تونس: عقوبات تصل إلى 3 سنوات سجنا لكل من يعتدي على أملاك الدولة    تقرير يتّهم بريطانيا بالتستر عن فضيحة دم ملوّث أودت بنحو 3000 شخص    سيدي بوزيد: تواصل فعاليات الدورة 15 لمعرض التسوق بمشاركة حوالي 50 عارضا    مختص في الموارد المائية : تحلية مياه البحر هو خيار ضروري    عاجل/ آخر مستجدات حادثة سقوط طائرة رئيس إيران..هكذا تم العثور على الجثامين..    كرة اليد: الهلالي يرفض تأجيل نهائي كأس كرة اليد ويحمل المسؤولية لجامعة كرة القدم    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة الحادية عشرة    صفاقس اليوم الجهوي للحجيج    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    تزامنا مع عيد الاضحى : منظمة ارشاد المستهلك توجه دعوة لقيس سعيد    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    الجنائية الدولية تطلب إصدار مذكرة اعتقال ضدّ نتنياهو    فظيع: غرق شخص ببحيرة جبلية بجهة حمام بورقيبة..    القيروان: إنتشال جثة سبعينية من فسقية ماء بجلولة    قبلي: الإطاحة بمروج مخدرات وحجز كمية من المواد المخدرة    حاول سرقة محل تجاري بأسلحة بيضاء ...فوقع في قبضة أمن قرطاج    وزارة التشغيل تمدّد في آجال التسجيل في برنامج مساندة المؤسسات الصغرى المتعثرة إلى غاية يوم 16 جوان القادم    الشاعر مبروك السياري والكاتبة الشابة سناء عبد الله يتألقان في مسابقة الدكتور عبد الرحمان العبد الله المشيقح الأدبية    البرلمان يعقد جلسات عامة للنظر في عدد من مشاريع القوانين    أبطال إفريقيا: تاريخ مواجهات الترجي الرياضي والأهلي المصري في القاهرة    تونس : أنواع و أسعار تقويم الأسنان    ليلى عبد اللطيف توقّعت سقوط طائرة الرئيس الإيراني    المحامية سنية الدهماني أمام القضاء اليوم    اشادات دولية.. القسّام تتفاعل وإعلام الكيان مصدوم...«دخلة» الترجي حديث العالم    هام/ هذه نسبة امتلاء السدود..    الأولمبي الباجي أمل جربة ( 2 1) باجة تعبر بعناء    انطلقت أشغاله الميدانيّة: التعداد السكاني دعامة للتنمية الاقتصادية    فيديو وصور يوثّقان المشاهد الأولى لحطام طائرة الرئيس الإيراني    تونس تقدم التعازي في وفاة الرئيس الايراني    الاهلي المصري يعلن اصابة علي معلول بقطع جزئي في وتر اكيلس    هذه الدولة تعلن يوم حداد على وفاة الرئيس الإيراني..    دول إفريقية مستعدّة لتنظيم عودة منظوريها طوعيا من تونس    فقدان 23 تونسيا في سواحل قربة ما القصة ؟    %70 معاملات في السوق الموازية.. قانون جديد لتنظيم التجارة الالكترونية    سمير ماجول : ''القطاع الفلاحي هو مستقبل البلاد''    بينهم زعيم عربي.. زعماء دول قتلوا بحوادث تحطم طائرات    هذه أول دولة تعلن الحداد لمدة 3 أيام على وفاة الرئيس الايراني..#خبر_عاجل    استدعاء ثلاثة لاعبين لتشكيلة البرازيل في كوبا أمريكا واستبدال إيدرسون المصاب    تونس تتوج ب 26 ميداليّة في المسابقة العالميّة لجودة زيت الزيتون في نيويورك    تحذير من موجة كورونا صيفية...ما القصة ؟    القصرين : الوحدات العسكرية تشارك أبناء الجهة احتفالاتها بالذكرى ال68 لإنبعاث الجيش الوطني التونسي    نهائي "الكاف": حمزة المثلوثي رجل مباراة الزمالك ونهضة بركان    اليوم انطلاق عملية تحيين السجل الانتخابي    التوقعات الجوية لهذا اليوم الاثنين 20 ماي..    المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسيدي بوزيد تستعد للموسم الثقافي والصيفي 2024    من هو المرشح الأول لخلافة الرئيس الإيراني؟    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَن الذي سيملأ فراغ سقوط (الشرعيات) في يناير القادم؟ : د/إبراهيم ابراش

كقانون عام في الماضي كما الحاضر وسواء كنا أمام مجتمعات متقدمة أم متخلفة مستقلة أم خاضعة للاستعمار ...حيث يكون شعب يجب أن تكون قيادة ونخبة سياسية بغض النظر عن شرعيتها.السلطة دائمة الوجود سواء كانت وطنية أو سلطة احتلال،ديمقراطية أو استبدادية الخ ،فيما الشرعية ليست كذلك،لذا فالصراعات والمشاكل السياسية لا تدور حول السلطة والقيادة من حيث مبدأ الوجود بل حول شرعيتهما ومشروعيتهما ،الصراع يدور حول حق من يتولى السلطة أو يتطلع لتوليها في ذلك .
