من أجل التدليس .. تأجيل محاكمة الرئيس السابق لنقابة أعوان وموظفي العدلية الحطاب بن عثمان    كاس العرب.. العراق ينتصر على البحرين    طقس الليلة.. امطار بعدد من الجهات    المسروق يباع في الجزائر...مُهرّبون وراء عصابات سرقة السيارات    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد (الجولة 16): النتائج والترتيب    بعد إيداع المحامي والناشط السياسي العياشي الهمامي السجن: الفرع الجهوي للمحامين بتونس يتحرك    مع الشروق : انتصار جديد للشعب الفلسطيني    البرلمان يصادق على تسيير وضعية الأشخاص المعنيين بهذه الديوان..#خبر_عاجل    ثلاث مسرحيات تونسية تشارك في الدورة ال16 لمهرجان المسرح العربي بالقاهرة في جانفي 2026    وجبة خفيفة يوميا.. تؤدي إلى قوة الذاكرة لاحقا... اكتشفها    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    كأس العرب قطر 2025: المنتخب القطري يسعى لتصحيح المسار في مواجهة نظيره السوري غدا الخميس    مدنين: اعادة فتح مكتب بريد المحبوبين بجربة ميدون بعد استكمال اشغال تهيئته وتعصيره    سيدي بوزيد: تنظيم يوم تكويني بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية تحت شعار "من الذكاء البشري الى الذكاء الاصطناعي التوليدي"    صادرات الزيت التونسي توصل 280 ألف طن!    رئيس كولومبيا لترامب : ''لا توقظ النمر.. مهاجمتنا تعني إعلان الحرب''    عاجل/ إمرأة تضرم النار في جسدها بمقر هذه المعتمدية..    تونس تحتضن المؤتمر ال49 لقادة الشرطة والأمن العرب لتعزيز التعاون الأمني العربي    كأس العرب: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الفلسطيني    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    عاجل/ طالبان تكشف: مرتكب هجوم واشنطن درّبه الامريكان أنفسهم    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعتزم التقليل من التجارب على القردة    احذروا هذا القاتل الصامت..#خبر_عاجل    سامي الطرابلسي: ليس لدي أي ندم.. ونحن مقتنعون بالخيارات التي قمنا بها    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    البرلمان يصادق على فصل يسهّل على المصدّرين إثبات رجوع المحاصيل    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    أب يُلقي ابنته من الطابق الثالث والسبب صادم..!    ليبيا.. وزير الداخلية بحكومة الوحدة يحذر من مشروع توطين صامت    محرز الغنوشي: بداية من الليلة القادمة...وصول التقلّبات الجوية الى تونس    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    إدارة ترامب تصدر قرارا بشأن الهجرة وتفصل قضاة مكلفين بها    أرقام صادمة.. مقتل 45 ألف طفل سوداني واغتصاب 45 قاصراً بالفاشر    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    "ضاع شقا العمر".. فضيحة على متن طائرة أثيوبية قادمة من السعودية    مفاجأة المونديال 2026: فيفا يغيّر قواعد الVAR... الركلات الركنية في خطر!    كأس إيطاليا : يوفنتوس يتأهل الى الدور ربع النهائي على حساب أودينيزي    جندوبة تستقبل أكثر من 1.4 مليون سائح جزائري... وقطاع السياحة ينتعش بقوّة    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    كأس العرب 2025... الجزائر والعراق والأردن في اختبارات قوية اليوم    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات، أبرز محاور لقاء رئيس الجمهوريّة بوزير الصحة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    رئيس الدّولة يسدي تعليماته بتذليل كلّ العقبات لاستكمال إنجاز أشغال عديد المشاريع في أقرب الآجال    تفتتح بفيلم «فلسطين 36» ..تفاصيل الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    حدث فلكي أخّاذ في ليل الخميس المقبل..    ديمومة الفساد... استمرار الفساد    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    أيام قرطاج السنيمائية الدورة 36.. الكشف عن قائمة المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبايعة 'العباسية' ومخاطرها :عبد الباري عطوان
نشر في الفجر نيوز يوم 10 - 08 - 2009

ان يبايع شعب، او حزب، او تنظيم رئيسه بالاجماع فهذه البيعة تتم لامرين اساسيين، الاول ان يكون حقق انجازات ضخمة وغير مسبوقة، والثاني ان يمثل خطا او فكرا سياسيا ابداعيا يستحق التكريم والتفويض المفتوح.
