بلاغ جديد من النجم الرياضي الساحلي    النفطي يشارك في أشغال الدورة 51 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول    وزارة الصحة تؤكد استجابتها لاغلب مطالب الاطباء الشبان وتدعوهم الى القيام باختيار مراكز العمل يومي 23 و24 جوان الجاري    تسجيل 3،2 مليار دينار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في تونس لكامل 2024 (وكالة النهوض بالاستثمار)    الحرس الثوري: الموجة الأخيرة تتضمن صواريخ بعيدة المدى وثقيلة ومسيّرات    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    طبربة: إيداع مربي نحل السجن من أجل تسببه في حريق غابي    الترجي يعود لزيه التقليدي في مواجهة مصيرية ضد لوس أنجلوس في كأس العالم للأندية 2025    قابس: أكثر من 250 مشاركا في الدورة 41 لمعرض قابس الدولي    صحتك النفسية فى زمن الحروب.. .هكذا تحافظ عليها فى 5 خطوات    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    اختتام مشروع "البحر الأزرق هود"    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    عاجل/ العامرة: إزالة خامس مخيّم للمهاجرين يضم 1500 شخصا    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    هجمات اسرائيل على ايران: السعودية تحذّر.. #خبر_عاجل    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    دعوات لرفع مستوى المبادلات التجارية بين تونس وعُمان وتطوير شراكات استراتيجية    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    الرابطة الأولى: النادي الصفاقسي يتعاقد مع المدرب "محمد الكوكي" (صور)    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    إيران تخترق كاميرات المراقبة الخاصّة بالإسرائيليين.. #خبر_عاجل    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    ''التوانسة'' على موعد مع موجة حرّ جديدة في هذا التاريخ بعد أمطار جوان الغزيرة    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    الأستاذ عامر بحببة يحذّر: تلوّث خطير في سواحل المنستير ووزارة البيئة مطالبة بالتدخل العاجل    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتحدث الرسمي باسم إخوان سوريا:نهج المراجعة أصبح حالة متقدمة في جماعة الإخوان
نشر في الفجر نيوز يوم 14 - 03 - 2009

شرع الإخوان المسلمون بسوريا في الآونة الأخيرة في تكثيف إطار المراجعات حول خبرات الجماعة، وما يمكن أن تستقيه من دروس وتجارب من خلال إعادة النظر في حصيلة تجربتها القاسية التي قادتها إلى المنافي جراء الصدام العنيف مع النظام السوري.
ورغم أن الجماعة ترى أن ما صدر عنها من أعمال في سياق الصراع مع نظام الحكم في دمشق إنما تم بشكل فردي وأن المتسبب فيه بالأساس حملات القمع النظامية، إلا أن الجماعة أجرت سلسلة من المراجعات حول خبرات الماضي وما يمكن تطويره في مجال الأفكار والرؤى للدخول الفاعل الفضاء المستقبلي، ويبدو أن فضاء المراجعات لم يقفل بابه بعد بالنسبة لجماعة الإخوان بسوريا.
في إطار هذا السياق عقد المكتب السياسي لإخوان سوريا في لندن مؤخرا ندوة تشاورية مغلقة لتقويم مواقف الجماعة واستشراف المستقبل، واللافت أن تلك الفاعلية شهدت مشاركة عدد من الشخصيات الإسلامية البارزة والباحثين المتخصصين في شئون الحركات الإسلامية من جنسيات مختلفة نشطوا بمساهمتهم في مناقشات الندوة.
انطلاقا من هذه الندوة وما أثارته من نقاش حول خط المراجعات لدى إخوان سوريا كان لنا هذا الحوار مع السيد زهير سالم الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا.
