كثر الحديث هذه الأيام حول إمكانية تعر ض نصف سكان العالم إلى الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير وبقطع النظر عن صحة تلك التوقعات من عدمها وعن الذين يقفون وراء تهويل هذا الأمر في هذا الظرف بالذات وعن الجهات التي تعتبر معرضة أكثر من غيرها إن صدقت التوقعات لا قدر الله وهذه مسائل متروكة لأهل الاختصاص والعاملين في القطاعات الصحية ، فإن الذي لفت انتباهي هو حالة الفزع التي بدأت تدب في الكثير من البلدان والاجراءات الاحتياطية منعا لتسسل الفيروس إليها حالة الاستنفار التي عليها منظمة الصحة العالمية التي صنفت المسألة في الدرجة الخامسة أي بقيت درجة واحدة لإعلان صفة الوباء رغم أن عدد الإصابات تجاوز الألف حالة بقليل وعدد الموتى نيف وعشرين بينما حصدت الكوليرا في زمبابوي أكثر من 3000 نفس بشرية إلى جانب إصابة أكثر من 57 ألف مواطن بالوباء ولم نسمع كل هذه الضوضاء كما تحصد الحروب الدائرة هنا وهناك بتعلات مختلفة عشرات الآلاف من الأرواح البريئة العاجزة عن مقاومة آلة الحرب والدمار الناتجة عن رغبة لدى البعض للسيطرة على العالم والتحكم في قدرات ومصير الشعوب وما يحدث في أفغانستان منذ الاحتلال السوفييتي إلى شقيقه الغربي من قتل وتدمير وما يحدث في العراق التي قتل من سكانها بسبب الغزو الأمريكي أكثر من مليون مدني حسب عملية إحصاء قامت بها منظمات بريطانية وحرب غزة وحرب الجنوب في لبنان والصومال وسرلانكا وغيرها أكبر دليل على الاستهتار بالأرواح البشرية خاصة إذا علمنا أن معظم آلات القتل والتدمير والأسلحة هي صناعة غربية وتجارة غربية وتتحكم فيها شركات متعددة الجنسيات ومهيمنة على منظمة التجارة العالمية، يضاف إلى كل هذا ضحايا الفقر وسوء التغذية وضحايا التلوث البيئي بسبب النفايات الصناعية والغازات السامة والتجارب النووية هنا وهناك وغيرها... فهل أصبحت حياة عامة البشر فجأة هامة بهذه الدرجة عند صناع القرارات في العالم –وهي في حقيقة الأمر غالية- ؟وهل هذا الفيروس شديد الفتك والقتل علما أن الأنفلونزا العادية تحصد كل سنة ما لا يقل عن 250ألف إنسان في العالم حسب تقارير منظمة الصحة العالمية؟ أم هي صناعة الخوف والهلع التي مافتئ الكبار يجددونها في شعوب العالم كلما كبرت جرائمهم واعتداءاتهم تجاه تلك الشعوب والدول الضعيفة فيحددون بذلك لنا محاور عمل واشتغال بعيدا عن محاسبتهم؟ أم هي أمور أخرى نجهلها نحن ويعلمونها هم ويتحركون بها ضمن أجندات مدروسة ومعدة سالفا؟ ربما تكون هذه الأسئلة أو أحدها حاملا للإجابة لكن من خلال تتبع تعامل الكبار مع مسألة جنون البقر وفيروس إيبولا وأنفلونزا الطيور والسيدا والكوليرا والآن أنفلونزا الخنازير يلاحظ الفتور الفجئي واللافت للنظر في محاربة كل تلك الأوبئة متى توصل العلماء إلى تلقيح أو طرقة يمكن بها دفع تلك الأمراض عن من نشاء من البشر أو من يعتبرون أولى من غيرهم بالحياة بدليل تواصل انتشار تلك الآفات في الدول الفقيرة والضعيفة رغم محاولات التدخل المحتشمة لمنظمة الصحة العالمية وهذه النقطة تفسر الهلع الموجود والاستنفار القوي للبلدان الغنية والمتنفذة قبل غيرها للتوصل إلى تحييد هذا الفيروس عنها خاصة أنه سريع العدوى ومستعصي عن السيطرة وعابر لكل أنواع الحيطة وكل البشر إلى حد هذه اللحظة يعتبر هدف له غنيه وفقيره حاكمه ومحكومه العادل منهم والظالم، هو هجوم بكتيري فجره الخنازير تجاه البشر ناقلين به شيئا من الرعب والهلع والخوف لصناع الموت والدمار في العالم الذين أدخلوا العالم في دوامة حروب ومعارك واستبداد وقمع وتسلط قتلت الإرادة في بني البشر وخاصة الشعوب التائقة للحرية كما قتلت فيهم نكهة الحياة فأمسهم خوف ونهارهم خوف وغدهم خوف جديد. لأن الأمل وحب الحياة أمر فطري فإني أدعو الله أن يتوصل العالم إلى التغلب على هذا الفيرس الجديد ولكن أتمنى أن يكون خلال هذه الفترة قد أعاد الكبار إلى رشدهم وشعروا وأحسوا بمرارة الخوف والقهر الذي سقوه ويسقونه لشعوب العالم المغلوبة على أمرها وليعلموا أيضا أنهم مهما اعتقدوا في قوتهم وقدراتهم المادية والعسكرية والعلمية يبقى المجهول أقوى وأكبر وإذ تمظهر اليوم في هذه الأنفلونزا فمن يدري ماذا يخبئ لنا المستقبل. الحبيب ستهم