مقديشو(كالات)في وقت يستعر فيه الاقتتال الداخلي في الصومال بين الحكومة والمعارضة الإسلامية، تبادل الجانبان قذائف الاتهامات بينهما، فبينما حذر الرئيس الصومالي شيخ شريف شيخ أحمد من خطر تحول بلاده إلى ساحة لتنظيم القاعدة بسبب الحرب التي تشنها المعارضة، ألقى خصمه الشيخ طاهر أويس اللوم على الحكومة في سقوط مدنيين خلال القتال الدائر. يأتي ذلك فيما حذرت هيئة علماء الصومال من تعرض الصومال مجددا لتدخل أجنبي نتيجة الصراعات التي تجري بين الفرقاء في العاصمة مقديشو. وحذر الشيخ شريف في مقابلة صحفية نشرت اليوم الأحد 7-6-2009من وجود "خطر حقيقي" من أن يجعل تنظيم القاعدة من بلاده "منطقة إستراتيجية" أو أن "يقيم شبكته" فيها على غرار أفغانستان. وأوضح في مقابلة مع صحيفة "آل سول 24 أوري" الإيطالية أن "القاعدة ترى في الصومال منطقة إستراتيجية أخرى لإقامة شبكتها إضافة إلى أفغانستان، لقد أصبحنا نشكل أولوية لديها ونحن نملك ساحلا طويلا جدا، ما يمثل خطرا حقيقيا". وأضاف الرئيس الصومالي الذي سيزور الثلاثاء إيطاليا للمشاركة في مؤتمر دولي حول الوضع في الصومال "لسنا أمام صومال تسعينات القرن الماضي، اليوم لدينا خلايا للقاعدة في البلاد والمشكلة لم تعد بالتالي صومالية بل عالمية"، وأشار إلى أنه "من واجب المجتمع الدولي حماية الصوماليين والحكومة الصومالية من القاعدة، عليه القيام بذلك من اجل مصلحة الجميع". وبعد أن أشار إلى "العلاقات الطويلة والجيدة" لبلاده مع إيطاليا قال الشيخ شريف إن على الحكومة الايطالية "القيام بكل ما يمكنها لمساعدتنا"، وأضاف "أن أوروبا تتحرك وقد تعهدت بمساعدتنا غير أننا نريد أن تصبح إيطاليا جسرنا مع أوروبا". واعتبر الرئيس الصومالي أن وجود حكومة مستقرة في بلاده سيقلص من عمليات القرصنة، وقال: "إن القراصنة يأتون من اليابسة، وحين يتم تأمين مراقبة المنطقة يمكننا محاربتهم بنجاعة". أويس: لا نستهدف المدنيين وعلى جانب آخر، حمل الشيخ طاهر أويس زعيم الحزب الإسلامي المعارض الحكومة مسؤولية مقتل مدنيين خلال المعارك الجارية، مشيرا إلى حرص قواته على عدم استهداف المدنيين. وقال في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الفرنسية من العاصمة: "نطالب القوات الأجنبية والقيادة التي عينت نفسها بوقف قتل وتشريد الناس في مقديشو". وأضاف بالقول: "جماعات المقاومة التي تحارب قوات الاحتلال تفعل ما في وسعها من أجل تجنب إصابة المدنيين". وكانت مصادر بالحكومة قد زعمت أن الشيخ أويس قد قتل أو أصيب إصابة بالغة في معارك قرب الحدود مع إثيوبيا الجمعة الماضية، ونفى أويس تعرضه للإصابة، معلناً في تصريحات إعلامية أنه سيعقد مؤتمرا صحفيا غداً الإثنين يتحدث فيه عن آخر التطورات بالصومال. وميدانيا، ذكر موقع "الصومال اليوم" الإخباري أن ثلاثة مدنيين لقوا مصرعهم في انفجار كبير استهدف سيارة عسكرية للقوات الحكومية في منطقة "شبس" بالعاصمة بحسب شهود عيان. وفي سوق بكارى اغتال مجهولون صباح اليوم مدير إذاعة شبيلي المحلية، كما أصابوا زميلا له نقل على إثر الحادث إلى المستشفى، وكانت العاصمة هادئة منذ أمس مقارنة مع الأيام الماضية التي شهدت معارك ضارية بين القوات الحكومية والمعارضة الإسلامية قتل فيها ما يقرب من 200 شخص. التدخل الأجنبي ومن جهتها، حذرت هيئة علماء الصومال من تعرض البلاد مجددا لتدخل أجنبي نتيجة الصراعات التي تجري بين الفرقاء في مقديشو. وطالب رئيس الهيئة الشيح بشير صلاد في تصريحات لإذاعة شبيلي أطراف الصراع في مقديشو بعدم إتاحة الفرصة للتدخل الأجنبي بسبب صراعهم. وأشار بشير إلى أن الهيئة لم تتوقف عن مساعيها للوساطة بين الحكومة الانتقالية والمعارضة الإسلامية، وكانت الهيئة قد قامت بعدة محاولات للتوسط بين المتصارعين لكنها لم تحقق شيئا يذكر، حيث تفجرت آخر المعارك أثناء انعقاد مؤتمرها الثاني في مقديشو الشهر الماضي. وتدور معارك ضارية بين الحكومة ومعارضيها في الصومال وسط مخاوف كبيرة من أن تتدخل قوات أجنبية في الصومال حيث أعلنت ايثوبيا مؤخرا أنها توغلت في الصومال لأسباب "استطلاعية". ويخشى الكثير من الصوماليين من أن تعود إثيوبيا إلى الصومال بسبب الصراع الدموي بين الفرقاء أو أن تغزو دول أخرى بدعوى "محاربة الإرهاب" وسط الحديث عن تحول الصومال إلى مأوى للقاعدة. ودعا صلاد إلى مساعدة النازحين الذين هربوا من المعارك، حيث فر أكثر من ستين ألف مواطن من منازلهم في مقديشو وحدها ويقيمون حاليا في مخيمات بائسة في ضواحيها. ومنذ بداية عام 2007 أودى الاقتتال في الصومال بحياة نحو 18 ألف مدني ونزوح أكثر من مليون شخص، فيما يعيش قرابة 3 ملايين آخرين على المساعدات الغذائية.