عمان شاكر الجوهري الفجرنيوز:ضرب اللواء توفيق الطيراوي وأصيب في كتفه الأيسر، وجرت محاولة لضرب النائب حسام خضر أثناء تدخله في جلسة صباح الإربعاء، وضرب عدد آخر من اعضاء المؤتمر الآخرين من بينهم العميد ماجد حيمور الذي نقل إلى المستشفى، كما ضرب العميد أبو أحمد الشيوخي دون مراعات لشيخوخته، وهو الذي يواصل النضال منذ مطلع شبابه حتى بلغ الخامسة والسبعين، ونقل أيضا إلى المستشفى. الفاعل في كل الحالات هو حرس الرئيس.. أو "الفلسطينيون الجدد"، على حد اشارة أحد اعضاء المؤتمر إلى المصطلح الذي اطلقه الجنرال الأميركي كيث دايتون مؤخرا في محاضرة له أمام معهد واشنطن، على أفراد الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، التي يشرف على تدريبها لليوم الموعود.
المكان الذي وقعت فيه كل هذه الإعتداءات هو داخل صالات المؤتمر في بيت لحم، حيث ينتشر ألفا من أفراد حرس الرئيس حول وداخل مكان انعقاد المؤتمر، مزودين بالهراوات والسلاح، وكذلك بالكلاب البوليسية الشرسة.
"المستقبل العربي" حصل على تفاصيل كل حالة من حالات الإعتداءات المشار إليها، في حين تؤكد المصادر صعوبة، بل استحالة حصر كل الحالات، وذلك نظرا لكثرة عدد أفراد حرس الرئيس الموجودون في المكان، وكثرة عدد اعضاء المؤتمر، ومن يجري اضافتهم على قدم وساق في كل دقيقة، ويتم السماح بدخولهم إلى المؤتمر..!
الطيراوي: ضربوني
اللواء توفيق الطيراوي أكد ل "المستقبل العربي" صحة تعرضه للضرب، وإن كانت كرامته دفعته لمحاولة التخفيف من حقيقة ما جرى.
جاء صوته عبر الهاتف مزاوجا بين الحزن والغضب، وهو يقول لنا إنه تعرض لمحاولة اعتداء. وحين سألناه عن حقيقة اصابته بجرح في يده اليمني، قال إنه ضرب بعصا على كتفه الأيسر، وأن الذين ضربوه من حرس الرئيس كانوا يعرفون شخصه، لأن هناك من عرّف على شخصيته قبل أن يبادروا إلى ضربه..!
المدير السابق للمخابرات الفلسطينية قال إن الأمر بدأ حين شاهد عددا من أعضاء المؤتمر القادمين من لبنان "زابلينهم في الشمس"، فطلب السماح بإدخالهم إلى مقر المؤتمر، وأيده في ذلك أحد أفراد الحرس الرئاسي الذي كان يرتدي ملابس مدنية. وحين هموا بالدخول، حدثت مشادة بين الحارس الذي يرتدي الملابس المدنية مع آخرين من الحرس يرتدون ملابس عسكرية، فما كان من العسكريين إلا أن اعتدوا بالضرب على المجموع، وكان نصيبه ضربة عصا على كتفه الأيسر، وذلك على الرغم من أن أحد الموجودين عرّف على شخصه قائلا هذا هو اللواء توفيق الطيراوي.
في خضم هذا الضرب الجماعي، تعرض العميد أبو أحمد الشيوخي للضرب من قبل حرس الرئيس، دون مراعاة لتاريخه النضالي، أو لسنه الذي تجاوز الخامسة والسبعين.
وينفي الطيراوي أن تكون المشكلة بدأت، كما تقول مصادر أخرى، جراء محاولته ادخال مرافقه معه إلى داخل المؤتمر. ويؤكد أنه في الأساس لم يكن يوجد معه أي مرافق.
الرواية الأخرى كانت قالت إنه حين تدخل الطيراوي لإدخال مرافقه، تلقى صفعتين على وجهه، وضربة عصا على يده اليمنى ما اصابها بجروح.
