الفجرنيوز تنشر نص كلمة الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي في مؤتمر التكتل من أجل العمل و الحريات تونس 29 ماي 2009
السيد الأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات السيد رئيس المؤتمر الإخوة و الأخوات المؤتمرون
يشرفني أن أتوجه لكم بكلمة الحزب الديمقراطي التقدمي في هذا المؤتمر الذي نتمنى له النجاح و التوفيق على كل الأصعدة يأتي مؤتمركم هذا قبل أشهر قليلة من استحقاق انتخابي هام ، اختارت الحكومة أن تسير نحوه في مناخ من التصلب و الأحادية وبنهج المحاصرة و التضييق في تعارض تام مع تطلع التونسيين لإلى انتخابات حرة و إلى حياة سياسية متطورة فقد طالبت الأحزاب و النخب بإصلاحات دستورية جوهرية تتلاءم و روح العصر و تحترم السيادة الشعبية، فكان جواب الحكومة باستصدار قانون استثنائي إقصائي و وصائي يمنع الكفاءات الوطنية من التقدم للمسؤولية الوطنية الأولى و من الاحتكام إلى الشعب و يحرم التونسيين من الاختيار الحر لم نخضع كما تعلمون لهذا القانون الجائر وتمسكنا بمرشحنا، الأستاذ أحمد نجيب الشابي ، باعتبار الترشح و الانتخاب، ليسا منة توهب، بل حق غير قابل للتصرف، و إيمانا منا بأن طريق التونسيين إلى الإصلاح يمر بالضرورة عبر انتخابات حرة و نزيهة تضمن حق الترشح و حرية الاختيار و بهذه المناسبة أنتهز الفرصة لأعبر للأخ مصطفى بن جعفر الذي أعلن ترشحه، عن مساندتنا الكاملة لحقه و رفضنا لكل أشكال الإقصاء بتعلات أحكام هذا التعديل الاستثنائي المجردة من كل موضوعية كما أننا نساند حق كل الكفاءات الوطنية في الترشح و في خوض حملاتها الانتخابية بعيدا عن كل المضايقات بصرف النظر عن اختلاف الموقف في التعاطي مع هذا القانون الجائر و طالبنا بتنقيح المجلة الانتخابية بما يتيح نقل التعددية التي يزخر بها مجتمعنا إلى قبة البرلمان، و بهيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات ضمانا لشفافيتها و نزاهتها فكانت الإجابة بالمحافظة على نظام اقتراع ينتمي إلى عصر آخر و بإبقاء مهمة الإشراف على الانتخابات بيد وزارة الداخلية و كلف وزير الداخلية بمسؤولية التعبئة لهذه الانتخابات في الحزب الحاكم كتعبير صارخ عن فقدان الإدارة لأدنى مقتضيات الحياد السياسي
و لا يفوتني الإشارة في هذا المشهد، إلى الأصوات التي تعالت منادية بتحرير الإعلام و بفتح الفضاءات العمومية أمام الأحزاب و المنظمات للقيام بدورها في تعبئة المواطنين و التعريف ببرامجها فكان جواب الحكومة تشريع منع كلمات المترشحين في وسائل الإعلام أثناء الحملة الانتخابية والإبقاء على الأحكام التي تجرم التدخلات في الفضائيات الأجنبية، و كان جوابها أيضا تشديد الخناق على الإعلام و الإعلاميين و استهداف نقابة الصحفيين و رئيسها المنتخب الذي تحمل المسؤولية بأمانة تفرض كل تقدير و احترام، و في تعارض صريح مع ما ورد في خطاب رئيس الدولة بمناسبة عيد الاستقلال الذي تعهد فيه فسح المجال أمام كل الأحزاب القانونية للتحضير للانتخابات بصفة متكافئة، تعمد السلطة إلى منعنا حتى من الفضاءات الخاصة لعقد اجتماعات هيئاتنا الوطنية ، و لا تخفى علينا المصاعب التي واجهتموها في إعداد مؤتمركم هذا، و