* مما رشح من معلومات عن فعاليات الندوة التي قمتم بتنظيمها مؤخرا في لندن يمكن القول إنها تعرضت في أحد أهم مفاصلها لدراسة التجربة التاريخية للجماعة وتعميق نهج المراجعات التي تسير في الحركة منذ فترة، فما الجديد الذي طرح في هذا السياق؟
- لابد أن أشير ابتداء إلى جديد النهج الذي انتهجته جماعة الإخوان المسلمين، لا بد لمن يتابع واقع الجماعة الإسلامية في الأقطار العربية والإسلامية أن يشعر بشيء من القلق، فعلى الرغم من وحدة المنطلقات ومن التمسك بالثوابت الشرعية المشتركة بين الجميع، نجد تباينا في الرؤية وفي الموقف على الساحات العربية والإسلامية، قد يكون لهذا التباين أحيانا أسبابه الموضوعية، ولكنه في كثير من الأحيان ينشأ عن نقص في المعلومة أو إصرار على فهم معين أو نوع من اللامبالاة بالآخر.
وقاعدة (كل شيء كامل مكتمل) ربما لم تعد مقنعة على صعيد أبناء الحركة، وتحويل (الشورى) المبدأ العملي الذي فرضه الإسلام إلى (ليلى) و (سلمى) للتغني بها دون تطبيقها أو ممارستها يوميا وعمليا هو قصور شرعي.
إذا كان أهل مكة أعلم بشعابها كما يردد الكثيرون، فبإمكان السوري والعراقي والمصري والفلسطيني، أن يجعلوا نخبة من رجال الرأي والمشورة من أهل مكة.
نقول هذه ظروفنا، وهذه معطيات موقفنا، هذا تاريخ علاقاتنا وحاضرها، أشيروا علينا أيها الناس كما قالها سيد الرسل من قبل، أردنا أن نستمع من الآخرين، من أهل ثقتنا من إخواننا، ليس ما يسرنا بظاهر القول وإنما ما ينفعنا، كانت ساعات مباركة تحدثنا فيها قليلا، واستمعنا فيها كثيرا واستفدنا كثيرا.
أعتقد أن التجربة بحد ذاتها تستحق التنويه، وهي جديرة بالتكرار، بل يجب أن تكرر بظروف أفضل، التجربة الأولى قابلة للتطوير، كسوري يهمني أن أعلم وأن أشارك بالرأي على الأقل حول مجريات الواقع في لبنان وفي العراق وفي فلسطين، هذا إقليم عربي واحد (الشرق العربي)، يهمني أن أطلع على التجربة الإسلامية في موريتانيا وفي الجزائر والمغرب، يهمني أن أتابع أبعاد محنة أهلنا في تونس.
أتمنى أن تصبح هذه الندوة دورية، وأن تعد لها الأوراق، وأن يحدد مسبقا المطلوب منها بدقة، وأن يقوم المشاركون بدراسة المعطيات للخلوص إلى المشورة الأفضل.
سأسمح لنفسي أن أقول لقد استفدنا كثيرا من الندوة وكانت لدى المشاركين قدرة كبيرة على توليد الأفكار والمقترحات، ولكن بعض المداخلات أو المشاركات كانت لفظية أو عرضية أو تعلقت بسياق هنا أو هناك أحب أن يكون لدى رجالات الحركة الإسلامية القدرة على تجاوز هذا.. عندما تضع ولدك على طاولة العمليات بين يدي الطبيب الموثوق، لا يسرك كثيرا أن يسألك عن لون قميصه، هذه الإشارات لا تلغي الكثير الطيب الذي شارك به جمهور المستشارين.
* بعد كل هذه السنوات ألا تستحق تجربة الإخوان في سوريا منكم الدفع نحو المزيد من المراجعات الجريئة للتجربة؟
- نعتقد أن المراجعات على الصعيد الجماعي أشبه بعملية المحاسبة الفردية، المسلم في كل يوم يقوم بمحاسبة نفسه، ومن استوى يوماه فهو مغبون كما في الحديث الشريف.
والمراجعات في رأينا نوعان، عملية ونظرية، وفي الأولى تقوم القيادات الراشدة بتسديد وتصويب موقفها باستمرار، وهنا يكون المطلوب من المتابع والمراقب أن يلتقط هذه التغيرات.
