قال - تعالى -: ﴿ لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 196 - 198]. هذا يعني ان للباطل جولات، و لكن من احق من المسلمين فهما ان ذلك ماهو الا زبد كغثاء السيل، لا يمكن ان يدوم او ان يبقى في الارض او ان ينفع الناس او ان ينتفع به الناس و ان طال الزمن -من منظور الناس-، فقصة الاسلام من أوله، كلها عبر لمن أراد ان يعتبر و لمن ألقى السمع و هو شهيد.... "بدا الاسلام غريبا و سيعود غريبا فطوبى للغرباء." بدا الاسلام برجل واحد، محمد صلى الله عليه و سلم...... و قد قال هذا "الرجل الواحد وقتها" عن تميم الداري رضي الله عنه قال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وأهله وذلا يذل الله به الكفر , وكان تميم الداري يقول عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية.) و بقي محمد و من تبعه في ضيق و ضيم ثلاث عشرة سنة في مكة حتى اذن الله لرسوله بالهجرة الى المدينة و كان التمكين و كانت الدولة الاسلامية القوية.... و تغلبت صولات الحق عل جولات الباطل.... و لكن الغريب العجيب ان تجد و ترى قُلُوبًا غُلْفًا وَ أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَ آذَانًا صُمًّا وَ أَلْسِنَةً عِوَجًا، بالرغم مما جاءها من حق مبين انتشر نوره فعم ارجاء المعمورة و بلغ الآفاق و تلغلغ في الأنفس فالتحق بركب الحق المبين اليوم اكثر من مليار و نصف المليار مسلم .... و صدق رسول الاسلام صلى الله عليه و سلم فقد دخل الإسلام فعلا كل بيت..... و لن يضر المسلمين ان يكون بينهم من لا يؤمن بالإسلام فقد عاش رسول الله في المدينة بين ظهراني الكفار و المنافقين و اليهود... و لم يرغم لا هؤلاء و لا أولئك على ان يكونوا مسلمين و لكن (كانوا عايشين باحترامهم، يعني دون عنطزة كفار و لا تدخلات في صميم سياسة المجتمع المسلم)..... اليوم تغيرت الأحوال و أصبحت المجتمعات متداخلة في الأحكام و السياسة لان الاسلام لم يعد يضره من كفر او اسلم و لكن تبقى الأغلبية هي الحاكمة....... ففي المجتمعات المسيحية لا تجد ان الجالية الاسلامية و ان بلغت عشرات الملايين او حتى مئات الملايين هي الحاكمة او هي التي تفرض الأحكام الاسلامية بل ما عليها الا ان تعيش حرة أبنية في ديمقراطية لا تضطهد أفرادها لا في ممارسة شعائر دينهم او حتى في معايشهم بين تلك المجتمعات المسيحية ، تلك هي الديمقراطية التي عاشها من تم اضطهادهم من الإسلاميين في أوطانهم فهاجروا و عايشوا المجتمعات الديمقراطية و أرادوا ان يستوردوها لبلدانهم لما رجعوا حتى يعيش بنو أوطانهم في حرية مهما كانت الاختلافات العقائدية و الأيديولوجية بينهم... و لكنهم صدموا لان من لم يستطع نور الاسلام الساطع ان يدخل في نفسه، ما كان لنور اقل منه من الحرية او الديمقراطية ان يلج تلك الأنفس الحجرية..... و للإسلام فترات يمر بها فمن فترات ضعف و انتكاسة الى فترات ازدهار و قوة و لكنه باق بقاء الحق و الباطل ذلك امر الله و سنته في خلقه و لا مبدل لسنته و لا معقب لأمره و لكن اكثر الناس لا يعلمون فنجدهم يحاربون الاسلام و يضيعون جهدهم و مجهوداتهم ظانين انهم سيتغلبون عليه و ينهون الإسلاميين في حقد أعمى قد أعمى البصائر قبل الابصار.... و تبقى سنة الله في خلقه "للاسلام فترات و للحق صولات و للباطل جولات" قائمة يهدي بها الله من يشاء من عباده و يضل بها من يشاء و تهز الناس هزا فيستفيق من يستفيق و يبقى النائمون نوعا رغم شدة الاهتزاز..و لله في خلقه شؤون... د/ابراهيم ميساوي