بالفيديو: سعيّد: هذا تقصير وسيحاسب الجميع حتى المسؤولين الجهويين    زيت الزيتون ''الشملالي'' يفوز بميدالية ذهبية في المسابقة الاوروبية الدولية بجنيف..    لأول مرة/ الاتحاد البنكي للتجارة والصناعة يشارك في دعم النسخة 18 من دورة "كيا" تونس المفتوحة للتنس..(فيديو)    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    بايدن يخطئ مجددا و"يعين" كيم جونغ رئيساً لكوريا الجنوبية    عاجل/ بعد حادثة ملعب رادس: وزارة الشباب والرياضة تتخذ هذه الاجراءات..    النادي الإفريقي.. القلصي مدربا جديدا للفريق خلفا للكبير    إقالة مدير عام وكالة مكافحة المنشطات وإعفاء مندوب الرياضة ببن عروس    المنستير : يوم إعلامي جهوي حول الشركات الأهلية    بنزرت...بتهمة التدليس ومسك واستعمال مدلّس... الاحتفاظ ب 3 أشخاص وإحالة طفلين بحالة تقديم    فعاليات موكب إسناد الجائزة الوطنيّة "زبيدة بشير" لسنة 2023    الصوناد: نظام التقسيط مكّن من اقتصاد 7 % من الاستهلاك    مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص أضحية العيد    عاجل: قيس سعيد: من قام بتغطية العلم التونسي بخرقة من القماش ارتكب جريمة نكراء    حالتهما حرجة/ هذا ما قرره القضاء في حق الام التي عنفت طفليها..#خبر_عاجل    عاجل/ ديلو: قوات الأمن تحاصر عمادة المحامين للقبض على سنية الدهماني..    عاجل/ هذا ما تقرر في قضية سعدية مصباح العضو بجمعية "منامتي"..    الرابطة الثانية.. نتائج الدفعة الأولى من مواجهات الجولة 22    ترغم التحسّن الملحوظ : تعادل لا يرضي احبّاء النادي الصفاقسي    عاجل/ الهجرة غير النظامية الوافدة على تونس: محور جلسة عمل وزارية    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    طقس الليلة    عاجل/ يستهدفان النساء: القبض على نفرين يستغلان سيارة تاكسي للقيام بعمليات 'براكاج'    تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة    عاجل/ فتح تحقيق في واقعة حجب العلم بمسبح رادس    بالصور/بمشاركة "Kia"و"ubci": تفاصيل النسخة الثامنة عشر لدورة تونس المفتوحة للتنس..    عاجل/ القسّام تفجّر نفقا بقوة تابعة للاحتلال في رفح.. والأخير يعلن عن قتلاه    قريبا ..مياه صفاقس المحلاة ستصل الساحل والوطن القبلي وتونس الكبرى    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    تونس ضيف شرف مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بمصر    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    عاجل/ إندلاع حريقين متزامنين في جندوبة    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    نبات الخزامى فوائده وأضراره    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبعاد المخطط الصهيوني لتهويد القدس : د. إبراهيم فؤاد عباس
نشر في الفجر نيوز يوم 20 - 05 - 2009


د. إبراهيم فؤاد عباس الفجرنيوز
نص المحاضرة التي ألقاها د. إبراهيم فؤاد عباس يوم الأحد في ندوة "الأحدية" التي ينظمها مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والقانونية برئاسة اللواء ركن م. د. أنور بن ماجد عشقي)
مكانة القدس
لا تكمن أهمية القدس في موقعها الاستراتيجي فقط ، وإنما أيضًا بسبب احتلالها مكانة روحية عظيمة في نفوس المسلمين في جميع أنحاء العالم ، باعتبارها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وكونها ثالث المدن المرتبطة بالعقيدة الإسلامية بعد مكة المكرمة والمدينة المنورة لقوله تعالى في أولى آيات سورة الإسراء :
" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" . وللحديث النبوي الشريف ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا" – حديث صحيح رواه البخاري.وأيضًا لتبشير رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أرض القدس هي أرض الرباط إلى يوم القيامة فعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (يا معاذ إن الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدي من العريش إلى الفرات. رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة).
