمن حكامنا وعلمائنا الأتقياء المنصف زيد باريس 2009 المصدر بريد الفجرنيوز