في حين تتم المراجعات النظرية بأحد طريقين، إما بنقد التجارب السابقة وتقويمها، وإما بتقديم رؤى جديدة ونهج جديد يلغي القديم أو يتجاوزه، نحن نعتقد أن جماعتنا بما قدمته في كل من ميثاق الشرف الوطني والمشروع السياسي قد قامت بما يكفي على صعيد المراجعات لمرحلة الثمانينات، يجب ألا ننسى أن هناك ملفات كثيرة تتعلق بالمرحلة لم تغلق بعد، وأن حقوقا كثيرة ماتزال قيد المطالبة.
* هل نهج المراجعات وتأسيس بيئة حاضنة وقابلة للنقد الذاتي أصبح سائدا ورائجا داخل أروقة الجماعة أم أن هناك خلافا حوله؟
- لا أحد من الناس يدعي العصمة، ولكن يصعب على الكثيرين الاعتراف بالخطأ، دائما للمخطئ معاذيره التي يلقيها دفاعا عن نفسه أو عن قراره.
أستطيع أن أقول إن نهج المراجعة أصبح حالة متقدمة في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ليس هناك اختلافات بالطبع حول المبدأ، ولكن حساسية بعض الموضوعات، وتداخل الشخصي بالموضوعي يشكل أحيانا عائقا، نتمنى أن يتعمق هذا النهج على صعيد الحركة الإسلامية بشكل عام.
* البعض يأخذ عليكم أنكم تميلون إلى لغة المداورة في تقويم تجربتكم، بمعنى أنكم تتحدثون عن أخطاء مشفوعة بكلمة لكن، وتنسبون كثيرا من عملكم إلى الظروف التي أحاطت بكم، وسياسات النظام، ما تعليقكم؟
- هذا سؤال مهم، ومثير، وينطلق أيضا من حكم أو موقف مسبق، أما بالنسبة للغة التي نتحدث بها فلكل علم وفن لغته الخاصة ومصطلحاته وطرائقه وتعابيره، وأحيانا لكل فقيه أو عالم مصطلحاته ومعجمه، (لا بأس) عند الشافعي غيرها عند الحنفي.
لغة السياسي بالتأكيد هي غير لغة المحقق في قاعة المحكمة، بعد زيارة مهمة بين زعيمين يعلقون على المحادثات بأنها كانت (جدية وصريحة) كلاما له معنى في لغة السياسة، ولا يمكن أن يطلب من السياسي أن يتكلم بلغة الشاهد في المحكمة أو لغة المتهم.
المهم الثاني في هذا السؤال هو الانطلاق من حقيقة خاطئة في ذهن السائل، إذ إن رصد وتقويم أي عمل ينبغي أن يأتي في سياقه التاريخي وظروفه الموضوعية.. إن اقتطاع أي فعل عن سياقه ودوافعه وبواعثه ومقترناته ونتائجه ليس عملا سياسيا ولا هو عمل (قضائي) (عدلي) أيضا.
نحن كنا ضحايا نظام قمعي استئصالي شمولي، ونحن على اختلاف ردود فعلنا على الصعيد الفردي على الأقل صدر علينا حكم بالإعدام.
الحقيقة التي يجب ألا تغيب أن (الفعل العنيف) الذي ينسب إلينا كان ردا لفعل، ولم يكن اختيارا ابتدائيا لجماعتنا، ولم يكن قرارا مسبقا،. ولم يشترك فيه جميع أبناء جماعتنا وهذا أهم، في كل قوانين العالم المواطن مسئول أمام القانون كفرد ليس إلا.
الدعوي والسياسي
* تحدثت بعض التقارير عن أن ندوتكم الأخيرة شهدت إثارة مسألة ضبط العلاقة بين المسارين الدعوي والسياسي، وهي مسألة صارت مطروحة على أجندات كثير من الحركات الإسلامية، فما الآراء التي شهدتها الندوة حول تلك المسألة وما هو موقفكم منها؟
- الجواب على هذا السؤال ينبغي أن ينطلق من ذهنية (الآخر)، بمعنى الحاكم أو السلطة أو حتى النظام العالمي، هذا الآخر الذي يتميز بجمود وتعصب كبيرين، ولديه موقف سلبي رافض لبعض التسميات، رفض يقوم على أساس التعصب فقط، إنه بمثابة قتل على الهوية كما يقولون.
