منذ أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 الثالث من شهر مايو يوما عالميا لحرية الصحافة، والذي يوافق اجتماعا عقده ممثلو عدد من الصحف المستقلة الأفريقية في مدينة "وندهوك" بدولة"نامبيا" في العام 1991، أصبح هذا التاريخ مناسبة لإبراز دور الصحفيين الذين يعملون يوما بيوم لتثبيت مبادئ الحياد، والدقة والنزاهة في مهنتهم، والمستعدين لمواجهة المخاطر لإبقاء الجمهور مطلعا على مجريات الأمور. وكان موضوع هذا العام هو سلامة الصحفيين والتهديدات التي يواجهونها في عملهم.
وتمنح اليونسكو جائزة غييرمو كانو، التي تحمل اسم ناشر صحفي كولومبي اغتيل في عام 1987 بسبب تنديده بنشاطات بارونات المخدرات في بلاده. ومنحت الجائزة هذا العام تخليدا لذكرى الصحافي السريلانكي لاسانتا ويكريماتونج الذي اغتيل في هذا العام. وفي مدينة اوتريخت الهولندية، تم الاحتفال بهذا الحدث في حفل بدأه بيتر برويرتيس رئيس تحرير صحيفة دي فولكس كرانت واسعة الانتشار ببادرة رمزية عبر إطلاق حمامة في الهواء. كما تحدث في اللقاء وزير الإسكان والتكامل ايبرهارد فان در لان. كما افتتح معرض للصور الصحفية وإعلان جائزة الصورة الأولى، وحضره الأمير قسطنطين اصغر أبناء ملكة هولندا بياتريكس.
فكيف كان الأمر في العالم العربي؟ وضع تقرير لمنظمة فريدم هاوس الأميركية المعنية برصد الحريات في دول العالم جزر القمر في المركز الأول عربيا في حرية الصحافة، وهي الدولة التي ينطق قليل من سكانها بالعربية. وحصلت أغلبية الدول العربية فيها على تصنيف "دول غير حرة" فيما يتعلق بحرية الصحافة.
اليمن: مصادرات مستمرة في اليمن شهدت البلاد حادثين غريبين بالاعتداء على ممتلكات وأعداد من صحيفة الأيام منذ الجمعة وحتى فجر اليوم الاثنين، حيث قامت عناصر يعتقد أنها حكومية يوم الجمعة بالاستيلاء على حافلات ومتعلقات تخصها وإحراق 17500نسخة من صحيفة الأيام المخصصة للتوزيع، وفي يوم حرية الصحافة الأحد وبحسب إدارة الصحيفة فقد قامت السلطات هناك بمصادرة 50 ألف نسخة. واستنكرت المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية ما وصفته بالحملة الحكومية ضد صحيفة الأيام اليمنية اليومية، مذكِّرة بالاعتداءات التي طالت الصحفي عبد الكريم الخيواني والصحفي جمال عامر والمفكر العربي أبوبكر السقاف وآخرين.
العراق:إفلات الجناة وفي العراق تعاونت أمس سبع محطات إذاعية عراقية من مناطق جغرافية مختلفة، لبث برنامج حي خاص مدته 60 دقيقة في مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. واستخدمت في البث اللغات العربية، والكردية، والتركمانية وركزت هذه التقارير على الحالة الصعبة التي يعاني منها الصحفيون العراقيون المدافعون عن حرية التدفق الحر للمعلومات في زمن العنف والصراع. أما المحطات الإذاعية السبع المشاركة فهي إذاعة المربد، إذاعة دار السلام، إذاعة النهرين، إذاعة بابا كركر، إذاعة الديوانية، إذاعة الروضة الحسينية، إذاعة هيزل. ومول هذا النشاط من قبل اليونسكو.
السودان: لا تذكر البيوت سيئة السمعة في السودان وبعد أن اضطر لمغادرة البلاد بسبب مقالات انتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور ها هو جعفر مونرو الصحافي السوداني يشارك في راديو دارفور أو دابنقا الذي يبث من هولندا ويستمع له بعض سكان الإقليم المضطرب غرب السودان. لكن الحال في الداخل لم يزل سيئا لبقية صحافيي البلاد الذين يشكون تدخل الرقابة في عملهم؛ إذ كثيرا ما تحذف الرقابة مواد صحفية، فقد حذفت الرقابة في أبريل الماضي 14 مادة من عدد جريدة الميدان الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني مما اضطر القائمون عليها لعدم طباعتها حيث لم يجدوا سوى صفحات بيضاء محل المواد المحذوفة. وأمس فقط حذفت الرقابة مقالا للكاتب فتحي الضو يتحدث فيه عن بيوت الأشباح وهي مقار استخدمها الأمن لتعذيب المعتقلين والذي سماها "بِيُوت سيئة السُمعة" ويقول الضو أن المقال منعته الرقابة الأمنية من النشر الأحد في صحيفة الأحداث.