وانطلاقا من هذه القاعدة، نسأل اعضاء مؤتمر حركة 'فتح' المنعقد حاليا في مدينة بيت لحم عن المعايير التي استندوا اليها عندما 'صفقوا وقوفا' تأييدا لاقتراح بانتخاب الرئيس محمود عباس زعيما لحركتهم، خارج الانتخابات المقررة لاختيار اعضاء اللجنة المركزية الجديدة.
الرئيس الراحل ياسر عرفات المؤسس لحركة 'فتح' والذي دفع حياته ثمنا لتمسكه بخطها كحركة تحرير وطني، لم يحظ بمثل هذه السابقة التكريمية في جميع مؤتمرات 'فتح' الخمسة السابقة التي شارك فيها، بل على العكس من ذلك كان يواجه منافسة شرسة من قبل زملائه الآخرين على عضوية اللجنة المركزية، ويتعرض لانتقاد اشرس لسياساته ومواقفه.
نفهم هذه 'البيعة' لو ان السيد عباس حقق اهداف الحركة، والشعب الفلسطيني باسره، في اقامة الدولة المستقلة بعد خمسة عشر عاما من هندسته لنهج اوسلو التفاوضي، او ادت سياساته 'المرنة' مع الغرب واسرائيل في وقف الاستيطان، وبناء الجدار العنصري العازل، وازالة الحواجز في الضفة الغربية، وانهى حال الانقسام الراهنة في اوساط الشعب الفلسطيني، ولكنه لم يحقق أيا من هذه الاهداف التي انتخب رئيسا للشعب الفلسطيني من اجلها.
في خطابه الذي القاه في افتتاح مؤتمر حركة 'فتح' العام، واستمر حوالي ساعتين ونصف الساعة تقريبا لم يجد الرئيس عباس من انجازات يتحدث عنها للمؤتمرين غير تقديم 'جواز سفر' للفلسطينيين، وتوفير الامن والرخاء لابناء الضفة الغربية، حيث ردد الآية الكريمة 'اطعمهم من جوع وأمنهم من خوف'.
انجاز آخر ذكره عندما قال ان قوات الامن الفلسطينية نجحت في تغيير سلوك الناس، بحيث باتوا يبقون حزام الامان اثناء قيادتهم للسيارة بعد عبورهم ما يسمى بالخط الاخضر من الاراضي المحتلة عام 1948 الى نابلس وجنين وطولكرم وغيرها من المدن الفلسطينية.
الثورة الفلسطينية بزعامة حركة 'فتح' لم تنطلق في الاول من كانون الثاني (يناير) عام 1965 من اجل 'حواز سفر' للفلسطينيين، ولا من اجل توفير الطعام والامن لهم، وتدريبهم على ربط حزام الامان في سياراتهم، وانما من اجل تحرير كل الارض الفلسطينية من البحر الى النهر، واعادة اللاجئين الفلسطينيين جميعا.
وحتى مسألة جواز السفر هذه تحتاج الى مناقشة، فجواز السفر الفلسطيني لا يصدر الا بعد موافقة اسرائيلية، ودور ادارة الجوازات في السلطة لا يتعدى دور ساعي البريد فقط، والشيء نفسه يقال ايضا عن السفارات والقنصليات الفلسطينية في مختلف انحاء العالم.
' ' '
تكريس جميع السلطات في يد الرئيس محمود عباس، ووضعه فوق كل اشكال المساءلة، والمحاسبة، بالصورة التي شاهدنا بعض فصولها في مؤتمر 'فتح' السادس امر خطير بكل المقاييس، لان هذا قد يدفع بالرجل لمواصلة نهجه الحالي الذي يتناقض كليا مع منطلقات الحركة الاساسية وتراثها النضالي العريق والمشرف.
الرئيس عباس ظل يردد طوال الشهور الاخيرة بانه رجل زاهد في الحكم، ولا يريد الاستمرار في منصبه الحالي، ويروج المقربون منه هذه النغمة في مجالسهم الخاصة، ولكن ما نشاهده هو مخالف لذلك تماما، ونرى رجلا مريضا تجاوز منتصف السبعينات من عمره يتلهف الى المواقع والجمع بين الصلاحيات المتعددة وكأنه في العشرين من عمره.
المؤتمرات الحركية او الحزبية تعقد عادة من اجل اجراء مراجعة دقيقة لكل وقائع واحداث المرحلة السابقة، من اجل استخلاص الدروس والعبر، وتصحيح المسيرة، ورسم استراتيجية جديدة تدفع باتجاه تحقيق الاهداف المرجوة في اجواء من الشفافية والمحاسبة، ولكننا لم نر مثل هذه الشفافية ولم نسمع عن تلك المحاسبة.
