اليوم هو الموعد المقرر لانعقاد مؤتمر حركة فتح السادس بعد انقطاع دام عشرين عاما، والذي أتمنى له عدم النجاح لان مقاصد المؤتمرين ليست بريئة. في هذه الحقبة الزمنية حدثت متغيرات على المستوى العربي والفلسطيني. عربيا توفي الملك فهد آل سعود والملك حسين والرئيس حافظ الأسد واحتل العراق، واعدم زعيم ثاني أقوى دولة عربية، وفي المجال الفلسطيني اغتيل الرئيس ياسر عرفات مسموماً وحسب أوثق المصادر بتواطؤ اقرب الناس إليه، وصفيت قيادات فاعلة من المقاومة الإسلامية في غزة، وازدادت المستوطنات في الضفة الغربية اتساعا، وأصبح عدد المستوطنين يزيد عن 300.000 مستوطن، وتمدد جدار الفصل العنصري على طول فلسطينالمحتلة، وتهويد القدس يجري على قدم وساق، وانشقت السلطة الفلسطينية بين حماس ومعها أصحاب الرأي المقاوم، وفتح ومعها جمهور رجال الأعمال الانتهازيين وانصارالقائلين بعبثية المقاومة، الأمر الذي أدى إلى فصل الضفة عن غزة، وفي ظل الانقسام الفلسطيني بين الحق والباطل شنت إسرائيل هجوما كاسحا على قطاع غزة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة براً وبحراً وجواً، وصمدت في وجه ذلك العدوان دون معين إلا الله عز وجل، تنكر أهل الضفة الغربية بموجب أوامر السلطة لكفاح غزة وصمودها، وشدد الحصار المصري والصهيوني على القطاع ومنع الدواء والغذاء وحتى الماء القابل للاستهلاك الآدمي، ولم يبق لأهل غزة سوى الهواء ولو قدر لمصر وإسرائيل وبعض الدول العربية لمنعوه عن أهلنا هناك. في ظل هذه الظروف ينعقد مؤتمر حركة فتح في 'بيت لحم' تحت حراسة وتنصت إسرائيلي على كل ما يدور من أحاديث ونقاشات بين المؤتمرين، ومن يجرؤ على إبداء رأيه بحرية في شأن المقاومة وحق العودة ومدينة القدس. في هذه الأجواء أيضا وقبل انعقاد مؤتمر فتح بيوم واحد استولى المستوطنون على عدد من المنازل في حي الشيخ جراح في القدس وطرد أهلها العرب منها وكل ما فعلته سلطة محمود عباس القول: 'ان إسرائيل لا تحترم القانون الدولي والتزاماتها.. الخ' فماذا سيقول مؤتمر فتح؟ ( 2 ) في هذا المقام لابد لي أن اعبر عن استغرابي الشديد للضجة الكبرى التي شنت على القيادة السياسية في غزة لعدم السماح لأعضاء من حركة فتح للانضمام إلى حزبهم المنعقد مؤتمره في الضفة بموافقة اسرائيلية، كنت أتوقع أن ترفض قيادات فتح في غزة المشاركة في هذا المؤتمر احتجاجا على الحصار المفروض على القطاع، واحتجاجا على اعتقال سلطة رام الله أخوانهم في حركة حماس والجهاد في الضفة الغربية وإغلاق مؤسساتهم الخيرية والسياسية، وعدم فتح جبهة مقاومة من الضفة تضامنا مع غزة خلال العدوان الإسرائيلي، وكنا نتوقع من شرفاء فتح أن يقاطعوا المؤتمر المنشود احتجاجا على اختراق الانتهازيين والعملاء لصفوف الحركة وتهميش دور المؤسسين الشرفاء، سمعت احد عناصر فتح يقول: لو سمحت حركة حماس لسفر أعضاء فتح لقابل المؤتمر ذلك الإجراء بإجراء آخر وهو إطلاق سراح المعتقلين، والسؤال لماذا لا تبادر فتح بطلاق سراح المعتقلين لديها ونرى ماذا ستفعل حركة حماس؟ تقول أوثق المصادر أن سلطة رام الله جندت كل قواها لاغراء العديد من الفلسطينيين في عطلتهم الصيفية لحضور المؤتمر سواء أعضاء في فتح أو من تعتقد أنهم من أنصارها وذلك ليكتمل النصاب ولو تزويرا، وهنا تحل الكارثة الكبرى على العمل الفلسطيني . ( 3 ) لقد نشطت الدبلوماسية الأمريكية في الأسبوع الماضي في المنطقة كما نشطت عملية الاستيطان في القدس والضفة، تطلب الإدارة الأمريكية من العرب على لسان وزيرة خارجيتها، وجورج ميتشل وغيرهما اتخاذ خطوات جريئة نحو التطبيع الكامل مع العدو الصهيوني، واستغرب تصريح الأمين العام للجامعة العربية الذي قال: 'لا تطبيع قبل وقف التوسع في المستوطنات' وكأن الأمر بالنسبة للجامعة العربية يقف عند عملية المستوطنات وليس غير ذلك، من دواعي الحزن الشديد أن نرى مظاهرات في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية تدعو إلى مقاطعة إسرائيل، ومظاهرات أخرى احتجاجا على عقد 'يوم إسرائيل ' في المتاحف البريطانية، وعالم يهودي بريطاني يقف وراء الدعوة لمقاطعة الجامعات البريطانية للجامعات الإسرائيلية، والنرويج تسحب استثماراتها من 44 شركة إسرائيلية احتجاجا على العدوان على غزة، وفي هذه الأجواء المشحونة بالعداء للعرب ينبري مسؤول عربي بالدعوة للتطبيع العملي مع هذا الكيان الإسرائيلي في كل المجالات وخاصة الإعلام والاقتصاد والسياحة. إن اقل ما يقال في حق هؤلاء العرب أنهم فاقدو الكرامة وانعدام الفهم السياسي. آخر القول: نراهن على رموز حركة فتح الشرفاء لإفشال مؤتمر بيت لحم، والعمل على رفع الحصار عن أهلنا في غزة.