ويقول مصدر ثالث أن الطيراوي دخل جراء ذلك إلى داخل صالة المؤتمر، وأنه حاول الصعود إلى المنصة وشرح ما تعرض له لأعضاء المؤتمر، لكنه جرى منعه من ذلك بالقوة. ومع ذلك، فقد أثير الأمر، وتقرر تشكيل لجنة تحقيق في هذا الحادث برئاسة وزير الداخلية.
العميد ماجد حيمور، وهو قادم للمؤتمر من الساحة الأردنية، ومرشح لعضوية المجلس الثوري، جرت ملاسنة بينه وبين عدد من أفراد حرس الرئيس على خلفية أمور تنظيمية، فتعرض هو الآخر للضرب المبرح، الذي قاده إلى المستشفى.
رفض تزكية الرئاسة
أما النائب حسام خضر، فقضيته مختلفة..
تقول المصادر أن مجريات المؤتمر وتّرت أعصاب الرئيس ومناصريه جراء جملة مواقف نورد منها:
أولا: بعد الإنتهاء من القاء الكلمات الرسمية في جلسة الإفتتاح في اليوم الأول (الثلاثاء)، وقف الطيب عبد الرحيم محاولا تزكية هيئة رئاسة للمؤتمر، لكن عددا من اعضاء المؤتمر بادر فورا إلى الإحتجاج على ذلك، مؤكدين أن المؤتمر سيد نفسه، وهو ينتخب من يشاء وأنه يرفض مبدأ التزكية.
فسكت عبد الرحيم، الذي سبق له إعلان اعتزامه عدم الترشح مرة أخرى لعضوية اللجنة المركزية.
وقد انتخب المؤتمر اللواء عثمان أبو غربية رئيسا له، وهو من الشخصيات المعارضة المحترمة، والمتزنة. كما انتخبت هيئة رئاسة من بين اعضائها صبري صيدم، آمنة جبريل، أمين مقبول وصخر بسيسو.
رفض مقترح الرئيس
ثانيا: وقف عباس شخصيا ليقترح اعتبار خطابه وثيقة رسمية من وثائق المؤتمر، واعتبارها مشروع برنامج سياسي للحركة خلال المرحلة المقبلة، علما أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر أقرت مشروع برنامج سياسي.
من فورها وقفت إحدى عضوات المؤتمر لتتحدث مع الرئيس بلغة خشنة قائلة له "شو هالحكي (ال...)..؟ "إنت (مي..)..؟ "لا نعتمد خطابك، ولا معنى له.. نريد تقريرا سياسيا".
ولقيت مداخلة العضوة تأييدا عبر التصفيق من الأعضاء، وتم رفض طلب الرئيس.
اسكات غنيم
ثالثا: حين توجه محمد راتب غنيم مفوض التعبئة والتنظيم لإلقاء كلمته من على المنصة، تصدى له عدد من أعضاء المؤتمر مطالبينه بإلقاء كلمة مكتوبة، وحين قال إنه لم يكتب كلمة، طلبوا منه النزول من على المنصة، وتوجه عدد من الأعضاء إلى المنصة وتولوا انزاله دون أن يسمحوا له بأن يلقي كلمته، وهو الذي كان لقي استقبالا رسميا حافلا من قبل مؤسسة الرئاسة لدى دخوله الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل عدة أيام.
مطالبات بالتحقيق
رابعا: في هذا الخضم من التحدي القاعدي، علت أصوات من داخل الصالة تطالب بالتحقيق في قضية مقتل الرئيس السابق ياسر عرفات. وكان صوت الأسير المحرر، النائب حسام خضر هو الأعلى. وقد توجه خضر إلى المنصة وبدأ يطالب ليس فقط بالتحقيق في مقتل عرفات مسموما، ولكنه طالب كذلك باستجواب جميع اعضاء اللجنة المركزية للحركة عما فعلوه وقدموه طوال العشرين سنة الماضية التي اعقبت انتخابهم لعضوية اللجنة.