لم أشارك في أعمال مؤتمرات حركة 'فتح' السابقة لأنني لست عضوا فيها، ولكنني شاركت في جلسات ومؤتمرات المجلس الوطني السابقة، إما كعضو مستقل أو كصحافي، أو الاثنين معا، وكنت أشاهد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يتعرض لكل أنواع المساءلة والمحاسبة من قبل بعض الاعضاء، وممثلي حركة 'فتح' على وجه الخصوص، مثل السادة صلاح خلف (أبو إياد) وفاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية. واسجل هنا أنه كان يرتعد خوفا من شخصيات مستقلة مثل المرحومين شفيق الحوت وإدوارد سعيد ومحمود أبو لغد، وياسر عمرو، وأذكر أن المرحومين شفيق الحوت وياسر عمرو ترشحا لرئاسة المجلس الفلسطيني ضد الشيخ عبدالحميد السائح مرشح الرئيس عرفات، الأمر الذي دفع بالأخير للاتصال بالاعضاء المستقلين خاصة فردا فردا متمنيا عليهم التصويت لمرشحه.
مثل هذا الحراك الديمقراطي المسؤول لم نر له مثيلا في هذا المؤتمر، بل شاهدنا غالبية ساحقة تصفق للرئيس، وتبصم على سياساته، وتنتخبه رئيسا للحركة، وباستثناء بعض المناوشات البسيطة من قبل الاعضاء، لم يتعرض الرئيس لأي نقد أو محاسبة.
ندرك جيدا 'الطروف الصعبة التي انعقد فيها المؤتمر، مثلما ندرك أيضا العوامل الاسرائيلية والامريكية الضاغطة، ولكن كل ذلك كان محسوبا بعناية للوصول الى نتائج محددة متفق عليها مسبقا.
الرئيس عباس هو الذي اختار بيت لحم مكانا للانعقاد، لأنه يريد السيطرة على النتائج، ورفض كل الخيارات الاخرى، فقد كان يمكن ان يعقد المؤتمر في دمشق او الجزائر او اليمن او أي عاصمة عربية أخرى لو كانت النوايا الحقيقية للقيادة قلب الطاولة احتجاجا على حال الهوان التي يعيشها الشعب الفلسطيني حاليا، ولكن النوايا لم تكن كذلك، وانما مسايرة الرئيس وسياساته التي لم تقُد حتى الآن إلا لخيبة الأمل.
فعقد المؤتمر تحت سمع وبصر الاسرائيليين هو سابقة تاريخية لم تقدم عليها أي حركة تحرير من قبل. فهل يمكن ان تعقد حركة التحرير الجزائرية مؤتمرها العام في إحدى ضواحي باريس مثلا، أو أن تعقد حركة 'طالبان' الافغانية مؤتمرها في ضاحية جورج تاون في واشنطن؟
' ' '
تظل هناك بعض المؤشرات الايجابية لا يمكن نكرانها، أطلت برأسها في المؤتمر، مثل انتخاب السيد عثمان أبو غربية رئيسا للمؤتمر على عكس رغبة الرئيس عباس.
وكذلك النقاط الخمس التي أضيفت الى البرنامج السياسي من قبل السيد محمود العالول وحظيت بالاجماع اثناء التصويت عليها مثل تمسك الحركة بكونها حركة تحرير وطني تهدف الى دحر الاحتلال وجزءا من حركة التحرير العربية، وأن عدوها الاساسي هو دولة الاحتلال الاسرائيلي، وأي تناقضات أخرى (مع حماس) هي تناقضات ثانوية تحل بالحوار، وعدم إسقاط أي خيار، بما في ذلك حق المقاومة بأشكالها كافة، بما في ذلك مواجهة محتليها.
الرئيس عباس تعامل باحتقار شديد مع اللجنة المركزية السابقة وأعضائها، واستنكف عن حضور اجتماعاتها.
وحول اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الى أداة بصم لتشريع بعض سياساته. ولذلك نأمل أن تقلب اللجنة المركزية الجديدة هذه المعادلة، وتضع حدا لتفرد الرئيس عباس بالقرار، وتفرض عليه العودة الى المؤسسات والتشاور معها في الأمور المفصلية.
القدس العربي
10/08/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.