رئيسة المجلس الوطني لعمادة الأطباء تشدد على ضرورة الحصول الأطباء على ترخيص مسبق قبل أي ظهور إعلامي    جندوبة: الفرع الجهوي للمحامين يطالب بتحسين ظروف العمل واحداث دائرة جناحية ثالثة لتفادي الاكتظاظ وتراكم الملفات    قابس: نسبة إشغال الوحدات السياحية بطماطة وتوجان وتمزرط تتخطّى ال90 بالمائة بمناسبة العطلة المدرسية ورأس السنة الادارية    عاجل: الإمارات تنسحب من اليمن    وليد الركراكي: "من الآن فصاعدا كل المباريات ستكون بمثابة نهائي"    النادي الافريقي يفوز وديا على البعث الرياضي ببوحجلة 3-1    مباراة ودية: فوز النادي الصفاقسي على نادي محيط قرقنة 2 - 1    بالفيديو: أمطار غزيرة مع تبروري في بنزرت    عاجل: تفاصيل توقيت عمل مكاتب البريد غدوة    وزارة العدل: دورة تكوينية لرقمنة وحوكمة التصرف في أسطول العربات    ارتفاع معدل البطالة في تركيا    عاجل/ أحكام بالسجن بين 30 و40 سنة في حق هؤلاء..    إعطاء الطفل هاتفاً قبل هذا العمر مضر جداً.. دراسة تفجرها وتكشف حقائق خطيرة..    تنظمها سفارة إيران عشية اليوم: رهان تحرير القدس محور ندوة فكرية    عاجل: هذا موعد الأيام البيض لشهر رجب    ميزان الدفوعات في أفق 2026: استراتيجية لتعزيز الاستقرار المالي والصمود الاقتصادي    سحابة شمسية قوية تصل الى الأرض ليلة راس العام: علم الفلك يكشف التفاصيل    الفوترة الإلكترونية في تونس: خطواتك باش تكون في السليم    هل تحارب الفوترة الإلكترونية الاقتصاد الموازي أم تعمّق أزمة المؤسسات؟    شركة عجيل تنتدب عدّة إختصاصات: سجّل قبل 20 جانفي 2026    عاجل/ في أول تصريح لها: والدة الطفلة التي دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير تكشف..    حمام الأنف: الكازينو التاريخي باش يترمّم ويرجع يلمع من جديد ...شوفوا التفاصيل    عاجل: هذه القناة العربية مفتوحة مجانية لنقل ماتش تونس تنزانيا    على هامش اشغال اللجنة المشتركة التونسية السعودية ، وزير الإقتصاد يجري لقاءات ثنائية    علاش نحسّو شهر ديسمبر طويل؟    عاجل: فطر قاتل مقاوم للدواء ينتشر في 61 دولة ويهدد الصحة...شنوا الحكاية ؟    كونكت تطالب وزارة التجارة بتخفيض سعر القهوة وتحذّر من سيطرة المهربين على القطاع    تونس تحدّد سقف الفوائد على القروض الصغيرة: شنوا يعني هذا للمواطن؟    جلسة عامة في البرلمان للنظر في عدد من مشاريع القوانين    السجن لمنفذ عملية "براكاج" لطالبة..وهذه التفاصيل..    خلال حملة مراقبة: حجز 100 خبزة مرطبات بهذه الولاية..#خبر_عاجل    أفلام عربية متفوّتهاش ليلة رأس العام    هذه هي فرص نسور قرطاج للتأهل إلى ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا 2025    عاجل: شهر رمضان يتكرر للمرة الثانية في عام واحد    تونس من بين الدول المعنية به..تعرف على موعد أطول حالة ظلام دامس بالأرض خلال قرن..    كاس امم افريقيا (المغرب 2025) : برنامج مقابلات اليوم الثلاثاء    عاجل/ بعد فضيحة اللحوم الفاسدة التي تم توريدها..الملف يحال الى القضاء والرابحي يفجرها ويكشف..    المسدي تنشر إجابة رئيسة الحكومة في ملف الصحفيين القطاري والشورابي    حضور مميز لمندوبية التربية بجندوبة في احياء الخط العربي    عاجل/ خلال لقائه وزير الفلاحة ومدير ديوان الزيت: رئيس الدولة يدعو للتصدي لهؤلاء..    كأس أمم اقريقيا: شوف شكون ضدّ شكون اليوم ووقتاش    عاجل : وفاة أول امرأة تقود بنغلاديش خالدة ضياء عن 80 عاما    غارات وقصف مدفعي على مناطق مختلفة من غزة    ابرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير النقل..    راس العام في الدار؟ هذي أفلامك باش تضحك وتفتح العام الجديد بالفرحة    ڤريب الشتاء: كيفاش تتعدى، قدّاش يدوم، ووقتاش يلزم تمشي للطبيب؟    سامي الطرابلسي: سنواجه تنزانيا من أجل الفوز وليس التعادل    «صاحبك راجل» في القاعات المغربية    ترامب: "حزب الله" يتعامل بشكل سيئ وسنرى ما ستسفر عنه جهود نزع سلاحه    حفل زفاف تيك توكر شهير يتحول لمعركة في مصر    الضحية طبيب نفسي تونسي مشهور في فرنسا .. يقتل والده ويدفنه في حديقة المنزل    طقس الليلة    بقرار قضائي.. هيفاء وهبي تعود إلى الغناء في مصر    الدورة 40 لمعرض تونس الدولي للكتاب: تواصل قبول الأعمال المرشحة لجوائز الإبداع الأدبي والفكري وجائزتي النشر إلى يوم 30 جانفي 2026    وزير التربية يعلن 2026 سنة مطالعة    رياض دغفوس : المتحوّر "K" المتفرّع عن فيروس H3N1 لا يشكّل خطورة أكبر من غيره ويجب الالتزام بالإجراءات الوقائية    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدل حول طرد طارق رمضان من جامعة إيراسموس الهولندية: طرد من الحياة الأكاديمية
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 09 - 2009

أثار قرار طرد المفكر الإسلامي طارق رمضان، الذي يعد من أشهر المفكرين المسلمين في أوروبا، من مجلس مدينة روتردام وجامعة إيراسموس الهولنديتين، جدلاً كبيراً. الجامعة عللت قراراها بعمل رمضان لصالح قناة تلفزيونية إيرانية. ديرك شومر يعرض تفاصيل هذا الجدل.
هل يُسمح لمثقف أوروبي بالعمل لصالح التلفاز الإيراني؟ لقد قام عالم الاجتماع المثير للجدل طارق رمضان، الذي يعتبر من دعاة تحديث الدين الإسلامي في المجتمعات الغربية، بهذه المحاولة الصعبة. ومنذ عام 2007 يعمل رمضان في جامعة إيراسموس في مدينة روتردام الهولندية كأستاذ زائر لتدريس "الهوية وروح المواطنة" وقدم المشورة لمؤسسات مدينة في الكثير من القضايا المتعلقة بالتنوع الثقافي. وفي الوقت نفسه قدم من أحد استوديوهات العاصمة البريطانية لندن برنامجاً حوارياً لصالح محطة "بريس تي في"، وهي محطة تلفزيونية تبث برامجها باللغة الانجليزية، وتمول بشكل تام تقريباً من قبل الحكومة الإيرانية.
أما الآن فلا يستطيع رمضان، الذي يحاول مد الجسور بين المسلمين والمجتمعات الغربية، الاستمرار في أحد العملين على هواه، فقد قررت مجلس إدارة الجامعة الهولندية وإدارة بلدية مدينة روتردام الأسبوع الماضي طرده بدون سابق إنذار، الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً.
من جانبهم يصر العديد من الكتاب المنتقدين للإسلام على وصف طارق رمضان، الذي ترعرع في سويسرا ويعد أحد أحفاد مؤسس حركة الأخوان المسلمين في مصر حسن البنا، على وصفه كرمز للإسلاموية المقنعة. الكاتبة الفرنسية العلمانية كارولين فورست اتهمته في كتابها "الأخ طارق"، بالازدواجية، وترى أنه في الوقت الذي يهاجم فيه أمام المسلمين ضد انحلال الغرب، يدعو في الغرب إلى السلام. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد أعتبر الكاتب الأمريكي بول بيرمان، الذي يحسب على الصقور الليبراليين، تكريم طارق رمضان الرفيع من قبل الكاتب الهولندي إيان بوروما نموذجاً للتسامح الذي يقود إلى تدمير الذات. من جهة أخرى يتمتع رمضان منذ عام 2005 بصفة باحث زائر في كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد، التي تعد حقلاً من حقول العالمية المتنورة. أما دار نشر هيردر الكاثوليكية فقد نشرت منذ زمن طويل سيرة حياته، ولاقت نجاحاً كبيراً.
تسامح النخبة في روتردام
لم تتعرض جامعة إيراسموس إلى عمل رمضان التعليمي بشيء، لكنها أوضحت بشكل جلي أن الأمر يتعلق بالاتصال المباشر بنظام مازال يمارس البطش الدموي "بحق العديد من مواطنيه والطلبة بشكل خاص" منذ الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ولهذا السبب ترك العديد من العاملين وظائفهم في محطة بريس تي في. ولأن رمضان يريد الاستمرار في عمله كمقدم لبرنامجه، بات عمله الصحفي يعتبر دعماً لنظام أحمدي نجاد الدموي. أما رمضان، الذي انتقد بشدة البطش بمظاهرات الطلبة في إيران، فيؤكد على الطابع الحر الذي يتمتع به برنامجه. ويقول رمضان إن العديد من "غير الدينيين وحاخامات اليهود ونساء لا يضعن الحجاب" كان بإمكانهم طرح عن آرائهم في البرنامج، وإن المهام التحريرية غير مرتبطة بالسلطة الإيرانية. كما يصر رمضان، الذي يذكر ساخراً بالتبادل التجاري المزدهر بين إيران وهولندا، على خطته المتعلقة بالتحديث التدريجي للمجتمعات الإسلامية. ويوضح أن "الاختلاف في الرأي يوضح الكثير عن الوضع المثير للقلق الذي تعاني منه السياسة الهولندية بشكل يفوق ما يقوله شخصي أنا".