ومن هنا يطلق بعض الدعاة والمفكرين التساؤل إذا كانت معركتنا حول المضامين وليست حول العناوين فلماذا لا يتم تجاوز العنوان المتنازع عليه، أو يتخصص هذا العنوان بزخمه وألقه التاريخي في ميدان العمل الدعوي الخاص، ويتم الانطلاق بالمضامين نفسها تحت عنوان جديد، طرح قديم جديد.
بالنسبة إلينا في سوريا فقد تم حسم هذه القضية منذ سنوات على الصعيد النظري على الأقل.. هناك قرار متفق عليه ومعدة أوراقه للإقدام على هذه الخطوة.
الذي لم يكن يعرفه المشاركون في الندوة والذي لا يعرفه قراؤكم أيضا أن سوريا في القرن الحادي والعشرين ليس فيها قانون للأحزاب رغم أنه صدر وعد بقانون للأحزاب جديد منذ سنتين، سقف الحرية في مصر مرتفع عن سقفها في سوريا خمسون سنة ضوئية وهذه ليست مبالغة.. هذه حقائق.
* هل استفادت الجماعة وعناصرها من تجربة الإقامة في بعض المجتمعات الغربية في نواحي تشكيل عقلية انفتاحية لا تغلب الاحتراز والتشرنق، أم أن أنماط التربية التي يرى كثيرون أنها تمسك بخناق الجماعة وكثير من الحركات الإسلامية في أرجاء العالم مازالت هي المهيمنة؟
- لا بد أن أشير إلى أن فكر وطروحات المؤسسين في سوريا كان فكرا منفتحا في مستوى العصر الذي يعيشون بل أحيانا نجد في كتاباتهم، كما هو الحال مع الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى، ما هو أكثر انفتاحا ولياقة بالعصر مما يطرحه أو يقوم عليه الكثير من الأتباع.
ثم لا بد أن نشير إلى أن عصر الاتصالات المعولم قد ذهب بالكثير من خصوصية المكان، ومع ذلك فالمسلم هو باغي الحكمة أنى وجدها.. إن حالة الانغلاق والتشرنق الذي يقوم على قاعدة (لا مساس) بالبعد عن الآخرين، والتي أصبحت مع الأسف خلقا عاما يتم على أساسه التقويم والفرز، هي من مخرجات العيش المديد في ظل حالة الطوارئ وأنظمة الاستبداد ومناخ الخوف والتخويف.
كما تشترك عوامل التربية الفردية والبيئية في صنع هذا الموقف الذي لا ينتمي إلى الفقه الدعوي الإسلامي بحال.
* هل ترى أن الحركات الإسلامية الأخرى قد استفادت من تجربتكم أم أنها كررت نفس الأخطاء؟ وهل تعتقد أن الحركات الإسلامية تجيد قراءة تجربة مثيلاتها من الحركات الإسلامية، أم أنها تقع في خطأ عدم القراءة حينا والقراءة المغلوطة والقفز على الدروس حينا آخر؟
- مرة أخرى هذا السؤال يصدر عن ذهنية (اتهامية) تفترض أن تجربتنا مليئة بالأخطاء، أحب أن أوضح أن تجربتنا بحمد الله تجربة متقدمة، وما نزل بنا من قسوة المحنة وانتشارها واتساع رقعتها وطول مدتها (ثلاثون عاما)، لو نزل بكثير من الأحزاب والجماعات لربما كانت المخرجات أفدح بكثير.
