يدخل الاحتلال الأمريكي للعراق في هذا الشهرعامه السابع حاملا معه سجله الحافل بانواع لا تحصى من الجرائم والانتهاكات والخروقات والهدرالسافر والمتعمّد لأبسط حقوق الانسان العراقي على مرأى ومسمع من عالم أُصيب, وما زال مُصاب, بالصمم واللامبالاة. مع علم الجميع, بما فيهم إدارة المجرم بوش الصغير, بان ذلك الغزو الهمجي شُنّ إستناداعلى أطنان من الأكاذيب المفبركة والحقائق الزائفة والمزاعم الباطلة سبقتها حملات شيطنة لنظام العراق الوطني الشرعي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث,.إستخدمت فيها أمريكا وبريطانيا كلّ أبالسة وشياطين الأرض. ولم يخلُ المشروع العدواني على العراق, قبل الغزو بسنوات طويلة, من شحنات شديدة التأثيرمن الحقد والعنصرية وغرائزالانتقام من العراق وطنا, بكل ما تعنيه كلمة الوطن, وشعبابعراقته وبارثه الحضاري المميّز, ونظاما وطنيا شرعيا, لا يخلو من بعض العيوب بكل تأكيد, لكنه إمتلك الشجاعة والجرأة, خلافا للكثير من الأنظمة, ليقول كلمة" لا" مدوّية في وجه أعتى وأشرس إمبراطورية في العصرالحديث. ومن تابع السفرالمشؤوم للقوات الأمريكيية الغازية وتوابعها من شراذم وعصابات ولصوص جاهزين لتأدية أي دورحتى وأن بخس ثمنه, سيجد إن العراق, الذي كان قبل الغزو بلدا موحدا وشعبا متآخيا متجانسا, تحوّل باسم أسوء أنواع الديمقراطية الى كانتونات ومحميات صغيرة تحكمها أحزاب وعوائل متنفذة مشبّعة بالحقد والكراهية لكل ما يمت بصلة الى العراق الأبيّ وتاريخه المشرق. بل إن جلّ "قادة" ما يُسمى بالعراق الجديد هم غرباء ودخلاء على هذا البلد الشامخ ومستوردون من الخارج. ولذا فقد تيقّنت الادارة الأمريكية القديمة والجديدة, بعد فشل مشروعها العدواني في العراق والمنطقة وبسبب الخسائرالجسيمة بالأرواح والمعدات التي تكبّدتها على أيدي فصائل المقاومة العراقية الباسلة, بان الزمرة التي حشرتها في المنطقة الخضراء لتحكم العراق, هي أعجزمن أن تحكم مدينة صغيرة دون حماية ودعم من القوات الأمريكية الغازية. وما دعوات رئيس الوزراء العميل نوري المالكي الى"المصالحة الوطنية" المزعومة ومطالبته بطي صفحة الماضي, دون أن يشيرطبعا الى صفحة الحاضرالدامية, ما هي الاّ دليل على الفشل الذريع الذي مُنيت به "العملية السياسية" ومأزق الحكومة الحالية التي تتقاذفها رياح الصراعات الحزبية والطائفية والعرقية, وتبعية معظم أركانها الى جهات خارجية كان هدفها وما زال هو جلب المزيد من المصائب والمآسي والفتن الى العراق والعراقيين. لا شك إن الكثيرمن حيل وألاعيب وحملات التضليل المتقنة التي مارسها الساسة الأمريكان وخدمهم في الحكومة العراقية العميلة, قدإنطلت على بعض السذج والبسطاء ومن لديهم قابلية خاصة لخدعاع النفس,فتوهّموا أن أمريكا, التي ضحّت بارواح آلاف الجنود وهدرت مليارات الدولارات وإنحدرت سمعنها الى حضيض ما بعده حضيض وإنهزمت شرّ هزيمة, قامت باحتلال العراق من أجل سواد عيون العراقيين. حتى أن البعض في أمريكا والدول الدائرة في فلكها إعتبرالانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات في العراق, رغم نسبة المشاركة المتدنّية والشكوك المحيطة بالعملية برمتها, إنجازا عظيما سوف يفتح أبواب الفردوس على العراقيين. لكن الحقيقة المرّة التي يصرّ الكثيرون, في المنطقة الخضراء وخارجها, على إنكارها هي إن ذاكرة المواطن العراقي خلال سنوات الاحتلال السبع إمتلأت دما والما ورعبا. ولا يوجد في الذاكرة الجمعية للعراقيين سنتيمترا واحدا يحتفظ بشيء إيجابي بسيط منذ إحتلال العراق وحتى يومنا هذا. فبالاضافة الى مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعوقين, ومثلهم من السجناء والمعتقلين والمفقودين, فقد هام أكثرمن أريعة ملايين عراقي على وجوههم في مشارق الأرض ومغاربها هربا من ديمقراطية متوحّشة حادة المخالب والأنياب. وبفضل ساسته المتكالبين على السلطة والباحثين عن مكاسب غير شرعية على حساب مصالح الشعب الذي فكّ إرتباطه بهم منذ زمن طويل,أصبح العراق اليوم صنوا للفشل السياسي والاقتصادي والأمني, ومثلا نادرا للفساد المالي والاداري والسمسرة السياسية قبل التجارية. بالرغم من المحاولات المتكررة البائسة التي تبذلها وسائل إعلام الادارة الأمريكية وحكومة المنطقة الخضراء, والتي يُراد منها كالعادة خداع الناس والضحك على ذقونهم, والايحاء بان العراق, خصوصا وإن القوات الأمريكية الغازية على وشك الهروب والفرار بجلدها, يتعافى من محنته ويتقدّم بخطى ثابتة نحو المستقبل. لكن أي مستقبل هذا وأمريكا والعصابات التي جاءت معها لتحكم العراق ما زالت جاثمة على صدورالعراقيين كالكوابيس السوداء؟.وكيف لجسد العراق أن يتعافى بعد سبع سنواتٍ من الطعن المتواصل بخناجرأمريكية ومجوسية وصهيونية مسمومة؟