فيما يلي نص الكلمة التي القاها صباح اليوم رئيس الحكومةالسيد علي العريض امام المجلس الوطني التاسيسي خلال جلسة عامة لتأبين النائب الفقيد محمد البراهميوالحوار حول الوضع الامني في البلاد بسم الله الرحمان الرحيم - السيد الرئيس، - السادة والسيدات النواب، - زملائي في الحكومة، - السادة الضيوف الكرام، اسمحوا لي أن أقدم لهذا الحوار بين الحكومة والمجلسالتأسيسي بمداخلة عامة تؤطره وأبدأ بالترحّم على أرواح كل الشهداء من القادةالسياسيين و من أبطالنا في الجيش الوطني وفي المؤسسة الأمنية الذين ارتفعت أرواحهمالزكية في هذا الشهر الكريم وهم في الخطوط المتقدمة يدافعون عن حمى الوطن وأمنالمواطنين و عن الثورة ومستقبلها. ونحيّي ونثمّن جهود كلّ الأسلاك الأمنيّة والعسكريّة ونجاحهم في تعقّب الإرهابوالتقدّم يوما بعد يوم في إفشال مخططاته وكشف عناصره وشلّ حركته. سيداتيسادتي، أود من على هذا المنبر أن أطمئن شعبنا في داخلالوطن وخارجه وأطمئن السيدات والسادة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي وقادة الأحزابالسياسية والمنظمات الوطنية ونشطاء المجتمع المدني بأنّ عزم الدولة راسخ وقوي على مقاومة الإرهاب والدفاع عن حقالتونسيات والتونسيين في تحقيق أهداف ثورتهم وبناء تونس الجديدة التي نحلم بهاجميعا، حاضنة لكل أبنائها، عادلة بين كل جهاتها وأجيالها وآمنة ومستقرة. أن مقاومة الإرهابفي بلادنا يجب أن تكون فوق التجاذبات السياسية والمصالح الحزبية والشخصية الضيقةإنها حاجة وطنية تستدعي تعاون الجميع وتظافر الجهود وإتباع إستراتيجية متعددةالأبعاد تتكامل فيها وتتضامن الوسائل الأمنية والاجتماعية والثقافية والتربويةوالاقتصادية. وفي هذا الإطارنجدّد الدعوة من على منبر المجلس الوطني التأسيسي بما له من رمزية وطنية وسياديةكبيرة إلى كلّ الأحزاب السياسيّة بصرف النظر عن موقعهم من السلطة إلى العملالمشترك على تعزيز اللحمة الوطنية والتوحد حول الوطن والولاء له وتقديمه على إي انتماءآخر وتكريس التهدئة الاجتماعية واعتبار أن المرحلة الحالية تقتضي منّا جميعا أولاالمحافظة على ما تحقّق إلى غاية الآن من مراحل وخطوات في مسارنا الانتقالي وتقتضيثانيا التسريع في إنجاز ما تبقّى من خلال توافقات مقدور على بلورتها بعد أنتوافقنا على ما هو أعقد منها. إن عناصرخطة مواجهة الإرهاب ووسائله معروفة وهي: . الجزءالأمني: وهو دور وزارة الداخلية ووزارة الدفاع بما فيه من خطط تفصيلية لجمعالمعلومة وملاحقة العناصر الإرهابية وإيقافها وإفشال مخططاتها وتفكيك خلاياهاوتنظيماتها ومتابعة التأثيرات الأجنبية عليها أو علاقاتها بالتنظيمات الدولية. وانوحداتنا الأمنية والعسكرية تتقدم في أدائها وتطوير خططها باستمرار. . الجزءالقضائي:ويندرج فيه توفير القوانين المناسبة للمحاكمات وإجراء هذه المحاكمات والإسراعبها دون تجاوز للقوانين أو حقوق الإنسان وفي الإطار تندرج مراجعة بعض القوانينوتأمين المحاكمات والمحاكم ولا شك إن الأحكام الرادعة والعادلة تساهم في جهود الردعوالزجر والوقاية كما تندرج في هذا الباب إعداد الخطط لكيفية التعامل مع المساجين وتاطيرهموفتح حوار فكري معهم.وفي كل هذه المستويات تسعى الوزارة إلى تطوير عملها وأدائهافي إطار احترام استقلالية القضاء. . الجزءالديني أو المساجد والخطاب الديني: وتسعى الوزارة على محدودية إمكانياتها وإطاراتهاإلى النهوض بوظائفها من خلال استعادة الإشراف على المساجد التي حصل فيها انفلاتكما في أغلب المجالات بعد الثورة ومن جملة حوالي 5000 مسجد لايوجد اليوم خارج الإشراف إلا حوالي 100 بعد أنكانوا 2000 في بداية سنة 2012 والجهودمستمرة للإشراف على المساجد وتنظيم عملها وترشيد خطابها ومزيد تكريس دورها كمرفقعمومي يوحد التونسيين ولا يفرقهم ويحتاج هذا المجال إلى قوانين وندوات لمزيد تجويدالخطط والوسائل. . الجزءالثقافي والإعلامي: وذلك عبر الإكثار من المنابر الحوارية في القنوات التلفزية والإذاعيةوالجرائد ودور الثقافة الخ...