أكّد المنصف ساسي وأمضى أسفله أنّه لا ينتمي ل"ما يسمّى" بحركة النهضة، وأنّه كان مجرّد متعاطف معها متأثّر بخطاب وشعارات قياديي هذا التنظيم المرفوعة بداية التسعينات... والغريب أنّه تعاطف معها رغم علمه في ذلك الوقت بأنّها استغلّت ظروف سياسية واجتماعية معقّدة إلى درجة وصلت بقيادتها إلى المسارعة بالمنتسبين والمتعاطفين إلى مواجهة غير متكافئة مع سلطات البلاد، وقد كان المسكين من ضمن حطب الاشتعال (أو هو عود من الأعواد) التي استعملتها الحركة لإشعال الوضع التونسي... وأفهم من تعبيره أنّه ظلّ منذ ذلك التاريخ وحتّى يوم النّاس هذا متعاطفا مع الحركة رغم قناعته بفشلها في توظيف توتّر الوضع التونسي لصالحها، وتعرّضها لضربات قاصمة من النّظام التونسي، ورغم إصرار تلكم الحركة – حسب تعبيره – على التمادي في الخيارات الخاطئة والهروب إلى الأمام، دون اللجوء إلى تحمّل المسؤولية ومراجعة النفس والاعتراف بالأخطاء... ثمّ إنّ المنصف، وبعد أن تأكّت لديه بعض أو كلّ ما تأكّد لإخوة سابقين؛ من التطوّرات التي عاشتها البلاد (راجعها في غير هذا المكان) وبعد أن تأكّد لديه أيضا أنّ "ما يسمّى" بحركة النهضة قد باتت لا تحسن عينُها الإبصار (إبصار الواقع) ولا عقلُها التفكّرَ والتفكيرَ (في الواقع) ولا قلبُها الحياةَ (مع الواقع المعيش) يتبرّأ أو يبرّئ ذمّته من تلكم الحركة... ولي على هذا الخبر بعض الملاحظات – وأنا أعلم أنّها (الملاحظات) ستزيد من إصرار من اتّهمني بالتعصّب لهذه الحركة إصرارا وإبحارا باتّجاه اللاّحق -، ذلك أنّ مثل هذه الاستقالات عبر النّات قد صارت مؤذية للصفّ الإسلامي حيثما كان (لأنّنا بشر)، داعمة لأعداء الإسلاميين حيثما كانوا، معبّرة كذلك عن صفقات مريبة قد تعقد بتبرئة ذمّة وقد لا تعقد إلاّ إذا انعدمت الذمّة. - لا أحسب أنّ اسمك يا أخي هو أكثر شهرة من اسم حركة النهضة التونسية (فأنا مثلا لا أعرفك)، فلماذا – وأنت المتعاطف فيها – تحمّل نفسك ما لا تطيق فتحذو حذو كتّاب التقارير البوليسية فتستعمل صياغة: "ما يسمّى بحركة النهضة"، والحال أنّ الجميع يعرف هذا الاسم ويعرف المراحل التي مرّت بها الحركة حتّى وصلته... فمالذي دفعك إلى ذلك التصرّف؟!.. أحقّا أنّك كنت تتعاطف مع هيكل لا تعرف اسمه! وإذًا هل يجوز ذلك من عاقل؟! - قولك أخي: "... والهروب الى الامام عوض الاعتراف باخطائها وتحمل مسؤوليتها تجاه المشردين والمهجرين والغالبية العظمى من المساجين بل تعاملت مع كل من يخالفها الراي بالمحاصرة والتهميش"، كيف حصلت لك هذه القناعة وكيف حصلت على هذه المعلومات وأنت – كما بيّنت - مجرّد متعاطف مع الحركة؟! ألأنّ هذه الحركة شفّافة إلى درجة أنّ المتعاطف فيها يعلم ما فيها؟! أم لأنّك قد خنست بركن كثر فيه المشرّدون والمهجّرون وكثير من المساجين فنشطت كما ينبغي أن يكون عليه المتعاطف فأحصيت حركاتهم وسكناتهم؟! أسألك أخي: أين الرّقيب لديك؟! - أسألك بالله عليك وأسأل كلّ من أعلن استقالته من جهاز قد لا يكون هو منه أصلا، هل أعلنت يوم تعاطفت مع "ما يسمّى بحركة النهضة" تعاطفك عبر المواقع والصحف والجرائد؟! أم أنّ كلّ سرّ ينتهي بالكشف وكلّ ستر ينتهي بالهتك؟! وإذن ما الدّاعي إلى ذلك وما الدّافع إليه؟! أهي الذمّة فعلا؟! أم هو حبّ الوطن والمصلحة العامّة؟! أم هي الرغبة في المشاركة في عمل لا يمكن المشاركة فيه إلاّ بتبرئة الذمّة؟!.. أفدني رعاك الله... ثمّ في الختام حفظك الله من كلّ سوء ودامت ذمّتك مبرّأة لا يطالها أكلة الذمم... وقد كتب غيرك ممّن سبقك بوضوح واقتصاد: "كنت عضوا في حركة النهضة (أو متعاطفا معها) وأعلن اليوم انسحابي من أيّ نشاط فيها سياسي أو خلافه"، فبرّأ ذمّته دون أن يعدمها، مع أنّه آذى النّاس كما آذيت... دمت بخير!...