لمعلومية الأجيال الصغيرة في السن و التي قد لا تكون تعرف التاريخ السياسي التونسي، فانه قد كان كل من تسنح له فرصة أن يمسك المذياع في حفل أو اجتماع أو ما شابه (و عادة ما يكون انسان "واصل") فانه لابد و لزاما أن يذكر ((سيادة الرئيس)) في كلمته ... فاذا كان الحفل لتخريج دفعة معلمين مثلا، فلا بد أن يقول المتكلم أثناء كلمته (و المعلم الأول سيادة الرئيس...) و اذا كان الحفل لتكريم كروي فلا تخلو الكلمة من الاشادة (بالرياضي الأول سيادة الرئيس...)، و اذا كان الاحتفال يخص المهندسين فان الكلمة لا بد أن تحتوي على التنويه بالفكر الهندسي (للمنهندس الأول سيادة الرئيس...)، و هكذا دواليك...... و دارت عجلة التاريخ... و تلك الأيام نداولها بين الناس... و اذا "بلحاسي" الأمس يتحولون بقدرة قادر و بين عشية و ضحاها الى "نقاد العصر و الزمان" و اذا بهم يستبدلون الاشادة بمنجزات و عبقرية "سيادة الرئيس" ((بسب و ثلب النهضة))... فهل سمعتم أحد الساسة الأجلاء المحترمين في معارضتنا التي لا "تحصى و لا تعد" - بالرغم من كونها غثاءا كغثاء السيل لا نفع فيه- أعطي الكلمة في منبر من منابر القنوات السمعية و /أو البصرية أو حتى أعطي المذياع في الشارع أو تم تسجيله في "المقهى" و لم يذكر أن السبب في الموضوع المتحدث عنه و عادة ما يكون (مصيبة) هي النهضة، و حتى اذا كان السؤال المطروح: ما هو برنامجكم السياسي؟ فسيكون الجواب: نعم، عندنا برنامج سياسي، نعم، و النهضة عملت 365 نقطة في برنامجها و لكنها لم تنجز شيئا منها.... و الظاهر أنهم تعبوا من (مضغ اللبانة) فاستبدلوا كلمة النهضة بعبارة جديدة ، لعلكم لاحظتموها اخيرا ألا و هي (هم و نحن)، فتجدهم يقولون (نحن و هم) و لا شك (أنهم) ، و الفرق بيننا (و بينهم)، و (مجتمعنا و مجتمعهم)... و هكذا.. ما دامت الأفكار شحيحة و العقول جامدة على الابتكار و الانجاز الوحيد لدينا يتمثل في كثرة الكلام الفارغ أصلا فسيبقى الحال على ما هو عليه...و لكن بطرق مبتكرة كلها تؤخر و لا تقدم. د/ابراهيم ميساوي