التي تناقش الأفكار المتشددة بحوار هادئ حتى يطّلعالشعب وأبناؤنا على هذه الأطروحات ويختار عن وعي وقناعة تجنبها ولا يكون أبناؤنافريسة لأساليب غسل الدماغ من أي جهة كانت. والحقيقة إندور الثقافة والإعلام في مكافحة إيديولوجيات العنف والإرهاب مازال متواضعا وذلكبسبب سيطرة القضايا السياسية على هذه المنابر والفضاءات وهذه مناسبة لأتوجه إلى أهلالثقافة والإعلام أن يضاعفوا من جهودهم وأن يولوا هذا التحدّي ما يستحق منالاهتمام. . دور الأحزابوالمنظمات والجمعيات: إن من مسؤولية الأحزاب تاطير منظوريها والارتقاء بثقافتهمووعيهم والعمل على نشر الوعي وتاطير الشباب في المجتمع وان للأحزاب دورا في تنظيمالندوات الحوارية حول الإيديولوجيات العنيفة والإرهابية غير أن سيطرة الشأنالسياسي والتشنج الخطابي جعل الدور الذي تقوم به الأحزاب والمنظمات والجمعياتمحدودا في مكافحة الإرهاب واني استحثها جميعا على أن تطرح على نفسها السؤال التاليماهو دوري في جهود المجتمع لتحصين نفسه ضد نزعات الغلّو والعنف والإرهاب؟ فلاينبغي الاكتفاء بالنقد والاحتجاج فقط. . التعاون معالدول الشقيقة والصديقة: عبر تبادل المعلومات والخبرات وهذا المجال يسير بخطىمناسبة ويتطور باستمرار. إن هذه العناصر مجتمعة تمثل مفاصل خطة مكافحة الإرهاب وهيكما ترون ليست كلها بيد أجهزة الدولة يضاف إليها مضاعفة الجهود الاقتصاديةوالاجتماعية باعتبار إن الفقر والإقصاء والتهميش يضاعف من انتشار الأفكار المنغلقةوالإرهاب. سيداتيسادتي، إنّ الوفاق السياسي والهدوء الاجتماعي والمثابرةتزيد من حجم النجاح في الخطة ولذلك فإننا نؤكد على أهمية مواصلة المسار الانتقالي والتأسيسعلى ما تحقق ضمنه من خطوات هامة ونستحث المجلس الوطني التأسيسي بجميع كتله وأعضائهإلى تسريع الخطى لاستكمال الخطوات المتبقية قبل 23 أكتوبر القادم من دستور وهيئةالانتخابات وقوانين انتخابية وتحديد موعد للانتخابات وقد اقترحنا 17/12 كبداية لها كما نأمل منالسادة النواب المنسحبين العودة إلى استئناف نشاطهم بالمجلس وفي فضاءات الحوارالتي وإن تعثّرت حينا فإنّها لطالما اتسعت لحوارات هامّة وطويلة وأثمرت مشروعدستور وانتخاب هيئات تعديليه كما ساهمت في تعديل بعض خيارات الحكومة في تصوّروإدارة بعض الملفّات. وأذكّر فيهذا السياق أنّ المجلس الوطني التأسيسي بصلاحياته وتعبيره عن إرادة الشعب قد منحهالقانون المنظّم للسلط العموميّة الصلاحيّات التي تخوّل لنواب الشعب فيه تعديلسياسات الحكومة بل أكثر من ذلك تغيير الحكومة أصلا. وتفاعلا معمساهمات ومقترحات قادة الأحزاب وممثلي المنظمات والشخصيات التي شاركت في اللقاء الإعلاميوالحواري حول آخر تطورات ملف الإرهاب كانوا أكثر من 60، تؤكّدالحكومة حرصها على استدامة التشاور والحوار مع كل القوى السياسية والأطرافالاجتماعية والثقافية من أجل التعاون في تحليل الواقع ومعالجته على أساس تشاركيهفاعلة ولقد كان هذا منهجنا أبان تشكيل أول حكومة في ديسمبر 2011 والثانيةفي مارس 2013. ونحن نتّجه إلى تكوين مجلس استشاري يتكوّن منممثّلي الأحزاب السياسية والهيئات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والشخصياتالوطنية يتولّى تقييم ومناقشة واقتراح السياسات في أهمّ القضايا الوطنيّة السياسيةوالأمنية والاجتماعية وغيرها انطلاقا من قناعاتنا بالشراكة في إدارة الشأن العام. كمانعمل على تشكيل لجنة وطنية تتولى بلورة إستراتيجية وطنية شاملة لمقاومة الإرهابتتكامل فيها كلّ الأبعاد الثقافية والتربوية والأمنية والاجتماعية وغيرها وذلكانطلاقا من الخطط السارية ورصيد التجربة المتراكمة. كما نعمل على وضع خطّة مشتركة مع الإعلاميين لتعزيز التواصل بين مختلفأجهزة الحكومة وخاصة منها ذات العلاقة بالمسائل الأمنية والعسكرية بحثا عن تحقيقمعادلة دقيقة تحتاجها بلادنا في معركتها مع الإرهاب بين تأكيد حق الإعلاميين فيالوصول إلى المعلومة والتعليق وبين عدم التأثير على الأبحاث والخطط أو المسّ منمؤسساتنا الأمنية ورجالاتها.