وارتباط القدس بالدين الإسلامي يعود زمنيًا إلى عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام عند قدومه إلى المدينة وصلاته مع ملكها (مليك صادق) لله الإله الواحد عند البقعة المقدسة التي بنى عليها سيدنا إبراهيم الخليل المسجد الأقصى .
وواقعة بناء سيدنا إبراهيم عليه السلام للمسجد الأقصى يؤكدها ما ورد في حديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم حينما سأله أبو ذر الغفاري قال : "سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أول مسجد وُضع على الأرض قال المسجد الحرام ، قلت : ثم أي ؟ ، قال المسجد الأقصى قلت : كم بينهما ؟ ، قال : أربعون عاماً ثم لك الأرض مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصلِّ أو كما قال صلى الله عليه و سلم .
أسماء القدس
عرفت القدس بأسماء عدة أبرزها يبوس نسبة إلى يبوس إحدى القبائل الكنعانية التي استوطنتها منذ نحو 3000 سنة ق.م.
وقد جاء في سفر القضاة (1:19) :"فلم يرد الرجل أن يبيت ، بل قام وذهب وجاء إلى مقابل يبوس . هي أورشليم ".
وعرفت أيضًا باسم "أورو شالايم"، وهو اسم ليس عبريا ولا مشتقا من اسم عبري. فأصل التسمية كنعانية (أور سالم) ، بمعنى مدينة السلام ، أو مدينة (الإله سالم) الذي كان يقدسه اليبوسيون.
وقد غلب على المدينة اسم ( القدس ) الذي هو اسم من أسماء الله الحسنى، وسميت كذلك ب
( بيت المقدس ) الذي هو بيت الله.
وقد جاء في سفرنحميا 11/1:"أورشليم مدينة القدس". وفي سفر الأخبار الثاني 35/5 :"وقفوا في القدس" ، وفي المزامير 134/2-3 :"ارفعوا أيديكم نحو القدس وباركوا الرب ، يبارككم الرب من صهيون".
وذكرت القدس باسم "روشايموم" في الكتابات المعروفة باسم "نصوص اللعنة"التي تعود إلى القرن الثامن عشر ق.م.
وذكرت أيضًا في رسائل تل العمارنة التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر ق.م. أي قبل المملكة الموحدة التي أقامها سليمان بحوالي أربعة قرون.
وقد ورد اسم القدس صريحًا باسمها الكنعاني أورشليم في هذه النقوش ، وذلك عندما استنجد حاكمها عبدو حيبا Abdu–Heba ، وكان معيتًا من قبل فرعون مصر (أمينحوتب الثالث) لصد غارات (العابيرو) ، الذين يعرًفهم د. سيد فرج راشد بأنهم من بدو الجزيرة العربية الذين هاجروا إلى فلسطين ولا يمتون بصلة للعبرانيين.
والرسالة التي تطرقت إلى القدس وذكرتها باسمها الكنعاني الصريح (أورشاليم)، هي الرسالة التي تحمل الرقم (287) . وقد أشار إليها بريتشارد في كتابه The Ancient Near East , Volume 1, P. 270-271
كذاك عرفت القدس باسم إيلياء نسبة إلى إيلياء بن أرم بن سام بن نوح ، وهو الاسم الذي ورد في العهدة العمرية الموجود نصها الأصلي في مكتبة بطريركية الروم بالقدس مسجلاً تحت الرقم 552.
إرهاصات تهويد القدس
نجح المليونير البريطاني اليهودي موسى منتيفيوري عام 1855 بموجب الفرمان الصادر عن الباب العالي بشراء أول قطعة أرض في القدس خارج أسوار المدينة أقيم عليها ما عرف فيما بعد بحي مونتيفيوري الذي شكل نواة الاستيطان اليهودي في القدس.