لا أراني في حاجة للتوقف عند المحاصرة اليومية التي يتعرض لها المناضلون السياسيون و الحقوقيون و لا عند حرمان حزبينا من التمويل العمومي بدعوى احترام مقاييس لم تعد تقنع حتى واضعيها و طالبنا بتنقية الأجواء السياسية و بسن العفو التشريعي العام تهيئة لهذه الانتخابات فكانت الإجابة بإعادة الصادق شورو رئيس حركة النهضة الأسبق إلى السجن و هو الذي قضى فيه 17 سنة كاملة وبعودة الاعتقالات و المحاكمات السياسة و بمواصلة حرمان عشرات الآلاف من التونسيين من حقوقهم المدنية و السياسية
إخواني أخواتي في هذه الظروف الدقيقة التي تتسم بتنامي المصاعب الاقتصادية و الاجتماعية و التي تفترض الانفتاح على كل الاجتهادات الوطنية لتصويب الخيارات لضمان حق التونسيين في الحرية و العيش الكريم، اختارت الحكومة أن تسير نحو الانتخابات القادمة بانتهاج الحلول الأمنية /القضائية سبيلا أوحد في التعاطي مع مختلف الملفات
و في هذا السياق تبقى قضية حركة الاحتجاج بمدن الحوض المنجمي عنوانا بارزا لأزمة الحكم مع المجتمع، هذه الحركة السلمية التي واجهها الحكم بالرصاص و الاعتقال، و بالمحاكمات غير العادلة و بالأحكام القاسية، و يواجهها اليوم بالتشفي و التنكيل بالمساجين إلى حد تشتيتهم و إبعادهم إلى سجون نائية بهدف مضاعفة معاناتهم و معاناة عائلاتهم و بهذه المناسبة أتوجه بتحية إكبار إلى صمود كل المساجين وإلى صبر و مكابدة أهاليهم و أجدد تصميم الديمقراطي التقدمي على مضاعفة الجهد من أجل إطلاق سبيلهم وطي هذه الصفحة المؤلمة نهائيا من الواضح أن هذه المؤشرات لا تنبئ بأن بلادنا ستعيش أجواء الانتخابات الحرة في أكتوبر القادم، و لكن وظيفة المعارضة لا تتوقف عند تشخيص الأوضاع و معاينة الصعوبات بل تقتضي مواجهة الإحباط و نبذ السلبية بتعبئة كل الطاقات من أجل إصلاح سياسي شامل يفتح أبواب المشاركة المدنية و يعيد الأمل للتونسيين في حياة أفضل، ذلك هو نهج المشاركة الكفاحية الذي اختاره حزبنا
الإخوات و الأخوة المؤتمرون
لم تكن مقاربات المعارضة و تمشياتها الانتخابية موحدة لكن و إن اختلقت الاجتهادات فإن \لك لا يحجب عنا القواسم المشتركة التي تجمعنا في هذه الظرفية الهامة التي تمر بها تونس هناك إمكانية لعمل مشترك نقوم به سوية و هو المتعلق بمسألة المراقبة في جانبها الوطني و الدولي إن تكوين فرق مراقبة وطنية في أكبر عدد من الدوائر، لمعاينة مدى نزاهة الانتخابات و شفافيتها، و دعوة الحكومة إلى الالتزام بتعهداتها بخصوص المراقبة الدولية للانتخابات وفق المعايير المتعارف عليها و ضوابط الحياد و احترم السيادة الوطنية المتوافق عليها يمكن أن يشكل قاعدة التقاء واسع باعتباره مهمة وطنية مطروحة على كل الأطراف المعنية و على كل ديمقراطي يرفض تزييف الحياة الوطنية و يأبى أن تمر هذه المناسبة دون ممانعة تؤشر إلى ضخامة الانتهاكات من ناحية و إلى حيوية مجتمعنا الخصيب من ناحية أخرى الإخوة و الأخوات المؤتمرين إننا واثقون من أن مؤتمركم هذا سيكون لبنة جديدة تثري الحركة السياسية المستقلة بما يدعم مسيرتها من أجل التغيير الديمقراطي المنشود وفقكم الله في أعمالكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركات