في لحظة ربما لم يكن من متابع لكرة القدم يتذكر قطاع غزة، فاجأ محمد أبو تريكة لاعب منتخب مصر متابعي بطولة كأس الأمم الإفريقية برفع فانلته عقب إحرازه هدفا ليكشف عن فانلة أخرى مكتوب عليها باللغتين العربية والإنجليزية "تضامنا مع غزة" التي تعاني الحصار بعد أن فرضت عليها إسرائيل إغلاقا تاما منذ نحو الأسبوعين. وانتهت مباراة منتخب مصر مع نظيره السوداني مساء السبت 26-1-2008 في غانا بفوز "الفراعنة" على "صقور الجديان" بثلاثة أهداف نظيفة افتتحها حسني عبد ربه قبل أن يسجل أبو تركية الهدفين الثاني والثالث ليتصدر منتخب مصر المجموعة الثالثة التي تضم أيضا كلا من الكاميرون وزامبيا. ففي الدقيقة 66 من المباراة سجل أبو تريكة هدفه الأول ليكشف عن هذه اللفتة التضامنية مع نحو 1.5 مليون فلسطيني محاصر في غزة. وتعزز هذه اللفتة من مكانته في قلوب عشاق الساحرة المستديرة وما سواهم كرياضي خلوق واع بقضايا أمته، إذ سبق له في البطولة السابقة التي استضافتها وفازت بها مصر عام 2006 أن عبر بنفس الطريقة عن استيائه من الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي نشرتها صحيفة "يولاندز بوست" الدانمركية عام 2005، ثم أعادت نشرها عدة صحف غربية بدعوى حرية الرأي. لافتة أبو تريكة حظيت بإشادة إعلامية كبيرة؛ فعلى موقع "نافذة مصر" على الإنترنت قالت أسرة التحرير: "إنهم يشدون على أيدي اللاعب الخلوق ويتمنون له مزيدًا من التفوق في حياته الرياضية، ومزيدًا من القوة في دينه وثباتًا على الحق". بطاقة صفراء
أبو تريكة أقدم على التعبير عن تضامنه مع غزة بالرغم من علمه بعاقبة مثل هذه الخطوة، إذ كلفه الأمر الحصول على بطاقة صفراء (إنذار)؛ حيث يحظر الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" رفع شعارات سياسية في المباريات. ودفع أبو تركية إلى هذه اللفتة ما تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ يوم 17-1-2008 على غزة من إغلاق تام يشمل منع كافة المواد الأساسية وقطع الكهرباء وإمدادات الوقود عنه. وتسبب هذا الإغلاق في كارثة إنسانية كشفت عن وجهها تدريجيا بعد أيام من الإجراء الإسرائيلي، قبل أن تسمح مصر منذ يوم الأربعاء الماضي وحتى اليوم الأحد لسكان غزة بدخول أراضيها لشراء احتياجاتهم الأساسية. وأبو تريكة أحد أبرز نجوم الكرة الإفريقية، حيث يمتلك شعبية كبيرة في أوساط الجماهير على اختلاف انتماءاتها لما يتمتع به من مهارة كروية وأخلاق رياضية، فضلا عما حققه من بطولات كثيرة سواءً مع منتخب مصر أو ناديه الأهلي منذ أن انتقل إليه قبل سنوات قليلة من الترسانة المصري.