تونس: هولندا هي بلد الدراجات بلا منازع، فالإحصاءات تشير إلى أنّ عدد الدراجات الهوائية يتجاوز عدد السكان، إذ تتضمّن هولندا حسب بيانات العام 2009، على 18 مليون دراجة في مقابل 16,7 مليون مواطن. شغف الهولنديين بالدراجات لم يعد يقتصر على الداخل الهولندي فحسبُ، ولعلّ مساهمة السفارة الهولندية في تونس بالاشتراك مع جمعيات محلية، في تمويل حملات توعية بفوائد الدراجات على الصحة والبيئة، خير دليل. فوائد الدراجات في تونس جمعية قانونية، تأسست بعد ثورة 14 يناير، تضع نصب عينيها نشر ثقافة استعمال الدراجة لما لها من فوائد صحية وانعكاسات ايجابية على البيئة. ويقول عادل بزنين رئيس جمعية "Vélorution" التونسية، للقسم العربي بإذاعة هولندا العالمية "هنا أمستردام": "الدراجة وسيلة نقل حضرية، وليست للرياضة فقط، ونحن نعمل على نشر ثقافة استعمالها بالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدني، ومع السفارة الهولندية في تونس". والدراجة كوسيلة نقل، تساعد على التخفيف من حدّة الاكتظاظ في الطريق من وسائل النقل الأخرى، ومتطوّعو جمعية "Vélorution" يعملون على نشر استعمال الدراجات أسوة بهولندا. ويضيف بزنين إنّ " "Vélorution( ويُقصد بها ثورة الدراجات) تستلهم من منظمات وجمعيات لها بعد عالمي، تؤمن جميعها بأفضلية الدراجة ودورها الصحي والبيئي، لكن هذه المنظمة التونسية لا تتبع أي جهة وتنشط فقط محليًا. 300 دراجة هولندية احتضنت السفارة الهولندية في تونس مبادرة هذه الجمعية الفتيّة، وقررت مساعدتها، وتبدو السفارة مقتنعة بأنّ الآلاف من الأطفال المحرومين والمُهمشين في مناطق مختلفة من تونس يتنقلون في "رحلة طويلة" للوصول إلى مدارسهم، بعضهم يقطع أكثر من خمسة كيلومترات مشيا على الأقدام، والبعض الآخر يضطر لصعود الجبال وعبور الغابات للوصول إلى المدرسة أو المعهد. لذلك تقول سفارة هولندا في تونس إنها قرّرت التبرع ب 300 دراجة في إطار مشروع "الألف دراجة"، وفي اطار تعاون بين السفارة وجمعية "Vélorution" والهلال الأحمر التونسي وجمعية "Colorbike" الهولندية التي تهتم أيضا بالدراجات. ويوم الاثنين، سلّمت الجمعية التونسية والسفارة الهولندية عددا من الدراجات التي تمّ تصنيعها في هولندا إلى أطفال في مدينة طبربة التي تبعد 35 كلم عن العاصمة تونس، وذلك ضمن حملة (الدراجات المدرسية) الموجّهة إلى تلاميذ المناطق المهمّشة. وفي اليوم العالمي للبيئة في 5 يونيو / حزيران الماضي، أقامت السفارة الهولندية والجمعية التونسية Vélorution نشاطا غير مسبوق بالعاصمة، تمثل في قطع موكب دراجات لمسافة معينة بهدف التعريف بفوائدها وحثّ المواطنين على استعمالها. هدايا هولندية تقول المسؤولة عن الشؤون السياسية والثقافية في السفارة الهولندية بتونس، سيسكا ياكوبي فان دورن، في تصريحات للقسم العربي إن هذا المشروع بدأ في ديسمبر /كانون الأول من العام 2011، ويأتي مشروع مساعدة الأطفال المحرومين على استعمال وسائل نقل صديقة للبيئة، في إطار مشروع أشمل وأكبر، يتعلق بمساعدة تونس في فترة الانتقال الديمقراطي. تقرّ فان دورن بحصول بعض المشاكل، لكنّ تدخّل الهلال الأحمر التونسي أدى الى وصول الدراجات إلى تونس، وذلك بعد أن حصل تعطيل لفترة ما، يتعلق بالقوانين التونسية والبيروقراطية. ويقول عادل بزنين رئيس جمعية "Vélorution" إنّ القوانين الجاري بها العمل في تونس، تمنع مرور هبات مماثلة إلا عبر الهلال الأحمر التونسي ومنظمة أخرى، لذلك طلبنا من الهلال الأحمر التدخّل لاستلام الدراجات من هولاندا، وكان الأمر كذلك. وتستلطف المسؤولة الديبلوماسية الهولندية، سيسكا ياكوبي فان دورن، كثيرا اهتمام وسائل الاعلام بالمبادرة، وتقول: "حظيت المبادرة باهتمام اعلامي جيّد، وسنواصل المساهمة مع الشركاء لتعميم هذه المبادرة الى مناطق أخرى في تونس". ولا يقتصر الدور الهولندي على توفير الدراجات فحسب، بل تتم المتابعة والتدريب وتعليم الأطفال كيفية استعمال الدراجة وإصلاحها في حالات العطب المفاجئ.