واستناداً إلى سجلات محكمة القدس الشرعية، وخارطة المهندس النمساوي شيك الذي شارك في تنظيم الأحياء والمستوطنات اليهودية، فإن المستوطنات اليهودية التي غزت شمال غرب المدينة وصلت إلى (36) مستوطنة حتى عام 1918. وكانت المستوطنات تعرف الواحدة منها (القوم بانية) .
وازدادت حدة الاستيطان اليهودي في القدس بعد صدور وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917 وإلى عشرينيات القرن العشرين بمطالبة اليهود بملكية الحائط الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق) رغم أنه أرض وقف إسلامي مثبتة بالشهادات والوثائق وفق ما اعترفت به لجان التحقيق الدولية.
ونتيجة لذلك بلغ عدد السكان اليهود في القدس مع نهاية عام 1947، 99400 نسمة (حوالي 60% من سكان المدينة البالغ 164500 نسمة آنذاك)، بينما وصل عدد السكان العرب إلى 65100 نسمة فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن حرب 1948 أدت إلى احتلال اليهود لنسبة 85% من المساحة الكلية للقدس فيما عرف منذ ذلك الحين بالقدس الغربية ، وقاموا بتهويد هذه المنطقة التي تعود ملكيتها للعرب وبناء أحياء سكنية يهودية فوق أراضيها وأراضي القرى العربية المصادرة حولها .
مخطط تهويد القدس بعد حرب يونيو 1967
بادرت إسرائيل بعد يومين فقط من استيلائها على القدس في حرب يونيو 1967 بهدم حي المغاربة المواجه للحائط الغربي (البراق) ، وذكر بن جوريون موضحًا أبعاد المخطط الصهيوني لتهويد القدس وبناء الهيكل : "لا معنى لإسرائيل بدون أورشليم ، ولا معنى لأورشليم بدون الهيكل".
وقامت إسرائيل في 30 يوليو 1967 بعد حرب يونيو واحتلالها للقدس العربية بتوحيد شطري المدينة تحت الإدارة اليهودية وإعلانها عاصمة أبدية موحدة للكيان اليهودي.
وفي ظل مخطط التهويد أنشأ الصهاينة طوقًا من 11 حيًا سكنيًا يهوديًا حول المدينة القديمة حيث المسجد الأقصى يسكنها حوالي 190 ألف يهودي . كما أنشأ طوقًا آخر – أكثر اتساعًا – حول القدس يضم 17 مستعمرة يهودية في محاولة لتقطيع أوصال القدس بما يعزلها عزلاً كاملاً عن الضفة الغربية ومحيطها العربي.وبالتالي قطع الطريق أمام أي تسوية سلمية يمكن أن تعيد القدس العربية للفلسطينيين.
وصدرت موافقة الكنيست على الضم بتاريخ 30/7/1980، ومنذ تلك السنة بدأت حمى الاستيطان تستعر في القدس العربية ، واستطاعت السلطات الإسرائيلية - عبر إجراءاتها التعسفية- طرد جزء كبير من أهالي القدس العرب، وامتلاك عقارات عديدة، كما استطاعت حتى اللحظة إقامة أكثر من عشرين حيًا استيطانيًا تلف المدينة وتحيطها من كل اتجاه، وتحول دون تواصلها الديموغرافي مع بقية مدن الضفة الفلسطينية، وبات في المدينة نحو 190 ألف مستوطن يهودي .
وكانت جريدة "الأهرام" القاهرية قد ذكرت في عددها الصادر في 1/11/1997 أن المهندس الإسرائيلي المعماري صموئيل تمروخ كشف عن أن الحكومة الإسرائيلية تخطط لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم لتصبح أكبر من تل أبيب وتمتد من القدس حتى منطقة قريبة من الحدود الأردنية.