ويتحدث رمضان هنا عن مدينة روتردام بالذات، المدينة المتعددة الاثنيات ومدينة السياسي اليميني بيم فورتوين الذي قٌتل رمياً بالرصاص عام 2002. تلك المدينة التي كان يجب أن تصبح وفق خطط الائتلاف الحاكم نموذجاً لتعايش جديد لكل اثنيات الهولنديين وأعراقهم..
إن تعيين الاشتراكي الديمقراطي ذي الأصول المغربية أحمد أبو طالب عمدة لهذه المدينة كان عنواناً عريضاً للكثير من صحف العالم، لكن هذه الخطوة التي ينتقدها اليمين جعلت من الصعب على المدينة أن تسمح ببقاء طارق رمضان: فعلى عمدة المدينة المسلم ألاّ يتسامح مع الأشخاص الذين يثيرون الشبهات. ومن الطبيعي إن يرحب حزب الحرية المعادي للإسلام والذي يقوده خيرت فيلدرز بخطوة طرد رمضان واعتبرها خطوة جاءت متأخرة. كما لم يتوان العديد من الصحفيين والمعلقين المعروفين، مثل آفشين إليان، عن مهاجمة رمضان منذ شهور لأسباب عدة، منها رفضه للمثلية الجنسية. ويرى إليان "في الدعاية ضد إسرائيل أولى أولويات محطة بريس تي في"، وهو ما يدعو إليه رمضان باعتباره عميلاً للحركة السلفية.
صدمة بين أساتذة الجامعة
ولم يعد الآن الطرد الفوري لأحد الأساتذة الجامعيين في احدى الجامعات الهولندية بالأمر الهين، إذ إن هولندا البرجوازية-المتسامحة استضافت ذات يوم علماء مثل رينيه ديكارت، حين كانت الأنظمة الرجعية في باقي الدول الأوروبية تلاحقه. كما كانت أمستردام بمطابعها قبل مرحلة التنوير وخلالها ملاذاً آمناً لكل الآراء المخالفة، وبشكل خاص في المسائل الدينية. وجامعة إيراسموس تعكف في فهمها على استمرارية هذا التقليد المتأتي من التسامح الهولندي.
ألم يحدث قبل أقل من سبعين عاماً أن فضّل الأستاذ المسن والمشهور عالمياً يوهان هويزينغا في جامعة لايدن السجن الألماني على القبول بطرد زملائه اليهود من قبل المحتلين النازيين؟
. إن مثل هذه الذكريات تعود إلى الذاكرة، حين يحتج اليوم عشرون أستاذاً جامعياً في جامعة إيراسموس في رسالة مفتوحة بشدة على طرد رمضان. إنهم يذكرون بعمل تعليمي صلب الأساس و"بطلبته المتحمسين"، كما يذكرون بأن مجلس الإدارة ليس له صلاحية توجيه النقد الضمني. ويقول الأساتذة في رسالتهم المفتوحة إن هذا الإجراء يتعارض مع الحرية الأكاديمية، ويضيفون بالقول: "إن على الجامعة أن تتحمل مسؤوليتها في حماية الجدل بحرية".
والآن فقد فشل طارق رمضان أذن في تنفيذ مشروعه الرامي إلى تحديث الإسلام في هولندا هي الأخرى، بعد أن مُنع من الدخول إلى الولايات المتحدة باعتباره "صديقاً للإسلام" وإلى أغلب الدول العربية باعتباره "عدواً للإسلام". كما أنه يعد من الأشخاص غير المرحب بهم في الصين بسبب دعمه للدالاي لاما.
وبينما يُهاجم طارق رمضان من قبل الأصوليين الإسلاميين بسبب رفضه لعقوبة الإعدام ولتحريف تفسير بعض آيات القرآن، فقد أُنهي عمله التعليمي في دولة لها السبق في مجال التعددية الثقافية، ليس من قبل المتعصبين، وإنما من قبل سلطة متسامحة، كانت هي نفسها من وجه إليه الدعوة سابقاً.
ويحق لرمضان إذ يقول: إن كل هذا ناتج عن توتر الغرب الكبير في التعامل مع الإسلام. لكن الأمر لا يخلو في الوقت نفسه من أن يكون عارضاً من عوارض الواقع اللاديمقراطي الذي يهيمن على الدول الإسلامية، والتي تجلب الضرر على كل من يتعامل معها.
ديرك شومر
ترجمة: عماد مبارك غانم
حقوق الطبع: فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ/ قنطرة 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.