ليبيا: تأميم صحف ومائة مليون دولار للعقيد "في ليبيا توجد صحافة ولكن بدون حرية"..هكذا عنونت الرابطة الليبية لحقوق الإنسان تقريرها عن أوضاع الصحافة في ليبيا وقالت أن الكثير من المواقع محجوبة مثل موقع أخبار ليبيا وموقع الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وليبيا الجديدة، وموقع جيل، وليبيون من أجل العدالة.وانتقدت ما حدث في الأسبوع الأخير من ابريل الماضي من هجوم على المقر الرئيسي لتلفزيون وإذاعة "شركة الغد التابعة ل"مؤسسة القذافي للتنمية"وضمها إلى جهاز الدولة الإعلامي الرسمي، "الهيئة العامة لإذاعات الجماهيرية"، وقد تعرض السيد عبد السلام المشري رئيس مجلس إدارة شركة الغد التي أدارت تلك المحطات ولا يزال إلى التحقيق من قبل جهات أمنية مختلفة، كما تتعرض إحدى صحفيات محطة تلفزيون الشركة، الصحفية هالة المصراتى، إلى نفس الإجراءات التعسفية. يذكر أنه تم هذا الأسبوع إيقاف إذاعة برنامج "قلم رصاص" على قناة "الليبية" للإعلامي المصري حمدي قنديل المنتقل لها حديثا، دون تفسير.
البحرين :المواقع السياسية تعامل كمواقع إباحية وفي البحرين احتفلت الأحد جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان وحركة "احترام" ودارت عقب فقرة الحفل حلقة نقاش عن موضوع "الوصول إلى المعلومات وتمكين الفرد البحريني" وقدمت حلقة النقاش لمحة عامة عن الحالة العالمية في ما يتعلق بالوصول إلى المعلومات وبيان كيف تتيح التكنولوجيات الجديدة للمعلومات المجال لتمكين الشعوب، وركزت بصفة خاصة على البحرين، عبرت حركة "احترام"عن قلقها الشديد لتراجع مستوى الحريات الصحفية في البحرين.
واتهمت تقارير صحافية الشيخة مي آل خليفة - وزيرة الثقافة و الإعلام وهي من الأسرة الحاكمة- بأنها تواصل حربها على حرية الرأي والتعبير وتغلق المزيد من المواقع الالكترونية في البحرين، وقال مركز البحرين لحقوق الإنسان أن الحملة ضد المواقع السياسية والمعارضة تدار من قبل جهاز مختص يقوم بإرسال التقارير مباشرة إلى الوزيرة التي صرحت الوزيرة بوضوح في الأمر الوزاري الخاص بتدشين حظر المواقع أن قرار حجب مواقع معينة أو إزالته أمر منوط بها.
فلسطين: يناير الشهر الأكثر قسوة وفي فلسطين وبحسب بيان المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) أمس الأحد فقد تم رصد 257 انتهاكا للحريات الإعلامية، منها 147 انتهاكا ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، وكان أكثرها دموية قتل مصور وكالة رويتر فضل شناعة بشكل متعمد، في حين ارتكبت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة والقطاع ومسلحين فلسطينيين 110 اعتداءات. وأشارالمركز أن الشهر الأول من العام الحالي شهد انتهاكات نوعية خطيرة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء عدوانها على قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل أربعة إعلاميين وهم: علاء مرتجى وعمر السيلاوي، وإيهاب الوحيدي، وباسل فرج، كما جرح العديد من الصحفيين، وجرى تدمير مقرات وسائل إعلامية، وقصف لأبراج تتواجد فيها مكاتب الكثير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية.
الصومال: سترات واقية للصحافيين ويبدو أنه لا طريق لحماية أرواح الصحافيين في هذا البلد المضطرب إلا بتوزيع سترات واقية من الرصاص عليهم..فإقرارا منه بكون الصومال أخطر دول إفريقيا على حياة الصحفيين، قرر الاتحاد القومي للصحفيين الصوماليين أن يحمي ظهر صحفييه- بمعنى الكلمة. حيث وزع الاتحاد هذا الشهر، 20 سترة وخوذة مضادة للرصاص على الصحفيين المستقلين واستهدف المنظمات الإخبارية في أكثر مناطق البلاد اضطرابا.