ويذكر الأستاذ خليل التفكجي رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس في ورقة له بعنوان (القدس: الواقع العقاري والإسكاني) أن إسرائيل ابتكرت أسلوبًا للمصادرة تحت عنوان(المخططات الهيكلية) يقضي بتحويل أجزاء كبيرة جدًا من الأراضي الفلسطينية الواقعة ضمن حدود بلدية القدس إلى مناطق خضراء يمنع البناء العربي عليها لكنها تعتبر إحتياطيًا إستراتيجيًا للتوسع الاستيطاني المستقبلي ، كما حدث لمستعمرة (جبعات هاشفاط) و(جبل أبو غنيم) وغيرها. وبهذا الأسلوب استطاعت إسرائيل أن تضع تحت تصرفها 40% من مساحة القدس الشرقية باعتبارها مناطق خضراء.
ووصل مخطط تهويد المدينة إلى ذروته في عهد رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمرت الذي أعد خريطة لمدينة القدس حتى عام 2020 منذ كان رئيسا لبلديتها. وقد نشرت تلك الخريطة عام 2004، وعرفت منذ ذلك الحين باسم "القدس 2020"، وتهدف إلى عزل مدينة القدس وتخفيض عدد سكانها العرب بحيث لا تتجاوز نسبتهم 12% بغية تهويد المدينة عن طريق فرض أغلبية يهودية فيها ونقل جميع مراكز الحكم إليها وتحقيق الحلم الإسرائيلي بتكريس القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل.
واللافت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تسلم الحكم في بداية أبريل 2009 في وقت تعمل فيه إسرائيل بكل قوة من أجل تهويد القدس وتفريغها من سكانها العرب . وقد أشارت صحيفة " هآرتس" الإسرائيلية عشية تسلم نتنياهو للسلطة إلى أن الائتلاف الحكوميّ الجديد في إسرائيل سيعمل على تكريس السيطرة على القدس عبر توسيع خطط بناء آلاف الوحدات السكنيّة اليهوديّة فيها.
وتطرقت صحيفة "الدستور" الأردنية في عددها الصادر في 2/4/2009 إلى ما يعرف ب "جمهورية العاد" الاستيطانية التي تنحصر وظيفتها في شراء العقارات -عن طريق العقود المزيفة- وغزو البيوت وتنفيذ الحفريات في البلدة القديمة من القدس والسعي للسيطرة على منازل فلسطينية في "الحوض المقدس" الذي يضم أحياء سلوان والطور والشيخ جراح "بهدف خلق واقع لا عودة عنه في الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة ".
وعلى مدى السنوات الماضية قامت إسرائيل بتوسيع نطاق بلدية القدس تدريجيًا، لتتمكن من ضم مناطق أخرى من الضفة الغربية نهائيًا إلى كيانها ، ولتقوم بعملية تهويد القدس على نطاق مبرمج واسع والعمل على تنفيذ خطة ما يسمى بالقدس الكبرى لتشمل 840 كيلومتر مربع (أي نحو 15% من مساحة الضفة الغربية).
وكانت كريس ماكجريل قد كشفت في مقال لها نشر في صحيفة "الجارديان" البريطانية في عددها الصادر في 27/11/2005 عن وثيقة سرية لوزارة الخارجية البريطانية تتهم إسرائيل بأنها تسارع من خطوها باتجاه ضم المنطقة العربية من القدس عن طريق بناء مستوطنات يهودية غير شرعية وباستخدام جدار الضفة الغربية الضخم العازل ، في خطوة لمنع تحولها إلى جزء من الدولة الفلسطينية. وأضافت الوثيقة إن السياسات الإسرائيلية مصممة على منع القدس من أن تصبح العاصمة الفلسطينية ، لا سيما التوسع في المستوطنات داخل المدينة وحولها. وأن خطة شارون لربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية عن طريق بناء آلاف المنازل الجديدة "تهدد في إكمال تطويق المدينة بالمستوطنات اليهودية، وبالتالي تؤدي إلى تقسيم الضفة الغربية إلى منطقتين جغرافيتين منفصلتين".