هنا اندلعت "طوشة" لها أول وليس لها آخر، وجرت محاولة لضرب خضر من قبل حرس الرئيس، بعد أن تصدى لمحاولة اسكاته بعض الجالسين على منصة رئاسة المؤتمر، وعدد من اعضاء اللجنة المركزية التي انتهت ولايتها بمجرد بدء أعمال المؤتمر، وكان أحمد قريع أبرز المتصدين لإسكات خضر. وسمع خضر وهو يقول نريد معرفة تفاصيل قضايا سقوط غزة بيد حركة "حماس"، والموقف الفلسطيني في لبنان، والإتفاقات التي وقعت مع اسرائيل، ومختلف جوانب الوضع السياسي.
عند هذا الحد تدخل عباس لضبط الجلسة، وتم الإتفاق على تشكيل 18 لجنة تنبثق عن المؤتمر من أجل تحضير اجابات على جميع الأسئلة التي يطرحها اعضاء المؤتمر.
وتم إعلان رفع الجلسة.
مطالبة مقدح
قبل ذلك، قرئت رسالة موجهة من اللواء منير مقدح قائد الكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان، الذي منعته اسرائيل من المشاركة في المؤتمر. وقد طالب مقدح في رسالته بتشكيل لجنتي تحقيق.. واحدة تحقق في مقتل الرئيس الراحل عرفات، والأخرى تحقق في مقتل اللواء كمال مدحت في لبنان.
وتجمع المصادر على أن أجواء المؤتمر غير مريحة. وتضيف أن الإشكالات التي حدثت كانت متوقعة، وأنه لا يزال متوقعا حدوث اشكالات أكثر عنفا ليلة الخميس، ونهار الجمعة، وذلك على خلفية الترشيحات لعضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري، وعلى نحو قد يؤدي إلى تفجير المؤتمر.
وتلفت المصادر إلى أن الطامة الكبرى بالنسبة لعباس تتمثل في حالة فوز أحد المعارضين الراديكاليين بعضوية اللجنة المركزية، لما سيمثله هذا من إحراج كبير لعباس أمام الأميركان والإسرائيليين.
وكان عدد من رجال خليل الوزير المؤسس الأول لحركة "فتح"، شكلوا قائمة مرشحين لعضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري تضم معظم قادة كتائب شهداء الأقصى، وكتائب العودة، وكتائب أيمن جودة، وتم توزيعها على نطاق واسع داخل صالات المؤتمر، وعلى نحو أثار قلق الرئيس الفلسطيني من احتمال فوز بعض الأسماء الواردة في هذه القائمة، بعد الغربلة الدقيقة التي أجريت على عضوية المؤتمر من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي رفضت السماح بدخول كثير من اعضاء المؤتمر، كما من قبل أجهزة السلطة التي منعت دخول بعض الأعضاء إلى مقر المؤتمر، من بينهم زكريا الزبيدي القائد السابق لكتائب شهداء الأٌقصى في جنين، الذي تمت اعادته من مدخل المؤتمر، على أيدي حرس الرئيس.
وتضم هذه القائمة إسم فاروق القدومي أمين سر اللجنة المركزية للحركة.
الزبيدي وفقا لمقربين منه كان يعتزم الترشح لعضوية المجلس الثوري.
توقعات راديكالية
وتتوقع مصادر متطابقة فوز عدد كبير من الأعضاء الجدد في اللجنة المركزية الجديدة، ما يعني فشل معظم الأعضاء الحاليين في اللجنة.