ومع ذلك فنحن نحب أن يقترب إخواننا في جميع الحركات الإسلامية من تجربتنا ليدرسوها بأبعادها الإيجابية الكثيرة والسلبية، ونحن شاركنا بحكم الاغتراب والهجرة في مد العديد من الحركات الإسلامية، وتجربتنا كانت موضع تأمل واعتبار.
نتمنى فعلا أن يكون بين الحركات الإسلامية لجان تقويم مشتركة تتجرد للاستفادة المتبادلة، أحيانا يدفع المسلمون ضريبة بعض الهيئات على أكثر من مستوى دون أن تكون لديهم القدرة على الاستفادة منها أو توظيفها، مع الأسف كثير من الآبار معطلة، والقصور المشيدة فارغة.
الحضور في الداخل السوري
* هل يمكن الحديث عن مستقبل لجماعة الإخوان داخل سوريا بعد تشتتها في المنافي؟ وإذا ما حدثت المصالحة بينكم وبين النظام فهل ستجدون جماهيرا وأنصارا بعد كل هذا الابتعاد؟
- الجواب على هذا السؤال يعتمد على تحديد ما هو مفهوم (الإخوان المسلمون) وسيعيدنا إلى ثنائية العنوان والمضمون، صحيح نحن كتنظيم غائبون أو مبعدون عن سوريا، أما كمضمون وفهم ونهج وتطلع فنحن والحمد لله التيار الأقوى داخل المجتمع السوري.
نحن مرة أخرى في إطار المراجعات الداخلية نعيد التركيز على (المجتمع السوري) على البناء المجتمعي المتواصل من خلال شبكة للعلاقات، كثيرا ما نطرح في حواراتنا الداخلية أن الانشغال بمربع الشاه الأول قد أضاع على الحركة الكثير من الوقت والجهد وأدخلها في دوامات للصراع الإضافي، ففي الساحات الاجتماعية الدعوية - والدعوي ليس بمعنى الديني المباشر - الكثير من الفرص للبناء والتقدم، وإذا تمكنا من غرس الأشجار الطيبة المتكاملة فسنجني الثمار الطيبة.
أرجو ألا يكون التساؤل عن مستقبل الجماعة داخل سوريا هو سؤال مستقبل حزب أو تنظيم، (المستقبل لهذا الدين) في الشام وفي العراق وفي مصر وفي كل مكان، ورحم الله الشهيد سيد قطب.
* موقفكم من تجميد المعارضة للنظام السوري أثناء العدوان على غزة هل نبع من تقدير لحاجيات الواقع السوري والفلسطيني، أم للصلة التنظيمية التي تربطكم بحماس تحت مظلة التنظيم الدولي؟
- تعليق أنشطتنا المعارضة جاء أساسا في سياق الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة، وقدمنا هذا الموقف كشاهد مصداقية على انحياز جماعتنا الكامل للموقف المقاوم على الساحة العربية والفلسطينية، وقدمناه أيضا كتحد للمصداقية؛ لأن رص الجبهة الداخلية يأتي على رأس مقتضيات تبني نهج المقاومة والممانعة، نحن أردنا أن نقدم مرقاة على طريق الوحدة الوطنية، وأردنا في الوقت نفسه للمحكَمين والشهود أن ينتبهوا إلى مفارقات الواقع.
وقد يسأل البعض ما هو أثرنا على الجبهة الداخلية السورية؟! لا أريد أن أدخل في حديث نظري، سأجيب بالرقم؛ والرقم كما قال الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم شفاف لا يكذب.
حين نتحدث عن محنة حماة أو عن مجزرة حماة يمتد الرقم ليشمل ما يقرب من ثلاثين ألف إنسان، وحين نتحدث عن المفقودين في المعتقلات يصل الرقم إلى عشرين ألف إنسان، وحين نتحدث عن الأسر المهجرة سيكون لدينا عشرة آلاف أسرة.