وكشف تقرير سرى للاتحاد الأوروبي حصلت عليه صحيفة"الجارديان" البريطانية نشرته يوم السبت 7/3/2009 وجاء فيه أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم التوسع الاستيطاني وهدم المنازل وسياسات التمييز فيما يتعلق بالإسكان والجدار العازل في الضفة الغربية كوسيلة "لمواصلة الضم غير المشروع على نحو نشط للقدس الشرقية وأن الحقائق الإسرائيلية على الأرض، بما في ذلك إقامة مستوطنات جديدة والجدار العازل وسياسات التمييز في قطاع الإسكان وهدم المنازل ونظام التصاريح المقيد لبناء المساكن واستمرار إغلاق المؤسسات الفلسطينية - تهدف جميعها إلى زيادة الوجود الإسرائيلي اليهودي في القدس الشرقية ، وإضعاف المجتمع الفلسطيني في المدينة وعرقلة التطور الحضري الفلسطيني وعزل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية". وقال تقرير الاتحاد الأوروبي إن عمليات هدم المنازل "ليست قانونية بموجب القانون الدولي ولا تخدم أى غرض واضح ولها تأثيرا ت إنسانية خطيرة وتؤجج الشعور بالمرارة والتطرف".
هدم الأقصى وبناء الهيكل : آخر مراحل التهويد
بالرغم من أن نصوص العهد الجديد (الأناجيل) ترفض الحق الديني لليهود في فلسطين ، وحيث ورد فيها قول المسيح عليه السلام مخاطبًا يهود أورشليم :"هو ذا ملكوت الله ينزع منكم ويعطى أمة تؤتي ثماره" ، وبالرغم من أن المسبح دعا بنفسه إلى هدم الهيكل وأن لا يبقى فيه "حجر على حجر" ، وبالرغم مما جاء في النصوص التلمودية من تحريم عودة اليهود إلى "الأرض المقدسة" قبل ظهور المسيح المنقذ اليهودي المنتظر.
بالرغم من ذلك كله فإن السواد الأعظم من حاخامات اليهود يسعون ، ومعهم العديد من رموز الكنائس المسيحية ، إلى تهويد القدس ، وتدمير الأقصى ، وبناء الهيكل الثالث على أنقاضه .
وتنفيذًا لهذا الهدف باشرت إسرائيل منذ احتلالها للمدينة عام 1967 بالحفريات الأثرية جنوبي وغربي المسجد الأقصى المبارك بهدف ضعضعة أساسات الحرم القدسي الشريف إيذانًا بهدمه وبناء الهيكل على أنقاضه. . وفي سبيلها لتحقيق هذه الغاية هدمت البيوت وصادرت العديد من العقارات والمعالم الإسلامية التي كانت عائقًا أمام تنفيذ هذه الغاية.
ولم تتوقف هذه الحفريات منذ ذلك التاريخ حتى الآن رغم قرارات الأمم المتحدة واليونسكو.
وفي بداية يونيو 2007 كشفت مصادر صحفية صهيونية النقاب عن نية سلطة الآثار تنفيذ تسع حفريات كبيرة وطويلة المدى، ستكون الأكبر من نوعها. وأوضحت تلك المصادر إن خمسة من هذه الحفريات ستمول من قبل جمعيات سياسية ويمينية متطرفة مثل "عطيرات كوهانيم" و"العاد". وذكر الشيخ صلاح أن أخطر تلك الحفريات تنفذ الآن وتهدف إلى تسيير قطار تحت الأرض ينتهي خط سيره عند ساحة البراق ثم يصعد الركاب من تلك المحطة الأخيرة بمصعد إلى الساحة. ويصل طول النفق الذي يمتد اليوم من باب المغارة وحتى المدرسة العمريّة ما يقرب من (591) مترًا، وقد أقام اليهود مجموعة من الكنس في هذه الأنفاق .