وتلفت بعض المصادر إلى أن عباس قد يجد نفسه مضطرا لتزوير الإنتخابات بهدف عدم فوز قيادة راديكالية للحركة، بعد أن قطع شوطا طويلا جدا على طريق تفكيك ونزع أسلحة كتائب شهداء الأقصى، وغيرها من الأذرع المسلحة لفصائل المقاومة الفلسطينية. وتعيد المصادر إلى الأذهان أن الرئيس الراحل عرفات، أقدم على تزوير جزئي لنتائج انتخابات المؤتمر الخامس، حيث تم قطع الكهرباء عن مكان عقد المؤتمر لمدة ساعتين، وحين أعيد تشغيلها، وتشغيل أجهزة الكمبيوتر، شاءت قدرة الأجهزة أن ينجح عباس وسليم الزعنون، بعضوية اللجنة المركزية، بعد أن كانا فاشلين.
تقول مصادر ضاحكة إن المرحوم حكّم "قانون الوفاء والمحبة الفتحاوي"، وقد ساعده الكمبيوتر على ذلك..
تراجع فرص دحلان
وتبدي المصادر أن تقديم كرسي محمد دحلان إلى الصف الأول داخل قاعة المؤتمر لا يشي بحدوث تغير ايجابي في موقف الرئيس عباس نحوه، بعد أن انقلب عليه خلال الأيام القليلة الماضية.
وترى المصادر أن فرص دحلان بالفوز بعضوية اللجنة المركزية تراجعت بشكل كبير جدا نظرا للعوامل التالية:
أولا: انقلاب عباس على دحلان، وفك التحالف بينهما.
ثانيا: الزيادة الكبيرة التي طرأت على عدد اعضاء المؤتمر، ولا تزال تتواصل حتى بعد افتتاح اعماله. فقد بلغ عدد اعضاء المؤتمر 2500 عضو، رغم منع سلطة "حماس" في قطاع غزة 400 عضو من الحضور إلى بيت لحم، ومنع اسرائيل عشرات الأعضاء من الدخول، وامتناع عشرات آخرين عن الحضور اعتراضا على عقد المؤتمر في الداخل، أو خشية اعتقالهم من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وتؤكد المصادر أن أنصار لدحلان في الأردن يعملون على ارسال عدد متواصل من داخل الحركة وخارجها إلى بيت لحم للمشاركة في أعمال المؤتمر علما أنهم ليسوا اعضاء فيه، وذلك على أمل انقاذ ما يمكن انقاذه. ولكن هل يسمح لهم بالمشاركة والتصويت..؟
يصعب الإجابة على هذا السؤال، وفقا للمصادر.
ثالثا: التوافق الذي تم التوصل إليه ليلة الإربعاء، وأعلن عنه الدكتور نبيل شعث صباح الخميس، ويقضي بمشاركة أعضاء المؤتمر الذين لم تسمح لهم حكومة اسماعيل هنية في غزة بالمغادرة إلى بيت لحم، بالتصويت في انتخابات اللجنة المركزية والمجلس الثوري بواسطة الإتصالات الهاتفية، ورسائل البريد الألكتروني، أو أي وسيلة أخرى يتم الإتفاق عليها.
وكشف شعث عن أنه تم التوافق على تخصيص 5 مقاعد في اللجنة المركزية لتنظيم غزة، وكذلك 25 عضوا في المجلس الثوري.
وأكد شعث أن عملية تصويت أعضاء حركة "فتح" من غزة لن يستثنى منها أحد، وأنها ستتم من خلال فريق عمل متكامل سينفذ هذه العملية بكل دقة وموضوعية وبإشراف القيادة الفلسطينية.
ويعني ذلك، كما يؤكد مراقبون محايدون، تراجع فرص دحلان وأنصاره بالفوز على نحو غير مسبوق.. خاصة وأن تخصيص مقاعد لغزة يعني أن يتم انتخاب ممثلي غزة في الهيئات القيادية من قبل ابناء غزة في الحركة، وهؤلاء معارضون لدحلان في غالبيتهم الساحقة، كما أن أنصار دحلان في الساحات الأخرى، الذين نجح باستقطابهم عبر المال السياسي، كما يؤكد خصومه، لن يتمكنوا من التصويت له.
الساعات المقبلة حبلى بالكثير جدا من المفاجآت المثيرة، كما تجمع المصادر.