الشرعية تتسم بالنسبية ،مفهومها ومصدرها ومشروعيتها أمور تختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر وحتى داخل المجتمع الواحد يتغير مفهوم الشرعية أحيانا من حكومة لأخرى وخصوصا عند المنعطفات والأحداث السياسية الكبرى.في غالبية الأنظمة وخصوصا الديمقراطية والمستقرة تستمد النخب والقيادات شرعيتها من انجازاتها الراهنة ورضا الشعب المعبر عنه عبر صناديق الانتخابات أكثر من استمدادها من شرعية دينية مزعومة أو شرعية تاريخية تآكلت مع الزمن،أما إذا كان الشعب يعيش مرحلة التحرر الوطني ولا يخضع لسلطة سيادية ودولة وطنية يصبح لمفهوم السلطة والشرعية معنى آخر والانتخابات لا تكون المصدر الوحيد للشرعية،هذا إن وجدت الانتخابات أصلا كما يكون للشرعية الدولية حضورا ملحوظا.
لا تُطرح مسألة الشرعية في مرحلة الاستقرار السياسي وعندما ترفع القيادات والنخب من شأن شعوبها وتكون صانعة انتصاراتها الحقيقية أو المعنوية ،أما في المنعطفات المصيرية في حياة الشعوب حيث تتزاحم القضايا وتتداخل مع بعضها البعض و تختل الثوابت والمرجعيات أو تصبح محل تساؤل وتفرز الحالة السياسية ما شئت من الأيديولوجيات والقيادات السياسية ويصبح من السهل على كل من هب ودب أن يتنطع للزعامة والتحدث باسم الأمة والمصلحة الوطنية وتبتلي الشعوب بنخب سياسية لا تكون أمينة على مصالح الأمة ولا حريصة على الرفع من شانها،وعندما تصبح القضية الوطنية ومصير الأمة في بؤرة الخطر،في هذه الحالة تبرز مسالة الشرعية بحدة.وعليه فمفهوم الشرعية غير ثابت ومن حق الشعوب أن تعيد النظر في علاقاتها ونظرتها لقياداتها ونخبها وخضوعها لها وبالتالي بشرعيتها انطلاقا من ممارسات القيادة والنخبة ومدى التزاماتها بالمبادئ التي رفعتها وكانت سببا في وصولها للسلطة ، وفي جميع الحالات فلا شرعية أو مشروعية لقيادة إلا إذا كانت أمينة على الحقوق والمصالح الوطنية وأفضل وأقوى الشرعيات هي المؤسسة على التوافق والتراضي بين مكونات المجتمع والنظام السياسي.
.
هذه الحالة المهددة للثوابت والمرجعيات والشرعيات لا يمكن الخروج منها عن طريق الانتخابات وحدها كما يريد البعض في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير وقد رأينا نتائج انتخابات يناير 2006 ،فالانتخابات غير المسبوقة بالتوافق والتراضي على الثوابت والمرجعيات لن تخرج النظام السياسي من مأزقه، كما لا يمكن حل مشاكل النظام السياسي والخروج من المأزق الراهن عن طريق الحسم العسكري كما فعلت حركة حماس مع معارضيها السياسيين بدءا من حركة فتح مرورا بجيش الإسلام ثم نصفية أنصار جند الله في رفح،بالطريق الذي لا محيد عنه إن كنا نريد تجنب الوصاية والتدخل الولي الذي يلوح بالأفق هو طريق التفاهم والتراضي والمصالحة الوطنية بالرغم من كل ما يكتنف هذه المصالحة من صعوبات.
