منذ المؤتمر الأخير لاتحاد كتاب المغرب، في نهاية شهر نونبر من العام الماضي، وهو يعيش في دوامة من الصراعات والمشاكل بسبب إسناد المهام في المكتب التنفيذي وفضح البعض لممارسات رئيس اتحاد كتاب المغرب، الكاتب عبد الحميد عقاربالإضافة إلى رغبته في الاستئثار بكل المهام، وجعله الاتحاد، حسب تصريحات بعض الأعضاء، وكالة خاصة، الشيء الذي أجج الاحتجاج بين أعضاء المكتب التنفيذي، وعلى رأسهم الكاتب عبد الرحيم العلام ، الذي لم يصوت على عقار رئيسا للاتحاد في نهاية المؤتمر، وذلك لأنه يرغب في تصحيح الوضع على حد قوله. قامت العديد من الجهات والأشخاص، ومنهم الرؤساء السابقون لاتحاد كتاب المغرب: محمد الأشعري، ومحمد برادة، وأحمد اليابوري، وبعض الفاعلين الثقافيين كحسن النفالي وعبد الواحد عوزري من وزارة الثقافة، وأسماء أخرى، بمحاولات لرأب الصدع الذي يشهده بنيان الاتحاد، وفسح المجال للمثقفين للاشتغال من داخل هذه المؤسسة، التي كان لها إشعاع قوي، وكانت تحظى بالاحترام والتقدير داخل المغرب وخارجه، لكن تلك التدخلات لم تنفع، ولم تؤت كل الاجتماعات الماراطونية، التي كان يعقدها أعضاء الاتحاد في ما بينهم في البداية، أكلها، مما دفع الشاعر جمال الموساوي إلى تقديم استقالته وإصدار بيان يكشف فيه عن الوضع المأساوي الذي أصبح عليه الاتحاد. بعد ذلك بشهور لم يعد الأعضاء يجتمعون مع الرئيس وقرروا إقالته بعدما طالب بعقد مؤتمر استثنائي بشكل منفرد، فأضحى التحاور معه مستحيلا، كما صرح ل"المغربية" الشاعر محمد بودويك، الذي ترشح من أجل الاشتغال والنهوض بالعمل الثقافي في هذه المؤسسة، لكنه اصطدم بأشخاص تشنجت العلاقات بينهم، وهم: عبد الحميد عقار، وعبد الرحيم العلام، ومصطفى النحال، إذ أصر الأخيران على إقالة عقار، وهو ما جعل باقي الأعضاء ينقسمون إلى قسمين، قسم مع عقار، والآخر مع العلام، ليظل الوضع الثقافي للاتحاد معلقا، والعمل الثقافي بهذه المؤسسة معطلا إلى حين. وأمام هذا الوضع المتردي، والانتظار غير المجدي، وتوقف الأنشطة الثقافية وتخلف الاتحاد عن كثير من المواعيد الثقافية العربية والوطنية، أصبح الكتاب يتذمرون من هذا الوضع، ويرجحون كفة عقد مؤتمر استثنائي لوضع حل لهذه العطالة غير المجدية. فهل يسير الاتحاد فعلا في اتجاه عقد مؤتمر استثنائي، أم أن أمره لم يعد يعني أحدا؟. وفي تصريح مقتضب ل "المغربية" ذكر عبد الحميد عقار، رئيس اتحاد كتاب المغرب، أن الوضع ما زال على ما هو عليه، وأن هناك فعلا اتصالات لحل هذه المشاكل، التي لا يرغب في الخوض فيها، لأنه يفضل الاشتغال على ما هو أهم، على قضايا ثقافية وفكرية أساسية. وقال "لا اعتراض لدي على أي تسوية، لأن ما يهمني هو أن يستعيد الاتحاد نشاطه وألا يتأخر عن الدخول الثقافي الذي سيكون هذه السنة مبكرا". وبخصوص المؤتمر الاستثنائي، ذكر عقار أنه هو الحل وليس هناك حل آخر، وأنه سبق وطالب به عبر بيان حمل شعار "احتراما لإرادة