الأردن ومصر:أخيرا أخبار سارة
وفي الأردن أعلنت محكمة جزاء عمان قبل أسبوع عدم مسؤولية الكاتب الصحافي خالد محادين عن تهمة الذم والقذف ومخالفة قانون المعاملات الالكترونية، في الدعوى التي أقامها ضده مجلس النواب الأردني، على خلفية نشر محادين مقالاً بعنوان "مشان الله يا عبد الله" على موقع "خبرني" الالكتروني. وقد أصدرت المحكمة قرارها بعدم وجود قضية، معتبرة أن الأفعال التي قام بها الكاتب تدخل في نطاق النقد المباح الذي يحميه الدستور، وبالتالي فإن ما قام به لا يرتب عليه أية مساءلة جزائية. وفي مصر وبحسب بيان مشترك ل "مركز هشام مبارك للقانون" و"مؤسسة حرية الفكر والتعبير" فقد رحبت المنظمتان الحقوقيتان بقرار لمحكمة بالتصريح بالطعن على 4 مواد قانون العقوبات أحدهما خاص بنشر أخبار كاذبة و3 منها خاصة بالسب والقذف، ورأت المؤسستان أن الوصول بتلك المواد للمحكمة الدستورية، هي فرصة لتنقية البنية التشريعية المصرية من تلك المواد الاستبدادية التي تعوق عمل الصحافة المصرية. وصنفت مصر عالميا ضد أكثر 11 دولة معادية للانترنت فرغم عدم فرض رقابة مباشرة على المواقع الاليكترونية فقد حكم على مدون بالسجن أربع سنوات بتهم نشر مواد مهينة لرئيس البلاد.
المغرب: تراجع للمركز 140 عالميا وفي المغرب قال بيان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن حرية الصحافة في المغرب عرفت منذ 03 مايو 2008 تراجعات أخرى على مستوى الممارسة وتضييقا أكبر لهامش الحرية الذي كان موجودا، وإن تراجع المغرب من الرتبة 106 إلى الرتبة 122 في سلم احترام حرية الصحافة الذي وضعته منظمة مراسلون بلا حدود تعكس تدهور أوضاع الصحافة والإعلام ببلادنا. فيما صنفت منظمة بيت الحرية "فريدم هاوس" المغرب، ضمن الدول التي تنعدم فيها الحرية الصحافية، وذلك في تقريرها السنوي الأخير، لتحتل المرتبة 140 في مستوى حرية الإعلام على مستوى العالم، ويتقاسم المغرب المرتبة ذاتها مع الأردن والنيجر من بين 195 دولة.
سوريا والسعودية وتونس:أعداء الانترنت وبحسب تقرير أخير للجنة حماية الصحفيين ومن بين عشرة دول هي الأشد قمعا لحرية الانترنت كان هناك أربعة دول عربية، فالحكومة السورية مثلا تستخدم أساليب برامج الترشيح لحجب المواقع الحساسة سياسيا. وتقوم السلطات باعتقال المدونين لنشرهم المواد التي تعتبر"زائفة" أو تضعف "الوحدة الوطنية"، حتى وإن كان مصدر هذه المواد أطرافا ثالثة. وفي السعودية ثمة تقديرات تشير إلى حجب 400،000 موقع إلكتروني داخل المملكة، بما فيها تلك المواقع التي تتناول مسائل سياسية واجتماعية ودينية. كما وتنتشر الرقابة الذاتية على نطاق واسع. وإلى جانب المواد "الفاحشة"، تقوم السعودية بحجب "أي شيء يتعارض مع الدولة أو نظامها"، وهو معيار غدا تفسيره فضفاضا. وفي عام 2008، كما دعا رجال دين من ذوي النفوذ إلى تشديد العقوبة، لتشمل الجلد والإعدام، على كتاب الإنترنت المدانين بنشر مواد تدخل في إطار الهرطقة.
وفي تونس وبحسب التقرير تتطلب الحكومة من مزودي خدمة الإنترنت في تونس إطلاعها دوريا على عناوين بروتوكول الإنترنت وغيرها من المعلومات الدالة على هويات المستخدمين. وتمر حركة معلومات الإنترنت عبر شبكة مركزية تسمح للحكومة بترشيح المحتوى ومراقبة رسائل البريد الإلكتروني. وتوظف الحكومة مجموعة من الأساليب لمضايقة المدونين: فرض المراقبة، وتقييد حركة المدونين، والقيام بعمليات تخريب إلكترونية. وقد أمضى الكاتبان على الإنترنت، سليم بوخذير ومحمد عبو، عقوبة بالسجن بسبب عملهما. وفي مصر قال التقرير انه تم توثيق حالات احتجاز أكثر من 100 مدون في عام 2008 وحده. ورغم إن معظم هؤلاء المدونين قد أُطلق سراحهم بعد فترات قصيرة، إلا إن بعضهم أمضى شهورا في الاحتجاز بينما تم التحفظ على العديد منهم من دون أمر قضائي. أميرة الطحاوي - إذاعة هولندا العالمية