إن فشل المصالحة الوطنية ونهج التوافق والتراضي - وهو الأكثر احتمالا على الدمى القريب- سيؤدي لاستمرار حالة الفصل بين غزة والضفة ودخول القضية الوطنية في نفق مظلم ، وإن جرت انتخابات في ظل الفصل فستؤدي لتعزيز عملية الفصل بغض النظر عن نتائج الانتخابات والفائز فيها. حلول بوم 25 يناير دون تحقيق المصالحة سيؤدي لإسقاط الشرعية عن الحكومتين والسلطتين .حكومة حركة حماس في غزة ستصبح بدون شرعية دستورية ،ومع استمرار التزامها بالهدنة غير المعلنة مع إسرائيل ستفقد أيضا شرعيتها كحركة مقاومة أما شرعيتها الدينية المزعومة فيمكن لأي جماعة أخرى أن تدَّعيها ،وبالتالي ستواجه حركة حماس وسلطتها مزيدا من حالات التمرد من قوى دينية وقوى وطنية بل ستواجه انشقاقات داخلها سترد عليها بمزيد من القمع والإرهاب مما سيحولها لسلطة قمعية إرهابية بنظر عديد من دول العالم الأمر الذي سيؤدي للتدخل الدولي في قطاع غزة.أما في الضفة الغربية فستنتهي ولاية الرئيس أبو مازن كرئيس للسلطة في نقس التاريخ –يناير 2010- وبالتالي ستفقد الحكومة في الضفة شرعيتها حيث رئيس السلطة حتى الآن هو مصدر شرعيتها الوحيد –إلا إذا تم إخراج منظمة التحرير من غرفة الإنعاش وخصوصا المجلس المركزي وجعل هذا الأخير مرجعية الحكومة لأن الحكومة جزء من السلطة والسلطة قامت بقرار من المجلس المركزي –، استمرار الانقسام وفشل المصالحة سيجعل السلطة والحكومة في الضفة أعجز من أن يفرضا شروطا لعودة المفاوضات والتسوية على أسس مشرفة مما سيدفعهما لأحد خيارين أحلاهما مر:إما العودة للمفاوضات في ظل استمرار الاستيطان الصهيوني مما سيؤدي لمزيد من سرقة الأرض في الضفة وتهويد القدس ومنح شرعية للأنشطة الاستيطانية وتهويد القدس وهو ما سيُفقد السلطة والحكومة شرعيتهما ومصداقيتهما ويحولهما لأداة تخدم إسرائيل،أو أن ترفض السلطة العودة للمفاوضات وهذا ما سيطلق يد إسرائيل لاستمرار سياستها الاستيطانية،كما أن استمرار وقف التفاوض بذريعة استمرار الاستيطان قد يدفع الإدارة الأمريكية لطرح مبادرة جديدة للتسوية ولكنها ستبنى على واقع الفصل بين غزة والضفة وعلى الجدار العنصري كأمر واقع.
يوم 25 يناير القادم وفي حالة عدم حدوث مصالحة وطنية ستفقد كل سلطة دستورية فلسطينية قائمة شرعيتها-رئيس السلطة والحكومتان والمجلس التشريعي والكتل البرلمانية – كما ستفقد الأحزاب والفصائل شرعيتها الجهادية حيث لم يعد هناك مقاومة حقيقية،مما سيفسح المجال لأجواء صراعات دامية في كل مناطق السلطة وستمتد لخارجها وخصوصا في مخيمات لبنان،الأمر الذي سيضفي شرعية على أي تدخل أو وصاية دولية حتى وإن لم تكن بمستوى طموحات الشعب،ولكن هذا التدخل سيأتي بعد أن تستكمل القوى السياسية الفلسطينية دورة التدمير الذاتي وتستكمل إسرائيل مشاريعها الاستيطانية .
‏19‏/08‏/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.