زيادة على مزيد بلورة دور الإعلام في التصدي للأفكارالعنيفة وإيديولوجيات المنغلقة. أمّا قانون مكافحة الإرهاب فإنه لم يُلغَ وهو ساريالمفعول إلى حين تعديله لكن اعتماده يترافق اليوم مع توفير كل ضمانات المحاكمةالعادلة والالتزام بالحريّات وحقوق الإنسان باعتبار ذلك منجزا هامّا من انجازاتثورتنا المباركة ومكسبا من مكاسبها. أخيرا، 1- تؤكّد الحكومة التزامها بمصارحة الشعب وتقديم حقائقالوضع إليه باعتباره المعني الأول بالمساهمة في مواجهة الإرهاب وحماية الوطن وحمايةنفسه والأجيال القادمة. ولن تكون مصارحتنا لشعبنا في اتجاه الحديث عن الانجازاتوالانتصارات فحسب رغم أهمية ذلك ولكننا لن نتأخر أيضا في مصارحته بالمخاطروالصعوبات يقينا منّا بأنّ إشراك الشعب وخاصة في القضايا الوطنية الكبرى من صميممسؤولية الحكومات ومن جوهر الممارسة الديمقراطية وأنّ تغييبه واحد من مداخلالاستبداد. 2- إني أنبّه إلى مخاطر عدم الاستقرار السياسي والاجتماعيفي بلادنا على اقتصادنا الوطني الذي نجح رغم كل الصعوبات والعراقيل في وقف الركودوتجاوزه وفي تحقيق بعض المكاسب الهامة التي يجب مواصلة العمل على تثبيتها وتعزيزهابأخرى حتى يستعيد اقتصادنا عافيته وانطلاقته المنشودة. وتعتبر الحكومة أن التلويحبدفع الوضع في البلاد لأي سبب من الأسباب الحزبية أو الفئوية أو الإيديولوجيةالضيقة نحو التداخل بين الفضاء السياسي والفضاء الاجتماعي خطر كبير على البلادوعلى ما حققه التونسيون والتونسيات من مكاسب بعد تضحيات كبيرة. 3- وأدعو الجميع أحزاب ومنظمات ومواطنين إلى الاصطفاف جميعافي هذه المرحلة وراء مؤسساتنا الأمنية والعسكرية وإعطائهما الفرصة لتركيز الجهودحول تعقّب الإرهاب ومواجهة جيوبه في إطار حالة من الوحدة الوطنية . ونعتبر أنّ كلّاستهداف للأمن والجيش مؤسسات أو قيادات وأعوان أو معنويات هو استهداف للوطنوالثورة وأنّ كثرة التحركات والتجمعات التي تفرض على الجيش والأمن توفير الحمايةلها هو تشتيت لإمكانياتهما الأمنية وبعثرة لجهودهما وبالنتيجة إكراه لها علىالتواجد في مواقع غير المواقع التي يجب أن تتواجد فيها حيث العمليات الإرهابيةوحيث يترصد الإرهابيون ببلادنا وأمنها. 4- أخيرا، أحيّي شعبنا على قدرته الفائقة في التمييز بينالمواقف والخيارات والأولويات ووقوفه بدون حسابات وبعيدا عن كل الرايات واللافتاتمع الوطن ومع الثورة ومع المؤسسات السيادية كما أحييه على التزامه الأشكال السلميةوالمدنية في التعبير عن رأيه وعدم انجراره وراء دعوات الفوضى والخروج على الدولةومؤسساتها. سيدي الرئيس،إننا نواصل النهوض بواجباتنا ليلانهارا وفي مختلف المجالات لأن شعبنا وشبابنا ينتظر منا الكثير وطموحاته مشروعة فيبسط الأمن ومكافحة الإرهاب وخدمة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتهيئة لانتخاباتحرة ونزيهة بما في ذلك أن تكون تحت رقابة العالم كلّه. وإنّ استعدادنا للحوار لا حدودله ورسائل المحتجين وصلت ونحن حريصون على الحوار معهم جميعا. إنّ هذه حكومةكل التونسيين فمرحبا بكل الآراء والمقترحات ما احترمت إرادة الشعب والتزمت التعبيرالمدني. شعبنا الأبي شعبناالذكي لا تٌجاري دعوات الفوضى أو الإرهاب وواصل حياتك وجهودك في كل المجالات. إنكألهمت شعوب الدنيا بثورة التحرر من الاستبداد وأنت أهل لتلهم الربيع العربي طرقبناء الدولة الديمقراطية بالطرق السلمية والحضارية. وفقكم الله جميعا وبارك فيكم.