بنسبة بسيطة سنجد أن هؤلاء يشكلون واحدا أو اثنين بالمائة من أبناء الشعب السوري، ثم إذا التفت إلى أهليهم وذويهم في الداخل والعائلة العربية والسورية بشكل خاص كبيرة ومترابطة، ومتوسط العائلة في سورية يتكون من خمسين أسرة، سندرك أن وراء كل مقتول أو مفقود أو مشرد حوالي خمسمائة إنسان يتلمس الجراح في جنبه كلما حاول أن يتقدم للأمام في إطار المجتمع الذي يعيش فيه.
هذا يوضح الحجم الحقيقي للمحنة التي يزداد تعاطف أبناء المجتمع السوري معها كلما تمادى بها الزمن، لموقفنا انعكاساته الحقيقية إذا كان على الطرف الآخر من هو جاد في دعم مشروع المقاومة والممانعة.
* هل هناك إجماع داخل إخوان سوريا على قرار تعليق المعارضة للنظام؟
- نحن جماعة كبيرة وحية وتدير أمورها بطريقة شورية، وعندنا آلية تنظيمية لاتخاذ القرار، نحن نحرص في قراراتنا الإستراتيجية على أن تكون لدينا أغلبية ظاهرة، قرار تعليق المعارضة كغيره من القرارات الإستراتيجية توفرت له أغلبية ظاهرة على المستوى التنظيمي تجاوزت الثلثين، ثم تلقينا ردود فعل إيجابية وداعمة من كثير من قادة الرأي والفكر والسياسة في العالمين العربي والإسلامي.
مستقبل الهدنة
* وهل تؤشر هذه الهدنة إلى تخلي الجماعة عن السعي لتغيير النظام السوري والاستبدال بذلك السعي لإصلاحه؟
- إعلان تعليق الأنشطة جاء في سياقه كما أشرنا إليه، وهذا القرار مرهون بظروفه ونتائجه.. لقد حقق الموقف الكثير من المقصود منه حتى الآن، وموقفنا من النظام هو موضع دراسة دورية بالنسبة إلينا حيث نقوم في قيادة الجماعة بشكل دوري بإعادة قراءة المستجدات والمعطيات لتحديد مواقفنا السياسية وعلاقتنا على أكثر من محور.
* كيف استقبلت القوى السياسية المعارضة التي ترتبط بعلاقة مع الإخوان المسلمين والمنضوية تحت إعلان دمشق وجبهة الخلاص الوطني هذه الهدنة المعلنة من طرف واحد مع النظام؟
- مرة أخرى أعيد التوضيح.. إن ما جرى الإعلان عنه هو تعليق الأنشطة المعارضة، أما كيف استقبلت القوى المعارضة هذا الموقف فقد كان هناك تفاوت غير قليل.
بعض القوى والشخصيات في الداخل السوري أعلنت تأييدها للموقف كثير من الشخصيات الإسلامية أرسلت إلينا تشجيعا وتأييدا، الذين تحدثوا من رجالات إعلان دمشق في الداخل أبدوا تفهما وتأييدا للموقف.
في الخارج كانت هناك بعض الانتقادات الموضوعية التي تفهمنا أبعادها وأهدافها، وكانت هناك بعض الانتقادات خارج السياقات السياسية.
على صعيد جبهة الخلاص تفاوتت مواقف أطراف الجبهة، على الصعيد الرسمي للجبهة أصدرت الأمانة العامة بيانا بغير موافقتنا تعتبر فيه موقفنا خروجا على ميثاق الجبهة، ونحن بناء على ذلك ندرس موقفنا من الجبهة، والأمر متروك لدينا لمؤسسات الجماعة.
* يثور الحديث بين الحين والآخر عن وجود مفاوضات ووساطات بين الجماعة والنظام السوري فهل يجري شيء من هذا حاليا؟
أما عن وجود مفاوضات بين الجماعة والنظام فنستطيع أن نؤكد أن كل ما كتب وأشيع كان مجرد شائعات، وقد دخل على خط هذه الشائعات مع الأسف دوائر من الاستخبارات العالمية والأمريكية التي أزعجها بشكل أو بآخر موقفنا الأخير.
باحث متخصص في الحركات الإسلامية
اسلام اون لاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.