الكاتبات والكتاب"، إلا أن طلبه اعتبر انفراديا ولا شرعيا، لتصحيح الوضع وانتخاب مكتب جديد لتسيير شؤون الاتحاد. وقد جاء في بيان عقار، الداعي لعقد مؤتمر استثنائي " هناك جمود وانتظارية لم يعودا مشروعين ولا مقبولَين مِن أحد. إن السجالات والرغبات العدائية تجاه رئيس الاتحاد من عضوين من أعضاء المكتب التنفيذي، بلهجة فيها تحامل واستعداء وإساءة، أفقدت المكتب التنفيذي انسجامه وتوازنه الضروريين للعمل المشترك، وما يحتاجه من ثقة، واختلاف معقلَن، يدبران في احترام متبادل، وأبانَت، فضلا عن ذلك، عن نزوع ابتزازي وانقلابي، مبتغاه إجبار الرئيس وبعض الأعضاء على الاستقالة أو الإقالة، ضدا على إرادة الكاتبات والكتاب مِمن شاركوا في المؤتمر السابع عشر، وانتخبوا بحرية، وبشكل ديمقراطي، أجهزة الاتحاد، وصادقوا في الجلسة الختامية على محضر انتخاب رئيس الاتحاد، وأصبحت كلمة الرئيس الختامية بمثابة التزام وتعاقد أخلاقيين مباشرين مع المؤتمرات والمؤتمرين، باسمه الشخصي، وباسم المكتب التنفيذي والمجلس الإداري. إن القبول بهذا النزوع الانقلابي، والعمل بمقتضاه، دون الرجوع إلى المؤتمر، وهو أعلى سلطة تقريرية، يشكلان طعناً غير مسبوق في إرادة الكاتبات والكتاب، وفيه إفراغ للمؤتمر من المعنى والجدوى، والحال أنه وحده المخول له البت في السابقة، قبولا أو رفضا". ومن جهته اعتبر الشاعر محمد بودويك، عضو المكتب التنفيذي باتحاد كتاب المغرب، أن المكتب التنفيذي الجديد لاتحاد كتاب المغرب ولد ميتا، لأن الأنانيات الفردية اعترضت طريقه، وجرى تهميش الشأن الثقافي. ولهذا أشار إلى أنه "من الضروري اليوم بعد هذا السبات والبيات التفكير في حل جذري لهذا الوضع، وأظن أن المؤتمر الاستثنائي هو الحل ويجب أن يدعو إليه المجلس الإداري، وإلا فنحن مقبلون على بيات طويل مع العطلة الصيفية ورمضان". وأضاف بودويك أن الوضع الحالي للاتحاد أصبح محط سخرية العديدين، الذين يطعنون في مصداقية هذه المؤسسة العتيدة، ولهم الحق في ذلك ما دام الخلاف مستشريا بين أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد، الذين لم يرغبوا في الارتفاع باللحظة التاريخية والثقافية بالمغرب وتجاوز التفاهات وبعض الأغراض الشخصية الفانية. وانطلاقا من هذا الوضع المتردي أيضا، الذي لم تنفع معه أي حلول، يرجح بعض الكتاب المغاربة، الذين استقت آراءهم "المغربية" مسألة عقد مؤتمر استثنائي، للخروج بالاتحاد من هذا النفق المسدود، في حين يرى البعض الآخر أنهم لم يعودوا يؤمنون بالعمل الجماعي، خصوصا أن مؤسسات، مثل اتحاد كتاب المغرب، لم تعد تعير بالا للكتاب ولا للمثقفين ولا لسمعة المغرب الثقافية، مادام المنتخبون لتسيير شؤونها، عبر المؤتمر الأخير، قد غلبوا المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وأشاروا إلى أن الأساسي لديهم هو التركيز على مشاريع ثقافية فردية ومنفتحة على آفاق ثقافية أوسع في العالم العربي وأوروبا.