''مال الدنيا كلها لا يعوّض فقداني جزء حيوي من جسمي''، هذا الهاجس أصبح يلازم جميع المواطنين بمجرد دخولهم المستشفيات العمومية، ويتفاقم بمجرد أن تطال قدماه العيادات الخاصة، هي الميزة التي أصبحت تلازم أسمى مهنة إنسانية.معادلة صعبة هي: من الضحية في الأخطاء الطبية؟ أهو ''الطبيب'' الذي لا يملك الحجة في إثبات براءته، أم المريض الذي قد لا يملك المال لتوكيل محام، أم الإدارة العاجزة عن علاج المواطن في ظروف حسنة وتحقيق راحة بال أطبائها. واعتبرت محامية أن الإدانة من عدمها بتهمة الأخطاء الطبية تعود إلى السلطة التقديرية للقاضي الذي يلتزم بموضوع الشكوى التي يقدمها الضحية بنفسه إذا كان بالغا أو والديه في حالة عدم بلوغه أو مرضه العقلي، وعن طريق ذوي الحقوق إذا فقد الضحية الحياة. أما الأمر الذي يلتزم به الطبيب المتابع أمام القضاء هو إثبات عدم ارتكابه لخطأ طبي أثناء إشرافه على علاج المريض. نحو تأمين المكاتب والعيادات الطبية تفاديا للمسؤولية المدنية وفي حديثه عن الأخطاء الطبية، دافع الدكتور بقاط بركاني محمد، رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الطب في الجزائر في تصريح ل''الخبر''، عن مبدأ تعميم تأمين مكاتب الأطباء مما يجنب الطبيب المتابع في حالة إقرار المحكمة بالتعويض في المسؤولية المدنية على أن تقوم شركة التأمينات بتعويض القيم المالية بدلا عنه، خاصة وأن عمادة الأطباء لا تحمل طابع المسؤولية الجزائية، بل تقر أربعة قرارات تأديبية هي الإنذار والتوبيخ والمنع من الممارسة بصفة ظرفية والمنع من الممارسة بصفة نهائية. مشيرا إلى وجود مشكل آخر وهو أن 20 بالمائة من الأطباء غير مسجلين في اللائحة الوطنية التي تضم 45 ألف طبيب. وبرأي الدكتور بقاط فإن الجزائري مازال ينظر إلى مجلس أخلاقيات المهنة على أنه مجرد أداة تدافع عن مصالح الطبيب دون المواطن، ما يجعله دائما يشكك دوما في قراراتها، علما بأن عمادة الأطباء في الجزائر لم تفصل لحد الآن في الملفات المطروحة أمامها المقدرة ب200 ملف منذ استحداثها في 2006 نظرا لحساسية القرار المتخذ خوفا من الإجحاف في حق الطرفين سواءا الضحية أو الطبيب. شمس الدين شاهد على الإهمال وقد نظرت العدالة في عدد من قضايا الأخطاء الطبية، ومنها قضية الرضيع شمس الدين دراجي الذي يعيش منذ الشهر الثاني عاهة مستديمة بسبب خطأ طبي، بعد أن بترت ذراعه بمستشفى باينام في العاصمة، بتاريخ 21 جانفي 2007 وهذا بعد حقنه بمادة ''كاردينال'' على مستوى يده بمصلحة طب الأطفال بمستشفى باينام بعد تعرضه لنوبات عصبية. وتقول الوالدة إن النوبات العصبية التي لم تفارقه منذ الولادة جعلت الأطباء يصفون له هذا الدواء الذي أثر سلبا على صحته، مما جعله عصبيا أكثر وشبه غائب عن الوعي بصفة مستمرة، وما زاد الطين بلة هو تبرئة كل من الطبيبة والممرض بتهمة الجرح الخطأ بعد إدانتهما بعامين حبسا نافذا و10 آلاف دج غرامة نافذة، من طرف المحكمة الابتدائية بباب الوادي. والقضية الآن محل طعن أمام المحكمة العليا. قصة أخرى غريبة جرت بعيادة طبية في الشرق الجزائري، حيث تم نسيان في بطن إحدى المريضات مقص كامل إثر إخضاعها لعملية قيصرية، لتحس بعدها بآلام غريبة في بطنها مما اضطرها إلى إجراء فحوصات وأشعة كشفت عن وجود مقص كامل داخل بطنها، فتوجهت بشكوى إلى الجهات القضائية ضد العيادة. ومازالت الأخطاء الطبية تطال المواطنين خاصة عند لجوئهم إلى العيادات الخاصة من أجل القيام بعمليات تجميلية، حتى أصبح اسم دكتور مختص في هذه العمليات مشهورا في أروقة المحاكم، بما أنه متابع أكثر من مرة بتهمة الخطأ الطبي المؤدي إلى الإضرار بسلامة الضحية، أولها العملية الجراحية الفاشلة التي أجراها على فتاة من منطقة دلس لتحسين وجهها بعد تعرضها لكسور على مستوى الأنف والجبهة جراء الزلزال الذي ضرب ولاية بومرداس، حيث تعرضت بعد فشل العملية لنوبات عصبية حادة. المصدر الخبر :الجزائر: رتيبة. ص