عاد مجددا الحديث عن النقابات الأمنية، علاقة النقابي بالسياسي و عن مفهوم الأمن الجمهوري خاصة. 1- علاقة الجهاز الأمني بالثورة: لا يشك عاقل أن غطرسة الجهاز البوليسي هي الصفة الأولى للنظام القمعي الشمولي و لا وجود لدكتاتورية دون جهاز بوليسي يفرض هيبة "الزعيم" و هنا تحديدا تحول دور الجهاز الأمني في الدولة الى حام لشخص لا لشعب و هذه كانت حالنا قبيل الثورة. الجهاز الأمني هو اذن سبب رئيسي في اندلاع الثورة بل ان الثورة كانت في البداية ضد هذا الجهاز بالذات بسبب ممارساته التي كانت أكثر بشاعة بعد موعد 17 ديسمبر. 2- علاقة الجهاز الأمني بالمؤسسة العسكرية: الدولة البوليسية كما ذكرت سالفا قوامها الجهاز الأمني و ليس العسكري و رغم المساوئ العديدة و النقائص المتعددة الا أن المؤسسة العسكرية في تونس قد خرجت منتصرة من وقائع الثورة و سأعود في كتابات لاحقة الى هذه المؤسسة أيضا. لا يخفى على القريبين من المؤسستين أن هناك علاقة صدامية غير معلنة بينهما ألهبتها بعد الثورة الامتيازات الكبيرة التي تمتعت بها المؤسسة العسكرية اضافة الى كونها أصبحت الجهاز الأول في البلاد في مقابل كيل التهم و تقديم القضايا بالجهاز الأمني و هذا كفيل باشعال فتيل نار بينهما. 3- النقابات الأمنية: تونس هي من الدول القلائل في العالم التي سمحت بتكوين نقابات أمنيّة و عدد هذه الدول يحصى على رؤوس الأصابع. ليس الاشكال في تكوين نقابات أمنية بل في مدى قدرة المنتسبين اليها على الفصل بين العمل النقابي و العمل السياسي بداخلها و هذا ما سقطت فيه النقابات الأمنية في تونس لكونها كانت صوتا للتوجه السياسي للأمنيّين لا صوتا للدفاع عن حقوقهم النقابية. ليس هذا فحسب فبعض هذه النقابات تكون عند لزهر العكرمي و بأمر منه و سيرة هذا الرجل وحدها كافية للحكم على هذه النقابات بكونها مسيسة أولا و جهازا أمنيا موازيا ثانيا. 4- الأمن الجمهوري: مفهوم الأمن الجمهوري يبقى المفهون الأكثر غموضا بعد الثورة خاصة و أنه مبني على ثقافة معينة تحتاج وقتل و تكوينا و جهدا كبيرا من جهة و تحتاج تحمل طرفي المعادلة الأمنية ( الأمن و المواطن) لمسؤولياتهما في ارساء هذا الهدف، هذا في الواقع مازال أمرا صعب المنال في المدى المنظور لأن كلى الطرفين أخل بواجباته. 5- خاتمة: مواقف النقابات الأمنية و عدد من الأمنيين المعلنة تتقاطع مع أهداف الثورة المضادة و تخدم نصرتها الشيء الذي حول الجهاز الأمني مجددا الى حام لجهاز لا لشعب. -----الصغير شامخ-----