، ويحاولون العبور إلى داخل المسجد عبر تلك الأنفاق للوصول إلى قبة الصخرة.
وذكر المهندس رائف نجم في تصريح له في فبراير 2009 على إثر انهيار مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أن جميع المعالم التاريخية والدينية والمساكن في القدس القديمة وسلوان معرضة للانهيار بسبب 66 حفرية أجرتها السلطات الإسرائيلية تحتها منذ منتصف القرن التاسع عشر ولا زالت تعمل على حفر غيرها حتى الآن .
ولم تسفر الحفريات الإسرائيلية في منطقة الحرم القدسي الشريف وما حولها، وخلال مراحلها المختلفة ، عن أي أثر يثبت وجود الهيكل المزعوم ، وهو ما أكدته الأبحاث الرادارية وما أسفرت عنه الحفريات الإسرائيلية على مدى أكثر من أربعة عقود. ووفقًا لما أوردته الكاتبة الأمريكية جريس هالسيل (كتابها: المؤامرة على الأقصى) حول المسح تحت الأرض التي قام بها معهد الأبحاث في جامعة ستاتفورد أمكن التوصل إلى النتيجة بأنه لم يعثر على دليل وجود الهيكل في أي وقت من الأوقات تحت بقعة الحرم القدسي الشريف.
وقد اعترفت المسئولة عن الحفريات الصهيونية إيلات مازار المتخصصة في البحث عن الهيكل بالقول:"إننا لا نعرف عن مكان الهيكل شيئًا ولم نصل إلى ذلك بتاتًا".
لكن ذلك لن يثن الصهاينة عن استمرار حفرياتهم وهدم ومصادرة بيوت المقدسيين.
ونشرت صحيفة "الوطن" في عددها الصادر السبت 9/5/2009 في صدر صفحتها الأولى خبرًا نسبته إلى الشيخ رائد صلاح بأن جمعية "عطيرات كوهانيم" باتت تضع يدها على عشرات العقارات في القدس ، وأنها عرضت على أحد سكان المدينة شراء محله التجاري البالغ مساحته عشرة أمتار مقابل أكثر من مليوني دولار للمتر الواحد ، وأنها عرضت أيضًا على صاحب منزل مساحته مائة وعشرون مترًا مربعًا مائة وثلاثين مليون دولار ، "إلا أنهما رفضا ذلك".
على الرغم من شراسة الهجمة الصهيونية على القدس على نحو ما سبق ذكره، ، لا يزال هناك نحو 320 ألف عربي في القدس في بداية عام 2009 يشكلون إحدى ركائز المواجهة مع المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في مدينة القدس، هذا فضلاً عن وجود ما يربو على خمسين مؤسسة فلسطينية وفي المقدمة منها بيت الشرق والمركز الجغرافي الفلسطيني لمواجهة هذا المخطط الخبيث.
في الختام ، أود الإشارة فقط إلى أن اليهود الصهاينة عندما يتلاقون في أماكن إقامتهم في العالم يقولون لبعضهم البعض :"موعدنا أورشليم العام المقبل". وأن لديهم قولاً يرددونه دائمًا:"شلت يميني إن نسيتك يا أورشليم" . فما أحرانا - نحن المسلمين أصحاب القدس الشرعيون - أن نتعاهد على أن يكون حلمنا قدس .. وأمنيتنا قدس .. ولقاؤنا قدس .. وموعدنا قدس.
وكم أتمنى بمناسبة الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية 2009 أن تكون القدس – وليس رام الله أو غزة- مقر الحكومة الفلسطينية الوطنية الموحدة المؤملة إلى حين عودة القدس بإذن الله إلى حصن الإسلام وحضن العروبة ، وأيضًا لكي نذكر العالم كله أن القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.